الديوان » بشر شبيب » ليتني أحببتك

بين اليدينِ يسيلُ وجهٌ من غمامٍ
تشرقُ الأشياءُ
تنثرُ للحياةِ عبيرها
ويفيقُ نهرٌ من نبيذٍ بيننا 
ويطيرُ عصفورٌ، 
وعصفورٌ يحطُّ على يديكِ
من أجلِ هذا ليتني أحببتكِ
 
وسرحتُ أبحثُ عن سجائرَ لا تضرُّ القلبَ
أبحثُ عن قميصٍ واسعٍ للصيفِ، أزرقَ
لا يشدُّ الشمسَ نحوي
أشتري لوحًا من الشوكولا وأكملُ رحلتي
وأرى بصدري نقطةً حمراءَ 
أعرفُ حينها أني رجعتُ أحنُّ يا قمري إليكِ
من أجلِ هذا ليتني أحببتكِ
 
ينمو البنفسجُ في ثيابِ الأغنياتِ
وبين أثداءِ الصبايا.. 
والكؤوسُ تداعبُ الليلَ الطويلَ 
تمرُّ من فوق الشفاهِ وتنحني
والراقصون على السجاجيدِ الأثيرةِ 
يضحكون ويشتمون.. 
وكان صوتٌ غارقٌ في الصمتِ 
ينحتُ في شجوني
يرمي فؤادي مثل خاتمِ فضةٍ صدئٍ بميناءٍ
فأصبحُ نجمةً تغتالُ أجملَ ما لديكِ 
من أجلِ هذا ليتني أحببتكِ
 
ساعي البريدِ ينفّضُ اللاشيءَ
ينفخُ في الهواءِ دخانهُ
والمركبُ المهجورُ ينتظرُ المغيب
وجارتي الصهباءُ لا زالتْ على العهد القديم
تراقبُ الغرباءَ من خلفِ الستارِ
وتشتهي ولدا يشاركها ارتعاشَ سريرها
والناسُ مقتنعون بالأقدارِ
ينتقلونَ من حزنٍ إلى حزنٍ
وثقبٌ واضحٌ.. 
ضوءٌ خجولٌ من شعاعِ الشمسِ يعبرُ من خلاله
ويصبُّ ألحانًا وموسيقى على قدميكِ
من أجلِ هذا ليتني أحببتكِ
 
يأتي الصباحُ إلى مدينتنا ويرحلُ بعد ساعاتٍ 
يجيءُ الحاكمُ الملكُ السعيدُ إلى مضاربنا 
ليلقي خطبةً عصماءَ عن طرقِ الإياب
وكيف يغدو الاندماجُ ضرورةً قوميةً لا بُد منها
يأتي إلينا ثم يرحلُ بعد ساعاتٍ 
يمرُّ الربُّ في الوقتِ الأخيرِ ويسمعُ الآهات، 
ساعاتٍ ويمضي 
أما مدينتنا فواقفةٌ كبابٍ مغلقٍ في الريحِ، 
لا تحتاجُ من يأتي إليها أو يلمُّ جراحها
تحتاجُ شيئًا واحدًا.. تحتاجكِ
من أجلِ هذا ليتني أحببتكِ
 
وتنامُ إسطنبول مثل الشامِ في صدري
تاريخُ هذا العامِ لا يبدو على التقويمِ لكني 
أحسُّ بدفقةِ الأيامِ والبسطاءِ تملأني
عصافيرٌ تهاجرُ.. ثُمَّ أعشابٌ تموتُ.. 
وباعةٌ متجولون على خليجٍ ناعسٍ
تنمو النوارسُ مثل شاهدةٍ عليهِ
والحبُّ يغفو بين أضلاعي ويصحو
أما فؤادي كان "خيّامًا" 
يفتشُ عن كواكبَ من مجراتٍ 
يقالُ بأن مولِدَها تفتُّقُ ناهديكِ
من أجلِ هذا ليتني أحببتكِ
 
عامانِ مكتملانِ كانا بيننا
وبلادُ أمي، والقصائدُ، والفساتينُ القصيرةُ، 
والحواراتُ التي اعتدنا عليها.. بيننا
وصدى حضوركِ، دهشةُ الأسماءِ،
وجهكِ الآتي من الليمونِ حينَ يشدني مني
متى حاولتُ أن أنجو 
ويرميني عليكِ
من أجلِ هذا ليتني أحببتكِ
 
أيلول يخزنُ حزنهُ في داخلي 
بيني وبينكِ خمسُ ساعات
ولدنا عامَ لم نرغب بذلك، 
كان صوتُ البحرِ يشبهُ
لوحةَ الرسامِ فان غوخ، 
وصمتَ الياسمين 
وأنتِ مثل وجهِ اللَّهِ زاهيةٌ وراء ستارتينِ
ستارة الحمّام والمنفى، 
تطوفُ الكائناتُ بصمتها ما بيننا 
وتنامُ مطفأةً على شفتيكِ
من أجلِ هذا ليتني أحببتكِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن بشر شبيب

بشر شبيب

19

قصيدة

شاعر وكاتب صدر له ديوان "نصفها في الشام ونصفها معي". ولد في دمشق عام 1998، وعمل صحفيا في العديد من المؤسسات الإعلامية.

المزيد عن بشر شبيب

أضف شرح او معلومة