لعمري لقد غالت الأيام عزمي و همتي
و لم تبقي من نار الصبى الا قليلُ
امعنت بالانظار في وجلٍ و كل
الذي انجزت هذا اليوم كاد يطولُ
و كل ما في جسدي من عضو و عظمةٍ
اصابه الإبطاء و الأعياء فهو كليلُ
ستون حجة خلت و الآلام تسري
و هذي غضون الوجه فيها شاهدٌ و دليلُ
هدأت بالصدر مني ثورتي و كانت
همة عليا و في شتى الملمات تصولُ
ما سائني اذ حل بيتي وحيداً بغربة
خلتي و الأهلون و الأصحاب فيها قليل
خاب كل نمام سعى بين الرجال بغيبة
يسوق في بسيط الأمر إمعانٌ و تضليلُ
انا امعنت في تمجيد أهلي و صحبتي
فكل ما يُجَمِّلهُ حُسنْ الثناء جميلُ
تشقى النفوس فتأمل طويل سلامة و أيقنت
كل اليقين بأن الخلد ليس اليه سبيلُ
يا صاح لا تُأملني في الدنيا بطول سلامة
فإنيَ بهذي الدار ضيفٌ نزيلُ
اذا شاخ المرء شاخت جميع جوارحه
و تصيب كل أمر يقومُ به فترةٌ و خمولُ
حيرتني أمور الناس كيف صنيعهم
و كيف الهنا و يسعى بينهم حاسدٌ و عذولُ
يا عاذلي كف الملامة او لاتعود لها
فلي نفس كريمٍ عليها ملام العاذلين ثقيلُ
عشت طويلا حبيسٌ في غياهب هامتي
يطاردني شبح الاحلام الأفكار و هي تجولُ
شفقت على ضحلين العقول و منهمُ
سعيد بما كسبت يمناه و هو ذليل
و من لم يخاطر في أمورٍ عظيمة كان
حضهُ بنيل عظيم المكرمات ضئيلُ
و لولا دهاة الرجال تجشموا عظيم
الأمر لم يكن لنا الى هذا الرخاء وصولُ
سلي سراة القوم عن جودي و همتي
و ما عهدَ القوم مني صبيةٌ و كهولُ
فإن قل اختلاطي في الأناس بغربتي
فأني ةراغبٌ لعظيم المكرماتِ فعولُ
اذا أتاكَ يوم و جارت عليك الدائرات به
لا تبتأس لك ربٌ اليه تدبير الامور يؤولُ
اعوذ بالرحمن من كيد الرجال و حقدهم
كثيرهم حُسادٌ و تفرقوا في الملمات فلولُ
و إن كنت هياب الرجال لا تغشى صنيعهم
فما نصيبكَ مما جادت به الاقوام الا قليلُ
ليس من حزم الرجال بانك تقوم خطيبا
في كل نازلةٍ و في كل محتفلٍ و تقول
إن ضاق صدرك من وطأ صروف الدهر
تجلد و كل النازلات غداً او بعد غدٍ ستزولُ
جربت دهري و قاسيت النوائب كلها
ليس كفقد الأحبة على نفس الكريم ثقيلُ
ما و ضنك العيش آتٌ و ذاهبٌ يضيق به
صدر الفتى إذ يمَّني النفس لو كان قتيلُ
ارى حولي كثيراً من نفوسٍ تكابد عليلةٌ
قد يجدي شفاء لها التعظيم و التبجيلُ
إن المخاطر في الدنيا للرجال نصيبهم
عظيم الأمور تصّدّى فتيةٌ لصنعتها و فحولُ
من لم يجمع العلم و الآداب في صفةٍ
فليس له الى ركوب المعالي سبيلُ
إذا هلك ابن آدم ماتت كل ذكراه و قد
يُخلّد الفرد موروثٌ من العلم أو خُلُقٌ نبيلُ
232
قصيدة