الديوان » وحيد خيون » ضعي حدّاً

ضعي حَدّاً لهذا المَوْجْ

ضَعي حَدّاً لهذا المَرْكِبِ الجاري

بلا إذْنٍ ولا تأشيرَةٍ من حارِسِ الدارِ

ضَعي حَدّاً لتَغْريدي

وتنهيدي ومُنْطَلَقي وأطواري

ضعي حَدّاً لتعريفي لمعنى البَحْرْ

ولا تقِفي لإعْصاري

ضعي حَدّاً إلى لُغَتي

وتأريخي وتجرِبَتي وأفكاري

ضعي حَدّاً إلى حَدّي

قفي ضِدّي

وهُزّي كلَّ أوتاري

ضعي لغةً لقاموسي

ضعي لَحْناً لناقوسي

ضعي نَهْجاً تسيرُ عليهِ أقداري

ضعي للريحِ نافِذةً

ضعي سَدّاً وأنهاراً لأمطاري

أنا في هذهِ الدنيا

أجوبُ شواطئَ الخرسى

بلا مرسى

وأرمي في بحارِ الكونِ لؤلؤتي

بجسْمٍ ناحلٍ عاري

وأنسى أنني وحدي

وألْقُطُ لؤلؤَ الدنيا بمِنقاري

 أنامُ بِبِزّةِ التأريخِ

تأريخي الذي مازالَ يجهلُ كلَّ مِشْواري

ويُنْكِرُ كلَّ مَنْ حَولي

وخارِطَتي التي فقَدَتْ

خطوطَ العَرْضِ والطُّولِ

رمَتْ بي دونَ إيعازٍ على آفاقِ مَجْهولِ

فقولي

كيفَ أقْضِي العُمْرَ أمشي دونما جِهَةٍ

ولا حَدٍّ ولا أرقامْ؟

وكيفَ اطيرُ مكسُوراً؟

وكيفَ أسيرُ في دربٍ بلا أقدامْ؟

وكيفَ أنامُ والأحْلامُ

تُوقِضُني؟

ومَنْ عنكمْ يُعَوِّضُني؟

دخلتُ منازِلَ الأيامِ أقرِضُها وتَقْرِضُني

وقدْ فَوَّضْتُ أوقاتي التي كانتْ تُفَوِّضُني

وأخشى لو غداً رَحَلوا

وطالتْ بيننا السُّبُلُ

وما حطّوا ركائِبَهُمْ وما نَزَلوا

أشُدُّ جميعَ أنفاسي

وأبكي دونما خجَلٍ مِنَ الناسِ

وثُمَّ لِعَالَمِ الموتى سأنْتَقِلُ

وصلتُ أنا لآخِرَتي فَهَلْ وصلوا؟

إلى الماضي وما صَنعوهُ

في قلبي وما فعَلوا

إلى مستقبلي الآتي 

ضعي حدّاً لهذا العاصِفِ العاتي

ضعي حَدّاً

لصورتِكِ التي باتت تطارِدُني

وتملأُ لي سماواتي

ضعي حدّاً لعَيْنَيْكِ اللتيْنِ أقالَتا مَلِكي

وأحْرَقَتا حضاراتي

ضعي حدّاً إلى أمواجِ عيْنَيْكِ

ضعي أُفُقاً لِمِرآتي

ضعيني في طريقِ الوصْلْ

أزيلي مِن فؤادي النَّصْلْ

فإنّ النّزْفَ في ذاتي

ضعي حدّاً لموتٍ دونَ آخِرةٍ

وليلٍ دونَ مُنْقَلـَبٍ لأقمارِ

ضعي حدّاً لوجهٍ دونما جهةٍ

وقلبٍ مثلِ عاصِفةٍ

وأفكارٍ كإعْصارِ

ضعي حدّاً لروحٍ فارقَتْ جسَداً

وغابَتْ منذُ أيّامٍ عن الدارِ

ضعي حدّاً لموجٍ يقلِبُ الدنيا

وعاصِفةٍ تعُجُّ بدونِ إنذارِ

ضعي حدّاً لقافلةٍ

مضتْ من غيرِ خارِطةٍ

فلا عادتْ لِمُنْطَلقٍ

ولا جاءَتْ بأخْبارِ

وصلنا الانَ فاعْتَرِفي

ولا تتردّدي أبداً ولا تقِفي

فإنّ الحُبَّ يعْزِفُني بقيثارِ

و ينثرُني كعَصْفٍ في مَهَبِّ الرّيحْ

يُحَوّلُني لأوتارٍ فأوتارٍ فأوتارِ

يُعَسْكِرُ في خيامِ العُمْرْ

كجيشٍ قاهرٍ صلِفٍ وجَبّارِ

متى حرّكْتِ فوجاً من شعوري قَدْرَ مِقْدارِ

تحَرّكَ في ضميري فَوْجْ

تصيحُ جميعُ أشْجاري

ضعي حدّاً لهذا المَوْجْ

ضعي حدّاً لهذا الموْجْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وحيد خيون

وحيد خيون

52

قصيدة

-ولد عام 1966 في جنوب العراق سوق الشيوخ -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين -صدرت له الدواوين التالية: 1-مدائن الغروب .. 1988 بغداد 2-طا

المزيد عن وحيد خيون

أضف شرح او معلومة