الديوان » وحيد خيون » صلاة الرحيل

عدد الابيات : 37

طباعة

صاحَ الغرابُ وَهُمْ عنِّي قدِ ارْتَحَلُوا

قد صاحَ إذْ شارَفُوا بغدادَ أو وَصَلُوا

قد اتَّجَهْتُ إلى بغدادَ أسأَلُها

فكانَ لا يقبلُ التأجيلَ ذا الأجَلُ

قامتْ قيامةُ قلبي إذْ ركِبْتُ على

مَتْنِ الرِّياحِ ولمْ تَنْزِلْ متى نزَلوا

أمْطرتُ كلَّ سَحاباتي على خَشَبٍ

مِنَ التِّلالِ فَلَمْ ينفَعْ بها البَلَلُ

أقولُ والدَّمْعُ أَحْرى أنْ يقولَ لهمْ

إنَّ المَدامِعَ مثلَ الزّيْتِ تشْتَعِلُ

هذا المكانُ الذي عِشْنا بهِ وطَراً

فيهِ الستائِرُ قبلَ الليلِ تَنْسَـدِلُ

هذا الطريقُ الذي كنا نمُرُّ بهِ

مُمَزّقٌ سُبُلاً يا أيها السُّـبُلُ

متى تعودُ خُطاهمْ أو يعودُ لهمْ

ظِلٌّ على هذهِ الكُثْبانِ يَنْتَقِلُ؟

متى يعودُ لنا عَصْرٌ عَصَفْتِ بهِ

وكانَ قلبي إذا لاقاكِ يرْتَجِلُ؟

وكنتُ أركَبُ رأسي حينَ يُحْرِقُني

حرُّ المَشاعِرِ والأوْهامُ تكْتَحِلُ

أقولُ يا بَدْرُ قد غابَتْ مواسِمُهُ

قبلَ الأوانِ ودَأْبُ البَدْرِ يَكْتَمِلُ

متى تعودُ لنا يا كلَّ ما تَرَكَتْ

لنا الليالي ويا كلَّ الذي نَصِلُ

هُزِمْتُ بعدَ تلاشي الرّكْبِ ثانِيَةً

وإنني في تَلاقي ريحِها الرّجُلُ

أعُجُّ وهْيَ تُواسيني بضِحْكَتِها

ويَغْضبُ القلبُ وهْيَ الصَّبْرَ تَنْتَعِلُ

أغدو أجئُ أُجاريها أُجادِلُها

أُقِيلُها وهْيَ تَرْجُوني وتنفَعِلُ

كانتْ بكلِّ مقاييسِ الوفاءِ لنا

أهلَ الوفاءِ ولن يأتي لها بَدَلُ

هُزِمْتُ قبلَ وصولي من سواحِلِها

وكدتُ غيرَ احْتِمالِ الهجْرِ أحْتَمِلُ

لكنني وهْيَ تَجْفُو لم أجِدْ أحَداً

من أجْلِهِ أخْرِقُ الدّنيا وأخْتَزِلُ

طالتْ همومُ كئيبٍ في حضارَتِهِ

هو الذي يَأسِرُ الدّنيا ويَعْتَقِلُ

مالي أمُرُّ على الأبوابِ مُرْتَجِفاً

أنا الذي في شُموخي يُضْرَبُ المَثَلُ

مالي أَدُورُ كعُصْفورٍ بعاصِفَةٍ

فلا وصَلْتُ إليها وهْيَ لا تَصِلُ

هرَبْتُ من وصْلِها من خوفِ فُرْقَتِها

وقلتُ خَوْفَ فِراقٍ يهرُبُ البَطَلُ

وقدْ أسِفْتُ طويلاً وهْيَ واقِفَةٌ

أمامَ عيْني وعنها كنتُ أنْشَغِلُ

يا نرجِساً في الصحارى رُغْمَ رِقّتِهِ

جَرَّ الأُنُوفَ وطافَتْ حولَهُ المُقَلُ

الوردُ يذْبُلُ مَقْطُوفاً لِلَيْلَتِهِ

ولن يموتَ إذا ما يُقْطَفُ البَصَلُ

حَمّلْـتِني جَبَلَ الأشواقِ راكِضَةً

إلى العراقِ وفَوْقِي جاثِمٌ جَبَلُ

يا ربِّ لا تُنْسِني الأحْبابَ ما افتَرَشوا

ذاكَ التُّرابَ الذي صلّتْ بهِ الرّسُلُ

ولا تذَرْني لِظَنّي أنّهُمْ مَسَحوا

ذِكْري تماماً وحالتْ بيننا دولُ

لو أَنّكَ الآنَ أَعْطَيْتَ العراقَ فَماً

لَصاحَ عُدْ لي ومِنّي السّيْفُ والجَمَلُ

ألَسْتُ أفضلَ مِمّنْ فيهِ قدْ حَكَموا

وما لهم في منافي غيْرِهِمْ شُغُلُ؟

أنا العراقُ أنا لا مَنْ أتى طَمَعاً

ويرْتَوي ماءَ أَمْريكا ويغتَسِلُ

أنا الذي أستَحي لو قلتُ يا وطني

ولسْتُ أعرفُ ما نالوا وما أكَلوا

أنا الذي كلُّ حُبي للعراقِ غَدا

لي العراقُ مَراماً فيهِ أرْتَحِلُ

تظُنُّني في المنافي أنْتَشي ثَمِلاً

دوماً عريساً ودَهْري كلُّهُ عَسَلُ

يا ربِّ لا تُنْسِني الأحْبابَ ما بَخِلوا

فلا أفادوا بإيماءٍ ولا سألوا

ليَ النّهارُ مَلاذاً أسْتَجِمُّ بهِ

حتى يُطِلَّ على ليلِ الشِّـتا زُحَلُ

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وحيد خيون

وحيد خيون

52

قصيدة

-ولد عام 1966 في جنوب العراق سوق الشيوخ -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين -صدرت له الدواوين التالية: 1-مدائن الغروب .. 1988 بغداد 2-طا

المزيد عن وحيد خيون

أضف شرح او معلومة