هذا ابن آدم لا تأمن غوائله و لو
اقسم بالنجدين و الشفعُ و الوترُ
أُغازِلُ الحسناء و قد ايقنتُ يقيناً
بأنيَ خاسرٌ و يدي من ودِّها صفرُ
أغرتكَ الحسناء صعبٌ منالها
و قد عزتْ عليك و لو راياتُها حُمْرُ
لَهثتُ وراء منالَها طوال الدهرْ
و استعنتُ عليها بالتدبير و الصبرُ
فلَمّا ادركتُ مرامي بها و جدتُها
لا العلياءُ تزهو و لا في خَمرِها سكرُ
لقد نلتُ الرجاءَ بعدَ العناء
اذ عرفتُ بأنَّني قد صابني خُسرُ
ان سألتني عن الدنيا و خطبها،
احذر فانها تغري الفتيان راياتها حمرُ
حسناء تنادي من يظفر بها له
النيشان و التيجان و النهيُ و الأمرُ
نهارها شمسٌ تلألأ بالسنى و الظلام
بهجة تزينها الأفلاك و الأنجم الزهرُ
توعدك بالمزيد و الثراء و الجمال
صعب منالها محميةٌ دونها سترُ
فطاردتها طوال العمر و حين
استبنت الرشد قد رحل العمرُ
سفينة في بحر تلاطمها الأمواج
صانعوها هواةٌ و ربانها غمرُ
مسالك في الارض لابد مشيها
للعيش و أيسر مما بها أمورها عُسرُ
نطارد السراب في الصحراء و ما
هي إلا باديةٌ جرداء اذ ارضها قفر
اذا سلمتَ بهذا الدرب من نائبات
الدهر و لسان الناس يُحسب لك نصرُ
تشعر بخيبتك وحيدا و لكن
هذا الكون اوسع و امثالك بها كُثرُ
لن تجني سوى المتاعب بها
اذا كنت معطاءً و شيمَتُكَ الكبرُ
اسعى في مناكبها و إن غالتك
صروف الدهر قبل المنى فلكَ العذرُ
قبلك سرت على الفتيان فكم من
كريم قبلكَ غال هامته الغدرُ
و حسبك منها بعد ان جد الرحيل
هدوء النفس او تركك طيب الذكرُ
و بعد البين يلقى المرء بارئه عسى
ان تنجيه ما قدمت أنملهُ العشرُ
232
قصيدة