مقدمة: اسـتضافـت الحورية كاليبسو، ملكة جزيـرة أوجيجي، أوديسيوس بعد غرقـه في البحر، وهامت به وعشقته وحاولت طيلة سـبع سنوات أن تجـعـله ينسى حبـيـبته بينولبي التي تـركها في بلده. كانت كاليبسو تـسكن في مغارة عجيـبة محاطة بغابات الحور والسرو، ومزيـنة بالـدوالي المثـقـلة بعـناقـيد العـنب وتنفجر منها أربع عيون من المياه العذبة الباردة. وعرضت ملكة الجزيرة أن يـتمتع بالخلود إذا بقي معها، لكن حبه لبـيـنولبي ووفاءه لمملكته بقي ساكنا في شغاف قـلبـه. فكان يقضي أيامه يتأمل في الشاطئ والبحر، ويمـسـح دموعه. تـأثر زيوس بما يحـدث لهذا الغـريب فأرسل رسوله هيرمس منزلقاً على الموج والهواء بواسطة الصنادل السحرية وهي نوع من الخشب إلى جزيرة كاليبسو من أجل أن يطلب من كاليبسو إطلاق سراح أوديسيوس وأن تجعله حراً فى الرحيل إلى وطنه. وافـقـت الحورية كاليـبسـو على ما يطلبه المبعـوث رغم ما تـشعر به من حبٍّ وشغـف.
قصيدة: كوني لي يا كاليبسو الحزينة
كوني لي يا كاليبسو الحزينة؛ وأمطريني بالأحزان حاولتُ كثيراً أن أنساكِ ولكن ما استطعت النسيان دعي شلال شعركِ الماسيّ يهطل فوق وسائد الحرمان وامنحيني لذة الخلودِ... لو مرةً خذي بيدي لأعماق الجنان! فإني سقيمٌ تائهٌ دون نجمِ ألحاظكِ يضيء لي عتمة الأكوان وإني مشردٌ دون مملكة قبابكِ تشمخُ في وجهي بجبروت البركان تموءُ كالهرةِ، تزأرُ كاللبوةِ، تذبحني في دياجير الظلمةِ كما يجدر أو يحلو لروحِ السطوةِ والطغيان أبداً ما كنت يا مولاتي لأحنّ لما سواكِ من أوطان! أنا لست أوديسيوس لأهجركِ وأمضي لأسكن أسطورةً من أساطير اليونان وليست لي شواطئ إيثاكا لأبكيها سنيناً وأمسح أدمعي دونما أملٍ بمنديل الهذيان ولا حبُّ بينولبي يناديني من قصي المكان ولا طيفها يناجي وحدتي هارباً من دهاليز الزمان أنا رجلٌ منبوذ وخاوي إلم أحترق بتلك الأحضان! وحدك فقط يا كاليبسو الحزينة ما يشعل قلبي بدماء الخفقان وحدكِ فقط ما يطهرني من آثام الوجدان حبكِ لي – لو يوماً أحببتني – سيمحو صورة الوحش من مرآة أشجاني؛ ويرسم على شظايا بلورها الرملي صورة الإنسان. كوني لي يا كاليبسو الحزينة؛ كوني لي وأمطريني بالأحزان.