الديوان » رافع آدم الهاشمي » دَقِّقْ وَ حَقِّقْ ثــُمَّ أَمعِن الْنَظَرْ

هِيَ الحياةُ قَدْ أَغاضَتِ الْحَجَـرْ

مَليئَةٌ بهَا الأَفاعي وَ الْحُفَرْ

فيهَا الشُرورُ وَ السُرورُ ذا مَعاً

فيهَا الشجُونُ وَ البُكَاءُ وَ العِبَرْ

حَياتُنا كَرِحلَةٍ سَتَنتَهي

وَ نستَجيبُ طَائِعينَ لِلقَدَرْ

كأَنــَّها كَانتْ كَبرقٍ وَ اختَفَى

كَنَسمَةٍ مَرَّتْ سَريعاً في سَحَـرْ

ضِياؤهَا مُخادِعٌ فإِنْ أَتى

أَحَالَ الصُبحَ ليلاً طَافَ وَ انتَحَرْ

تُرِينا أَنَّ زَيفَهَا هُوَ الْمُنى

وَ دَمعُ العَينِ في الْمَساءِ كَالْمَطَرْ

فَلا نرى غيرَ الضَبَابِ لَو نرى

وَ تَختَفي كُلُّ الزُهُورِ وَ الْشَجَرْ

يُصَابُ سَمعُنا إِذ ذاكَ إِنْ غَدَا

زادَ الْضَبَابُ قُوَّةً حِينَ انتَصَرْ

وَ لا نرى غيرَ الظَلامِ دَامِسَاً

بفَقدِنا نورَ الحَياةِ في الْبَصَرْ

وَ نصحُو إِن صَحونا حِينَ نشتَكي

ببيدٍ مِنْ شقاءٍ ظَلَّ في ضَجَـرْ

فَلا تَثِقْ بهَا إِيَّاكَ أَي صَاحِبـي

وَ كُنْ بهَا على الدَوَامِ في حَذَرْ

وَ اذكُرْ لهَا مَنْ كَانَ فيهَا قبلُنا

ثوَى بهَا تَحتَ التُرابِ وَ اعتَصَرْ

غَدَا مِنْ بَعدِ عُمْرٍ كَانَ قَدْ مَضَـى

وَ ظَنَّ أَنَّ الْمَوتَ يَومَاً مَا اقتَـدَرْ

فَمَا اِستَطَاعَ دَفعَ الْمَوتِ مُذ أَتـى

ثــُمَّ استَفَاقَ في الْقُبُورِ وَ انحَشَرْ

فَلا رأَى غيرَ الرؤى سَرابُهَـا

قَدْ زَالَ بعدَ ضَغطَةٍ حِينَ انتَشَرْ

رأَى مِمَّا رأَى الْعُجَابَ عِندَهَا

فَمَا استَطَابَ مَهْرَبَاً ثــُمَّ انفَجَرْ

وَ في يَومِ الْحِسَابِ وَلَّى سَاعياً

مَعَ الأَنامِ نحوَ خُلْدٍ مُستَقَرْ

فإِمَّا أَنْ يَرى الأَعبَاقَ وَ الْنَـدَى

وَ إِمَّا أَنْ يَكونَ دَوْمَاً في سَقَرْ

فإِنْ أَطعنا اللهَ فيهَا جاءَنـا

خيراً بيومٍ يُستَغاثُ مِنْ خَطَرْ

إِنــِّي اِختَبَرتُ سُمَّها فَرَابَنـي

وَ لَمْ أَكُنْ بهَا يوماً كَمَا الأَشَرْ

بَلْ اِستَزَدّتُ قُوَّةً وَ حِكمَةً

وَ سِرْتُ في طَرِيقِ الْخَيرِ ذو الأَثـرْ

وَ قَدْ عَلِمْتُ مُذ عَرِفتُ أَمرَهَا

بأَنــَّنا بهَا نَسيرُ في سَفَرْ

كُلُّ الليالي قَدْ أَتى ظَلامُهَـا

لَمَّا الضَياءُ غَابَ قَسْرَاً وَ اندَحَـرْ

فَهَلْ تَرَى بهَا مَا ليْسَ يَنفَنـي

أَوْ قِيلَ أَنَّ مَنْ بهَا لا مَا احتَضَـرْ؟!

