كل الطيور هاجرت من شتائي لصيفٍ لن يعود
لا أنت بينيولبي الحزينة
ولا أنا فردوسكِ المفقود
ها أنت أنقضتِ مواثيق الهوى
ما كان يبقيني حراً طليقاً بأسر الوجود!
مواثيقاً كانت ما بيننا دون السوى
كمواثيق الشوك والورود
خطَّت بأحرفِ الدم القاني
بحبر قلبي الحقود
ها أنت خنتِ العهود
ورأيتُ أني بأمّ عينيك مجردُ منكرٍ أو عاشقٍ منبوذ
رغم المثولِ ما بين راحتيك طيراً كسير السنا
أسداً ذبيحاً يعاني… موتاً بلا معاني
يشكو صقيع الحكايا ورياح الصدود
وَجَدْتُني يا قيثارة الندى ممحوًّ من زجاج أحداقك
أيقنت أني غائبٌ من صهيل خيالاتك… من بوح أوراقك
مثل دميةٍ منسيةٍ… مثل مهاجرٍ أبداً لن يعود
ها أنت أتممت نسج النول في فجر إيثاكا البعيد
ونسيت اسمي في فضاءٍ خضبته أنفاس العبيد
أضعتني وأضعتكِ؛ لا أنا أنتِ، ولا أنتِ أنا
وأناخت فوق الصدر المثقل بالأنا
غيومٌ من ضباب الغموم!
العمرُ شيءٌ من ضياع مديد
ولن ألتقيك تحت رماد النجوم
وإن كانت خرائطنا بلا رسم الحدود
إنَّا انشطرنا كخلاياً مسرطنةٍ بالنوى
فافترقت أشباحنا في زوايا الوجود
افترقنا من غير لقيانٍ قبل أن تطوينا اللحود
لن نلتقي تحت عزف الفراشاتِ في حدائق الورود؛
لن ألتقيكِ ذات فجر حطت فوق أجفانه سحب السديم
فيخالكِ القلبُّ الغبيُّ أميرة الجنّ أو ملاكاً رحيم؛
لن أقبل شفتيكِ حدَّ الاحتراق بلسعة الرحيق…
آهِ إني في الهوى كنبي يناجي النجوم… آهِ إني سقيم!
ما عندي بوصلةٌ تهديني إلى صواب الطريق!
آهِ ما تجدي لوعة الحنين والبكا
أو الصلاة تصديةً ومكا
هي الأرضُ ما شفيت من عمورةٍ وسدوم!
هي الأرضُ ما تمسخُ الفتى البريء
تفسد قلبه المكلوم… تصيّرهُ عفريتاً مذموم!
بعض الهوى يسرق أفئدة النور
يتركني في وحدة الديجور
عقلاً مفترساً من شياطينِ الظلمةِ والشرور
يا دمعةً من زهرة الليلك أغفت بأحضان السوى
ما تسلي في وحشة الليل إذا ما انتفضت ثعابين الغوى
تأملاتُ الغريقِ في محيطٍ من مخطوطات الوعود
جلُّ الوصالِ عابرٌ في دورة العمر
زائرٌ ما استلذَّ المقام فهيهات يعود
على شفقٍ من الذكرى
بحرٌ من الآلام مسمومٌ بظلالِ النوارس... ببتلات الورود
أمواجه شرائطُ الأيام تجري هباءً وتترى
تذكرني كيف مرَّ العمرُ وانطفى
قافيةً مقيدةً في طريقٍ مسدود
آه يا زنبقة البحيرات… يا مليكة الورود
كل الطيور هاجرت من شتائي لصيفٍ لن يعود
لا أنت بينيولبي الحزينة
ولا أنا فردوسك المفقود.