الديوان » وحيد خيون » كانت أمامَ عيوني

عدد الابيات : 42

طباعة

كانتْ أمامَ عيوني مثلَ مرآتي

تدورُ نحوي برغمِ العاصفِ العاتي

تحسُّ بي حينَ أدنو مِن مرابعِها

أوضاعُها رهنُ أوضاعي وحالاتي

كنا معاً ما تفرّقنا بقافلَةٍ

ونزرعُ الوردَ في كلِّ المحطاتِ

كانتْ ترى القلبَ لو يشكو وتسمعُهُ

وتسمعُ النبْضَ لو قاسى بإخفاتِ

كانتْ جميعَ مكاتيبي تُؤطِّرُها

وتجعلُ القلبَ ديواناً لأبياتي

وجدتُ في حبِّها وجدانَ والدةٍ

على وليدٍ يُداوي غربةَ الذاتِ

كانتْ هي الحبَّ حتى لو أقولُ لها

موتي تموتُ وما عاشتْ لساعاتِ

ماذا تبدّلَ لا أدري بعالمِها

أوقاتُها الآنَ تجري عكسَ أوقاتي

أين المشاعرُ راحتْ مِن مصارِفِنا

وأين أُقصي عجافاً جوعُها آتي

اقفرّتِ الأرضُ صارتْ كلُّها حَطَباً

وصارتِ النّارُ تدنو من مقرّاتي

تُوحي المياهُ لأغصاني بشِحّتِها

حتى جذوري بدَتْ توحي بعِلّاتي

يا كلَّ ما كانَ يا ماضٍ سدَدْتُ بهِ

بابَ المُواسينَ إلا بابَ شِمّاتي

تركتِ دنيايَ جهراً وهي غارقةٌ

ما بينَ نفيٍ وتأكيدٍ وإثباتِ

أنوحُ نوحَ طيورِ البرِّ فاقدةً

أعشاشَها في زُحامٍ من مُبيداتِ

خَطّتْ عباراتِ دَمْعي بابْتِسامَتِها

وثمّ غَنّتْ لِغيْري مِن مقاماتي

ما صدّقَتْ أُذُنَيْها حينَ قلتُ لها

وحدي دَعيني فراحَتْ في متاهاتِ

عوّدتُ عيني لتبكي وهي ضاحكةٌ

وقلتُ للجهْرِ أنْ يُصغي لإخْفاتي

مِنْ ذلكَ اليومِ حتى اليومِ عافِيَتي

تشكو نزولاً وفي كلِّ المَجالاتِ

قالَ الشّهودُ جميعاً أنتِ قاتلَتي

وأنتِ أوّلُ شخصٍ في مَلَفّاتي

أرقامُ هاتفكِ المشغولِ أحفظُها

عن ظَهْرِ قلبٍ لتكرارِ اتصالاتي

كفرتِ بي وبِشِعري المؤمنونَ بهِ

الجنُّ والإنسُ لم تكفرْ بأبياتي

لا تُسْرفي في ابتِغاءِ البُعْدِ يا صِلَتي

بكلِّ آياتِ أسلافي وآياتي

و يا أساطيرَ آمنّا بها زمَناً

كتبتُها الآنَ في أعلى مسَلاتي

أُوصيكِ بالقلبِ يا نبْضاً يدُقُّ بهِ

دقّاتُ قلبِكِ كانتْ قبلَ دقّاتي

بالذاتِ أنتِ التي مازلتِ لي سَكناً

وتسكنينَ صعيدَ القلبِ بالذاتِ

لم يختلفْ فيكِ شيءٌ عن مبادئِهم

فكلُّ مَن طعنوني مِن مُعِدّاتي

أنا الذي كنتُ مثلَ الليثِ أحرِسُهُم

ويستَجِمُّونَ في جَمْعي وأشتاتي

بنيتُ سُلّمَ مجدي من حِجَارتِهم

يرمونني وأنا أبني حضاراتي

بنيتُ مِمّا رمى الحسادُ لي هرَماً

فالطعنُ يرفعُ مِن أهلِ المرُوءاتِ

لما رأيتُ عدُوّي لم يكنْ رجلاً

أمرتُ قادةَ جُنْدي سَحْبَ قوّاتي

عادتْ جميعُ جنودي منكِ تاركةً

وراءَها فوقَ ظهْرِ الرّمْلِ راياتي

هذا هو الحُبُّ لا يأتي بموعِدِهِ

ولا يدومُ ولم يخْضَعْ لميقاتِ

يطولُ حبْلُ أمانينا و يا قلقي

قد يَقطعُ الحَبْلَ تمْديدُ المسافاتِ

يا ظلَّ زيتونةٍ والشمسُ بازغةٌ

قد يسقطُ الظلُّ في ظلِّ الغَماماتِ؟

يا أطيبَ الناسِ يا إنسانَ مملكَتي

لم تكتشفْ فيكِ مِن سوءٍ مَجَسّاتي

لا صوتُكِ العذْبُ غيري كانَ يسمَعُهُ

ولم تمَلّي بقصْدٍ مِن مَلَذّاتي

ولم تقولي مقالاً جارحاً أبداً

كأنّ قولَكِ مِن وحيِ السّماواتِ

كانَ الهدوءُ إذا أشرفتِ يغمرُنا

كأنما الوقتُ يُمسي وقتَ إنصاتِ

قصائدي لكِ أدّتْ مِن مطالعِها

سلامَها ثمّ قامتْ كلُّ أبياتي

حتى رؤايَ و أحلامي لكِ اتجهتْ

فصرتِ أنتِ مزاراً مِن مزاراتي

تجري دماءُ شراييني وأوردتي

إذا وقفتُ لأُلْقيكِ التحياتِ

أزورُكِ الآنَ عن بعدٍ فوا أسفي

عليكِ مني سلامُ اللهِ مولاتي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وحيد خيون

وحيد خيون

52

قصيدة

-ولد عام 1966 في جنوب العراق سوق الشيوخ -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب -عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين -صدرت له الدواوين التالية: 1-مدائن الغروب .. 1988 بغداد 2-طا

المزيد عن وحيد خيون

أضف شرح او معلومة