الديوان » أبو الحسنى » تَجُودُ بِكَ الدُّنيَا وَأَنتَ بِسُلوَانِ

عدد الابيات : 75

طباعة

تَجُودُ بِكَ الدُّنيَا وَأَنتَ بِسُلوَانِ

وَتَأتِي البَلَايَا فَوقَ أَعيُنِ وَسنَانِ

فَلَا تَأمَنِ الدُّنيَا بِكُلِّ نَعِيمَهَا

تَسُرُّ الحَيَاةُ ثُمَّ تَأتِي بِأَحزَانِ

وَإِن مَلَّكَ اللهُ الخَلَائِقَ سُلطَةً

فَمُلكُ الأَنَامِ لَا يَدُومُ لِأَحيَانِ

أَلَم تَرَ أَنَّ المُلكَ لِلّٰهِ دَائِمًا

وَإِن غُرَّ قَومٌ بِالغَرُورِ لِسُلطَانِ

وَكُلٌّ خَلَا اللّٰهَ الهَلَاكُ مَصِيرُهُ

وَمَا سُنَّةُ الدُّنيَا الخُلُودُ لِإِنسَانِ

فَأَينَ المُلُوكُ القَاهِرِونَ وَعَرشُهُم

فَهَل قَد بَقَى لَهُم قُصُورٌ وَتِيجَانِ

وَأَنَّى لِنُوحٍ مِن حَيَاةٍ مَدِيدَةٍ

أَدَامَت أَمِ انمَحَت عِظَامٌ وَأَبدَانِ

فَمَا دَامَ صَالِحٌ وَمَا دَامَ فَاسِدٌ

وَأَيًّا تَكُونُ فَالفَنَاءُ لَوَقعَانِ

وَتِلكَ هِيَ الدُّنيَا تَمُرُّ تَقلُّبًا

فَمَا دَامَ ضَعفٌ أَو عُلُوٌّ لِبِلدَانِ

فَإِن كَانَ عِزُّكَ الأَوَانُ أَوَانُهُ

فَكُنتَ ذَلِيلًا أَمسَ وَالعَيشُ حَالاَنِ

وَإِنِّي لَبِالمِرصَادِ لِلجَائِرِينَ بَل

لَشَوكَةُ نَيصٍ فِي حَلَاقِيمِ ظُلمَانِ

أَضَاعُوا البِلَادَ وَالعِبَادَ تَجَبُّرًا

وَقَد نَشَرُوا فِيهَا الفَسَادَ لِأَزمَانِ

وَمَن قَد أَبَاحَ فَرضَ مَكسٍ جِبَايَةً

بِيَومٍ عَلَى المَحيَا بِظُلمٍ وَبُهتَانِ

وَذَاكَ الَّذِي عَلَى المَنَابِرِ كَاذِبٌ

فَدَعهُ وَكِذبَهِ فَمَأوَاهُ نِيرَانِ

دَمُ المُسلِمِينَ فِي رِقَابِ جَمِيعِ مَن

أَعَانَ اليَهُودَ مِن مَوَالٍ وَعُربَانِ

وَأَيِّ ضَوَاحٍ بِالجَزِيرَةِ قَد حَوَت

سِلَاحَ العِدَى هُم رَاجِعُونَ لِدَيَّانِ

وَمِن كُلِّ مَن خَانَ الأَمَانَةَ خِسَّةً

بِحَاضِرَةِ الإِسلَامِ كُلٌّ بِحُسبَانِ

أَمَا أَسقَطُوا عِرَاقَنَا بِخِيَانَةٍ

فَأَخزَى الإِلـٰهُ الخَائِنِينَ لِإِخوَانِ

أَلَا تَتَذَكَّرُوا الدَّيَارَ وَأَهلَهَا

أَمَا أَصبَحَت بِهِم مَحَلَّ زِنَا الزَانِي

فَطِفلٌ عَلَى الأَرضِ النَّحِيبُ بِصَوتِهِ

وَدَمعٌ عَلَى مَمَاتِ أُمٍّ بِأَجفَانِ

وَشَيخٌ بِوَجهِهِ التُرَابُ مَذَلَّةً

بِخِزيٍ وَعَارٍ قَد أَتَاهُ وَخُذلَانِ

وَيَبكِي الفُرَاتُ مُوجَعًا لِمَسَبَّةٍ

وَهَل جَفَّ مَاؤُهُ لِأَنَّهُ خَزيَانِ

وَهَل يَظلِمُ اللهُ العِبَادَ عَشِيَّةً

فَلَا وَالنَّوَازِلُ العِظَامُ بِعِصيَانِ

ظَلَمنَا نُفُوسَنَا بِكُلِّ خَطِيئَةٍ

فَكَانَ العِقَابُ مِن سَمَاوَاتِ رَحمَانِ

وَهَل قَد أَصَابَتكِ العُيُونُ عِرَاقَنَا

أَمَا كُنتَ دُرَّةَ البِلَادِ بِأَوطَانِي

وَهَاتِ لَنَا مِن نَائِحَاتٍ رَوَافِضٍ

