عدد الابيات : 36
قالوا سيَبْحثُ عن عُشٍّ وينساهُ
أو تستقرُّ على غصْنٍ نواياهُ
قالوا سترسو على نَهْرٍ مراكبُهُ
وقد يُبَدِّلُ قبلَ الليلِ ليلاهُ
قالوا تبدّلَ مجرى الحبِّ في دَمِهِ
كما يُبدِّلُ ريحُ الصَّيفِ مجراهُ
قالوا سيحلو لهُ عيْشٌ ويتركُهُ
ولستُ أعرفُ طَعْمَ العيْشِ لولاهُ
واليومَ والعمْرُ جاثٍ في أواخِرِهِ
ألسْتَ يا كلَّ عمري كنتَ أحلاهُ؟
شكراً لآهاتِ أنفاسي معي وقفتْ
لمّا مضتْ كلُّ روحي نحوَ ذكراهُ
يَخْفى عليهِ ضياعي وهو في نظري
كما تضيعُ خيوطي في مُحَيّاهُ
مسجونةٌ كلُّ روحي تحتَ قبضتِهِ
فكانَ أقصاهُ عندَ الرّوحِ أدناهُ
فلو تُرَكِّزُ في عَيْنِي ستُبْصِرُهُ
ولو تطلَّعْتَ في وجهي ستلقاهُ
ولو تُدقِّقُ في صوتي ستسمعُهُ
ولو قرأتَ أقاويلي ستقراهُ
سكنتُ في آخرِ الدنيا لأصْحبَهُ
وكنتُ أعلمُ أني مِن ضحاياهُ
نشرتُ كلَّ قواميسي لِأفْهَمَهُ
فقدتُهُ حينَما أبْصَرْتُ معناهُ
ياربِّ يا مَنْ ببطْنِ الحوتِ تُدرِكُه
يا ربِّ يا مَنْ دعا عيسى فأنجاهُ
ربّاهُ لا ينتهي شوطي وأخسرُهُ
وأنتَ تعلمُ قلبي كم تمنّاهُ
وأنتَ تعلمُ مالي غيرُهُ أحدٌ
وكلُّ ما تشتهي عيناي رؤياهُ
وقفتُ أنزِفُ من جرحٍ بخاصِرتي
يئسْتُ منهُ ولكنْ حسبيَ اللهُ
يا كلَّ دُنيايَ أسْعِفْني بواسِطَةٍ
تعودُ لي ببَصيصٍ قد فقدناهُ
وكيفَ يعْشو وأسْكَنّاهُ أعْيُنَنا
وباعَنا بِرَخيصٍ مَن فديناهُ
وقالَ لي سَحَروا لي سِحْرَ تَفْرِقةٍ
أرى الحبيبَ قبيحاً صارَ أحلاهُ
فلا حنينٌ ولا شوقٌ ولا سَهَرٌ
ولا دموعٌ ولا أسعى لِلُقياهُ
ولا أُناجيهِ كالأمسِ القريبِ ولا
أقولُ للأصدِقاءِ الكُثْرِ أهواهُ
أرجوكَ لو كنتَ تهواني تُفارِقُني
أرجوكَ تنسى الذي كُنّا فعلناهُ
لا تذكُرِ الرَّشَفاتِ الغيرَ قابِلَةٍ
لِلْعَدِّ واسْمَعْ قراراً قد أخذناهُ
فقلتُ والعَهْدُ؟هل تنسى معاهدتي؟
فقالَ لا عهدَ للأُنثى بِمَن تاهوا
أليسَ ذلكَ ذنباً نحنُ نفعلُهُ؟
أليسَ سوءً وقد كنّا اقْترفناهُ
طَفِقْتُ أخْصِفُ أوراقاً مُبَلَّلَةً
لعلَّني بسِتارِ النّورِ أغشاهُ
كذاكَ آدمُ قد ألقى بجنّتِهِ
لكي تدومَ فألقتْهُ بدُنياهُ
ما كانَ شيطانُنا الرحمنُ خالِقَهُ
وإنما نحنُ مِن طينٍ خلَقناهُ
وعدتُ مِن بعْدِ عَقْدٍ مِن مسائلِنا
أزيدُ في رقَمٍ كُنّا طرَحناهُ
وكلَّما بيدي حيَّيْتُ مَنْزِلَهُ
أصابني بشِهابٍ مِن شظاياهُ
كفاكَ تبحثُ في الأبراجِ عن صِفَةٍ
بهِ لترمي على بُرْجٍ سَجاياهُ
ترمي على نفسِكَ التقصيرَ يا رجلاً
رَمَتْهُ في قبضةِ التقصيرِ أُنثاهُ
ألقى هداياكَ في أدنى معاقِلِهِ
وأنتَ تجلسُ تسترعي هداياهُ
فَلْيَفْرَحِ الآنَ مَنْ أمسى يُقاطِعُنا
فالحبْلُ ذاكَ بأيدينا قطعْناهُ
تَسُرُّ قلةَ أعدائي مُقاطعَتي
لهُ ويُسْعِدُهُم ما قد وصَلناهُ
فليتَ عُدْنا إلى ما كانَ أخْرَجَنا
وليتَ نخرُجُ مِن بيتٍ دخلناهُ
52
قصيدة