كُلٌّ سَيَمْضِي مُرْغَمَاً نحوَ الفَنَـا

لا فَرْقَ بينَ البَدوِ قَطْعَاً وَ الْحَضَـرْ

رَحِيلُ الْخَلْقِ سُنَّةٌ جَرَتْ بــِنَـا

وَ هَذا الأَمرُ قَدْ سَرَى لا مَا اندَثـرْ

وَضيعُنا شَريفُنا أَمِيرُنـا

كُلٌّ يَموتُ مُجبَرَاً فَلا مَفَرْ

حُكْمُ الإِلَهِ قَدْ مَضَى وَ قَدْ قَضَـى

بالموتِ حَتماً للجميعِ وَ الغَجَـرْ

فإِنْ بَدَتْ لكَ الأَوهَامُ مَا عَكسَهَـا

بَدَا إِذ ذاكَ كُلُّ شَرٍّ قَدْ شَجَـرْ

وَ إِن بَدَا بقَيعَةٍ سَرابُهَـا

هَوى حَزيناً باكياً وَ قَد عَقَرْ

فَلا تَكُنْ مِمَّنْ سَعَى نحوَ الـرَدى

وَ عَاشَ الْعُمْرَ غَافِلاً على بطَرْ

كَفى بالطَفِّ تذكاراً لِمَنْ وَعـى

لكَي نكونَ في طَريقِ مَنْ شَكَـرْ

وَ كَانَ في صَلاةٍ الليلِ ذا سَاجداً

يُناجي اللهَ إِنْ أَتاهُ مَا كَـدَرْ

إِنــِّي رَضِيتُ بالْهُدَى وَ بالتُّقَـى

وَ بالرِضَا خيرَ الطَريقِ لاَ وَزَرْ

مَنْ لي سِوى اللهُ الإِلَهُ خَالِقـي

جَلَّ الإِلَهُ خَالِقاً كُلَّ القَفَرْ

أَسعَى بحُبٍّ صادِقٍ نحوَ العُلا

وَ أَستَجيرُ بالإِلَهِ لا البَشَـرْ

فإِن أَردتَ أَنْ تكونَ فائـزاً

دَقِّقْ وَ حَقِّقْ ثــُمَّ أَمعِنِ الْنَظَرْ.

 

إِهداء قصيدة دَقِّقْ وَ حَقِّقْ ثــُمَّ أَمعِن الْنَظَرْ:

إِلى واجب الوجود..

إِلى الموجِد لكلِّ موجود..

إِلى مَن ليسَ كمثلهِ شيء..

إِلى خالق الضوء وَ الفيء..

إِلى مَنْ هُوَ: هُوَ..

إِلى مَن ليس غيره هُوَ..

إِلى مَن خلقني مِن العَدَم..

إِلى مَن ركّبنَي مِن لحمٍ وَ دَم..

إِلى الّذي ليسَ لي معبودٌ سواه..

إِلى الّذي أُحِبُّهُ وَ أَهواه..

إِلى خالقي وَ إِلهي وَ رَبِّي وَ سَيِّدي وَ مولاي، ربِّ العالمين: (الله) تقدَّسَتْ ذاتُهُ وَ تنزَّهَتْ صِفاتُهُ؛ تعبيرَاً عمَّا أَكنُّ لَهُ مِن حُبٍّ خالصٍ خالطَ حشايا الفؤاد؛ لا طمعاً في جنَّةٍ، وَ لا خوفاً مِن نارٍ؛ إِنــَّمَا وجدَّتُهُ حَبيبَاً يستحقُّ الْحُبَّ بمعناهُ الأَصيل، في زمنٍ أَصبحَ فيهِ الْحُبُّ حاجةً وَ ليسَ اختياراً قَطّ!

 

توثيق:

قصيدةٌ شعريَّةٌ عموديَّةٌ فصيحةٌ تتأَلَّفُ من (37) سبعٍ وَ ثلاثين بيتاً، انتهيتُ من نظمها في تمام السَّاعة الـ (9) تاسعة وَ الـ (45) خمسٍ وَ أَربعين دقيقة مساءً، بتاريخ يوم الاثنين المصادف (8/ محرّم/ 1438هـ) الموافق (10/10/2016م).

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن رافع آدم الهاشمي

رافع آدم الهاشمي

25

قصيدة

رافع آدم الهاشمي: كاتب عراقي مولود في بغداد سنة (1974)، باحث، شاعر، محقق، أديب، سيناريست، متخصص في إدارة الأعمال و تطوير المشاريع التجارية و تنمية الموارد البشرية و علوم اللغة العربيَّة و ال

المزيد عن رافع آدم الهاشمي

أضف شرح او معلومة