نَنُوحُ بِهِنَّ لِلعِرَاقِ وَإِيرَانِ

وَيَلطِمنَ لِلعَارِالأَشَدِّ مَهَانَةً

بِبَغدَادَ ثُمَّ كَربَلَا ثُمَّ طَهرَانِ

وَبَلَّغ أَرَاضِي الشَّامِ شَوقًا وَرِيفَهَا

وَأَرسِل لِسُورِيَّا سَلَامِي وَلِبنَانِ

وَقُل لَهُمَا الحَنِينُ بَاتَ مُحَرِّقِي

لِعَودَةِ أَرضِهَا مَلَاذًا لِأَحضَانِي

وَلَهوُ الصَبَايَا بَينَ عُشبِ حَدِيقَةٍ

وَحَبَّاتِ تُوتٍ أَو زُهَيرَاتِ رُمَّانِ

وَشَوقِي لِبَسمَةِ القُلُوبِ بِشَامِنَا

وَفِي صَوتِهَا الأَسَى لِجُرحٍ وَأَشجَانِ

وَأَنغَامُ فَيرُوزَ العَوِيلُ مَكَانَهَا

وَنَدبُ رَوَافِضِ المَجُوسِ وَلُطمَانِ

أَيَا لَهَفَةَ النُّهَى لِمَجلِسِ شَيخَنَا

وَدَرسٌ مِنَ البُوطِي مُدَاوٍ لِأَذهَانِ

وَمَجلِسُ ذِكرٍ بِالمَسَاجِدِ بَهجَةٌ

لِأَروَاحِ مُسلِمِي البِلَادِ وَسُلوَانِ

أَلَا قِف بِحِمصَ نَبكِ مَنزِلَ خَالِدٍ

وَقُل لَهُ عُذرًا قَد أَضَعنَا سُلَيمَانِ

أَضَعنَا الذِي وَرَّثتَ عُذرًا أَسَيِّدِي

بِيَرمُوكَ ضَعفًا وَالدِّيَارُ لَخُسرَانِ

أَتَيتُ مُقِرًّا بِالهَوَانِ مُقَصِّرًا

فَقُل لِي عُرَى الإِسلَامِ حَقّاً لِإِيمَانِي

وَكَيفَ السَّبِيلُ لِلقِيَامِ أَسَيِّدِي

فَبِتنَا شَرَاذِمَ الخَلَائِقِ جِرذَانِ

وَرَبِّي إِذَا رَأَيتَ شَعبًا أَلِفتَهُ

فَلَن تَجِدَ الشَّعبَ الأَبِيَّ بِيَقظَانِ

فَعُذرًا أَسَيِّدِي مِنَ النَّومِ غَفلَةً

فَإِنَّا نَخَافُ السَّيرَ لَيلًا بِفِتيَانِ

وَعُج بَعدَهَا عَلَى دِمِشقَ زِيَارَةً

لِرَسمِ صَلَاحِ الدِّينِ نَشكُو لِجُثمَانِ

وَنَمسَحُ أَيدِينَا عَلَى القَبرِ حُرقَةً

 نُشَهِّدُهُ فِينَا وَمَن ذَا هُوَ الجَانِي

وَكَيفَ أُرِيكَ عَينَ وَجهِي بِسُبَّةٍ

أَتَتنَا وَنَحنُ نَائِمُونَ بِجُحرَانِ

فَرَاحَت دِمِشقُ وَالبِلَادُ جَمِيعُهَا

وَقَد رَاحَ بَيتُ المَقدِسِ العَارُ عَارَانِ

وقُتِّلَ أَهلُنا وَشُرِّدَ جَمعُنَا

وَمَا قَد بَقَى إِلَّا شَتَاتٌ وَأَحزَانِ

وَكَيفَ مَعَاشُنَا يَطِيبُ لِمُسلِمٍ

وَجَارَ العِدَى عَلَى بَنِينَا بِعُدوَانِ

لَنَا إِخوَةٌ تَشَرَّدُوا مِن دِيَارِهِم

فَكَيفَ تَنَامُ اللَّيلَ أَعيُنُ وَسنَانِ

وَكَيفَ يَذوقُ مُسلِمٌ طَعمَ لُقمَةٍ

وَجَاعَت أَهَالِينَا حِصَارًا بِخَوَّانِ

وَكَيفَ يَكُونُ لِلجُيُوشِ كَرَامَةً

وَجَيشُ العِدَى اعتَدَى عَلَينَا بِنِيرَانِ

وَقَومِي مِنَ العُدوَانِ سَاؤُا خَلِيقَةً

وَقَد أَلِفُوا عَيشَ الخُضُوعِ بِإِذعَانِ

وَإِنِّي مِنَ القَومِ الكِرَامِ الّذِينَ هُم

مَقَامُ بَيَاتِهِم سُرُوجٌ وَكُثبَانِ

تَرَاهُم بِلَيلٍ عَاكِفِينَ عِبَادَةً

كَأَنَّ الرِّجَالَ لِلإِلَهِ لَرُهبَانِ

