ما لي حب من حرير ما لي هوى من ندى يموج في لحن الخرير ما لي زمردة من شفيف الأثير ما لي في ظلمة الحياة قنديل منير؛ ملاكٌ يحرسني من هوة السعير! ما لي في حروب الروح حظٌ كثير؛ لاشيء ينقذني من قلبي الضرير! فلا تسألي أيتها الغيوم السوداء فإني سألتُ مذُّ كنت طفلاً صغير: أيتها الأحرف الطاهرة ما لي لا أرى الحق المنير؟! إن حياتي رحلةٌ في الزمهرير؛ سفرُ منبوذٍ في أعاصير الشتاء!
كفؤاد أم موسى كان لي قلبٌ فارغ ٌ حزين كهف لا يكف عن الأنين أنا المثكول في أبتي منذ سنين مازلت أبكي فقده ما لمحت وجهي والناس المتعبين مازلت أغار على قبرهِ من دمع الرياحين؛ من نشيد الغيومِ الماطراتِ… من أشباح الميّتين، والروح ناي من حنين كفؤاد أم موسى أيها القلب الحزين لكن عيني لا تقرُّ كأنّها جرح الشتاء!
أحياناً في وحشة الأحيان أحلم بالفناء لو أن أجنحتي تكون طليقة وسع السماء لرفعت قلبي في يدي أشعلته شمسا يفجرها الهباء ما أكذب الأيام كيف تنكث وعدها وتخونُ عهداً كان يزهرُ بالرجاء؟! ما أقذر الإنسان قدّسَ كذبة الماضي؛ فقد الطريق إلى ربّ السماء! ما أتفه الدنيا مناجم للأسى وحصادها قمح البكاء! ما أتفه الدنيا معاقلُ للغباء؛ دنيئةٌ من دناءتها أساءت للحكماء؛ تافهةٌ من تفاهتها طغى عليها التفهاء!
جلُّ المصيبة، أنَّ الحياة جافتني مثل الحبيبة! جلُّ المصيبة، أني عَوالمٌ نأت عن نفسها مثل الغرباء هل للإنسانِ بعد الضياعِ بصيصٌ من الضياء؟! سأغمض عيني لأبحث عني في ركام الأشلاء آهِ ما أكثر الحروب والأنقاض ها هنا؛ في هذهِ الروح التي احتلَّها الخواء! سأغمض عيني لعل القذى يسقط عني يتلاشى في متاهات الفضاء لربما عثرتُ على كنوزٍ من النيازك والأنواء تشعُ حكمةً على ظلمتي العمياء؛ تمحو بجواهرها اسمي من لائحة الفقراء! جلُّ المصيبة أني عَوالمٌ لا يدركُ سرَّها الغرباء! وكذا يساء فهمي فلا أصنفُ في معجم الأبرياء ليس ثمة وقتٌ كافٍ أيتها الرياح الهوجاء لمعرفة الصدق في أسطورة الشعراء!
جلُّ المصيبة، أنَّ الحياة جافتني مثل الحبيبة! أحياناً في وحشة الأحيانِ أفكر بالنهايةْ؛ لأني أخافُ من سحيقِ الضغينة حيثُ تنعدمُ الهدايةْ! أحياناً في وحشة الأحيان أذكرها في رقصة الأضواء، في الشوارع السريعة، في فوانيس الحان، في الأقمار الغارقة بفضة الأحزان على صفحة البحيرات والشطآن، في بريق الأماسي الباردة، ووهج التبر في سرابات الرمضاء!
أتساءل كيف أمست وكيف أصبحت الآن ما كان أجملها تلك الفراشة؛ أيا ترى أين هاجرت تلك البجعة الحسناء! آه لو ألتقيها ويبوح بالسرّ اللسان: "قسما بالله الرحيم الرحمن ما أحبك مثلي كائن من كان! لماذا وكيف افترقنا يا زهرة الرمان؛ وأمسيتُ من ماضيكِ صفحةً من النسيان؟! تفارقني السعادة، تفارقني الظلال والأشياء، وتلك لعنتي في دهاليز الزمان"...
ما كنت أعلم أن الحنين حكاية الأكوان حبها المحالُ وهمٌ دمر الإنسان قتل السكينة حسنها الفتان تفنى حضارات الإنس والجان في البحث عنها؛ إنها سيرة الفقدان آه لو ألتقيها؛ كحلمّ الشيطان بالجنان! أيان وأين ألتقيها وأنا هامش في اللامكان؛ العظام تشكو غزوَّ الهشاشة والقلاع تنتصب من حولي… بكلّ غطرسة وغرور وكبرياء؛ جحافل جند تناصبني العداء!
عمرٌ مضى وانطفى نجم الضياء عمرٌ مضى وأنا يتيمٌ من أبي وتخونني جثث السنين تلدغ أحلامي كأنها العقارب والثعابين فأحنُّ إلى أبي؛ إلى حصن الأمان مازلت أذكره يا لوعة الفقدان! أنا اليتيم مهما أهرمني الزمان!
عمرٌ مضى واختفى الحبُّ من قلب المكان لكني مازلت أذكرها ما بين حين وحين أبحثُ عن أطيافها في بحيرات الحنين أحياناً في وحشة الأحيان أذكرها فيبتسم الفؤاد في حياء… رغماً عن الألم الدفين… كفؤاد أم موسى كان لي قلبٌ فارغ ٌ حزين…
تمت