وَبِالصُّبحِ يَحمِلُونَ عِزّاً سُيُوفَهِم

بِخَيلٍ عِتَاقٍ رَاجِلِينَ وَفُرسَانِ

وَإِنِّي لِإِسمَاعِيلَ سِبطًا مُكَرَّمًا

فَبَطنٌ لِعَدنَانٍ وَبَطنٌ لِقَحطَانِ

أَنَا القُرَشِيُّ مِن عَدِيٍّ لَأَنتَمِي

وَأَصلِي لَمَوصُولٌ بِقَاهِر سَاسَانِ

أَلَا إِنَّهُ الفَارُوقُ بُشرَى نَبِيَّنا

وَزِيرُ أَبِي بَكرٍ مُفَرِّقُ بُطلَانِ

وَهَل كَسَرَ الضَّلعَ الكَرِيمَ لِفَاطِمٍ

عَلَيهَا السَّلَامُ أَم لِفُرسٍ وَرُومَانِ

يَمَانِيُّ بَطنِ الأُمِّ مِنهُ مُرُوءَتِي

وَعِتقِي وَعِفَّتِي وَمَجدِي وَإِحسَانِي

سَلِيلُ دِيَارِ المَجدِ حَمدًا لِرَبِّنَا

وَلَستُ بِمَجهُولِ الأُصُولِ وَغَمرَانِ

وَإِنِّي أَنَا الفَتَى البَلِيغُ سَلِيقَةً

أَفَاءَ عَلَيَّا اللهُ قَولًا بِأَوزَانِ

تَكَادُ قَوَافِيَّا تُغَنِّي بِهَا الظِّبَا

عَلَى قِمِمِ الجِبَالِ صُبحًا بِنَهرَانِ

وَيَشدُو الكَنَارِي وَالطُّيُورُ تَطَرَّبًا

بِلَحنِ قَصَائِدِي بِفَيفَاءِ جَازَانِ

إِذَا مَا تَفَوَّهَ اللِسَانُ بِلَفظَةٍ

تَرَى الحُكَمَاءَ مُنصَتِينَ وَكُتمَانِ

ومَنَّ عَلَيَّا اللهُ عَقلًا وَحِكمَةً

وَمَكرُمَةً تَعلُو السَّمَاءَ لِأَعنَانِ

وَإِنِّي أَنَا الفَتَى خَصِيمٌ لِمَن عَتَى

وَلَستُ أُنَافِقُ المُلُوكَ بِإِدهَانِ

أَيَا مُتَنَصِّرِي اليَهُودِ بِلَوثَرٍ

فُضِحتُم بِيَومِنَا وَأَصحَابُ كِلفَانِ

وَفَتحُ فُتُوحُ الرُّومِ بَاتَ مُقَرَّبًا

وَسَلبُ دِيَارِكُم بِتَدمِيرِ جِرمَانِ

وَإِن قَد مَلَكتُم حُكمَ عَرشِ بِلَادِنَا

بِتَدلِيسِ أَصلٍ أَو تَنَكُّرِ أَديَانِ

وَإِن كَانَ مَأوَاكُم جُحُورَ عَقِيدَةً

فَقَتلُ جَمِيعِ الكَاذِبِينَ لَعُقبَانِ

سَيَأتِي عِبَادُنَا الأَشِدِّاءُ فَجأَةٍ

يُجِيسُونَ عَبرَ دَارِكُم مِثلَ كِلدَانِ

وَرَبِّي لَغَالِبٌ عَلَى أَمرِهِ فَلَا

يَغُرَّنَّكُم مُلكًا بِقَرنٍ لِشَيطَانِ

أَمَا كَانَ بَيعُ يُوسُفَ العِلَّةَ التِي

دَعَت لِقَضَاءِ اللهِ فِي نَيلِ سُلطَانِ

أَتَينَا وَسُلَّ سَيفُنَا مِن سُبَاتِهِ

يُعِيدُ دِمِشقَ والعِرَاقَ وَإِيرَانِ

أَتَينَا وَكُلِّ عَيشِنَا فِي سَبِيلِهِ

نَمُوتُ وَنَحيَا لِاستِعَادَةِ أَوطَانِ

أَتَينَا بِكَرَّةٍ لَنَا عَرَبَيَّةً

أَتَينَا وَفَخرُنَا بِدِينٍ وَإِيمَانِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو الحسنى

أبو الحسنى

35

قصيدة

أَبُو الحُسنَى: هو مصطفى بن أيمن بن جودة بن عمر بن مصطفى العناني العُمَري العدوي القرشي، المولود يوم الإثنين الموافق التاسع من شهر رجب سنة ١٤٢٣ ثلاث وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة، المسجل با

المزيد عن أبو الحسنى

أضف شرح او معلومة