الديوان » أبو الحسنى » تَرَى سِيَرَ الرِّجَالِ تَفنَى تَلَاشِيَا

عدد الابيات : 72

طباعة

تَرَى سِيَرَ الرِّجَالِ تَفنَى تَلَاشِيَا

وَهَمسُ مُحَمَّدٍ إِلَى الآنَ بَاقِيَا

وَمَن بِرُقِيِّكَ العَلِيِّ لَقَد سَمَا

وَكُنتَ عَلَى العُلَا فَرِيدًا وَرَاقِيَا

أَمَا قَدَّمُوكَ الأَنبِيَاءُ جَمِيعُهُم

وَمَن فِي حُضُورِ المُصطَفَى مُتَبَارِيَا

وَمَن لِلسَّمَاوَاتِ العُلَا غَيرُكَ ارتَقَى

وَمَن قَد تَلَقَّاهُ الإِلـٰهُ مُوَاسِيَا

وَمَن قَد أَقَرَّهُ هِرَقلُ نُبُوَّةً

وَمَن لَهُ آمَنَ الوَرَى وَالنَّجَاشِيَا

وَمَن مُكرِمٌ مُقَوقِسُ القِبطِ وَفدَهُ

أَلَم يَتَقَرَّب لِلنَّبِيِّ مُهَادِيَا

وَمَن لِلوُحُوشِ القَاسِيَاتِ مُرَوِّضٌ

سِوَاكَ مُرَبِّيًا بِعِلمٍ وَهَادِيَا

وَكَانَ القَوِيُّ يَعتَدِي دُونَ زَجرَةٍ

كَحَالِ الضِّبَاعِ يُفسِدُونَ البَرَارِيَا

وَأَضحَت بِكَ الأَدغَالُ لِلخَلقِ جَنَّةً

بِهَا المَرءُ لَا يَخشَى عَلَى النَّفسِ بَاغِيَا

وَآلَت مَخَازِيهِم إِلَى لُجِّ طَمَّةٍ

وَكَادَ يُغَطِّيهِم لُجَاجُهُ غَاوِيَا

وَقَد جِئتَ كَي تُغِيثَهُم مِن ضَلَالِهِم

كَمَا جَاءَ نُوحٌ بِالسَّفِينَةِ دَاعِيَا

أَتَيتَ بِدِينِ اللهِ خَيرِ شَرِيعَةٍ

فَكُنتَ النَّذِيرَ وَالبَشِيرَ المُنَادِيَا

وَدِينُ مُحَمَّدٍ لَدِينُ عَدَالَةٍ

يُجِيزُ وَلَا يُجِيزُ بِالقَدرِ كَافِيَا

مُحِلٌّ لِكُلِّ طَيِّبٍ وَمُحَرِّمٌ

لِأَيِّ خَبِيثٍ قَد يَضُرُّ مُآذِيَا

وَمَن رَفَضَ الإِيمَانَ دَومًا حَمِيَّةً

لِمَا الغَيظُ مِمَّن آَمَنَ الأَمسِ رَاضِيَا

وَإِنَّ حَفِيدَ هَاجَرَ المُصطَفَى هُوَ

لَخَاتَمُ رُسلِ اللهِ صِدقًا تَنَاهِيَا

وَجَاءَ لِكُلِّ العَالَمِينَ مُبَشِّرًا

نَذِيرًا بِحَقٍّ لِلأَنَامِ مُحَاجِيَا

أَلَا أَسلِمُوا للهِ رَبِّي وَرَبِّكُم

وَإِلَّا فَنَا الدَّارَينِ حَتمًا مُلَاقِيَا

بِيَومِ مَجِيئِكَ العَوَالِمُ بُشِّرَت

بِأَنَّ شُرُوقَ شَمسِ أَحمَدَ آَتِيَا

وَأَنَّ غُرُوبَ الظُّلمِ بَاتَ مُؤَكَّدًا

بِنُورِ البُكُورِ وَالخَلَائِقُ دَاعِيَه

وَإِنَّ عَصَافِيرَ الشُّجَيرَاتِ بِالسَّمَا

تُرَفرِفُ رَقصًا وَالحِدَاءُ بَاكِيَه

وَبُومُ اللَّيَالِي فِي الجُحُورِ مُسَتَّرٌ

فَقَد طَلَعَ الفَجرُ المُنِيرُ تَدَاعِيَا

وَزَهرُ القُلُوبِ بِالطُّلُوعِ مُفَتَّحٌ

بِهِ قَطَرَاتٌ مِن نَدَاهُ تَدَانِيَا

قِفَارُ النُّفُوسِ قَد أُبِيدَ بِجَدبِهَا

بِمَاءِ الغَمَامِ وَاستَحَالَت مَرَاعِيَا

بِكَ الخُلُقُ القَوِيمُ سَادَ خِصَالَهُم

نَشَرتَ الرَّشَادَ دَاعِيًا ثُمَّ غَازِيَا

وَكَيفَ يُعَدُّ الغَزوُ يَومًا تَعَدِّيًا

وَضَربُ أَبِيكَ كَانَ بِالأَمسِ رَاجِيَا

وَمَن عَابَ بَطشَكَ الجُنَاةَ مُيُوعَةً

فَأَنَّى النَّظَامَ دُونَ تَهدِيدِ عَاصِيَا

وَقَد قِيلَ قَانُونٌ بِلَا قُوَّةٍ كَأَن

تَقُولَ أَقَاوِيلُ السُّكَارَى تَهَاذِيَا

قُدُومُكَ بُشرَى أَسعَدَت كُلَّ مُحسِنٍ

وَفَزعَةُ تَخوِيفٍ لِمَن كَانَ طَاغِيَا

فَقُل لِلعَوَاصِمِ المُلُوكُ سَتَنحَنِي

وَإِن طَالَ عَهدِهِم غَشُومًا وَعَاتِيَا

فَأَنذِر مُلُوكَهَا الطُّغَاةَ نِهَايَةً

عَلَى يَدِ جُندِ أَحمَدَ المَوتُ دَانِيَا

وَقَد مَكَرُوا حِقدّا كَظِيمًا لِدَحرِهِم

رِسَالَةَ رَبٍّ أَمرُهُ لَيسَ وَانِيَا

فَضَمُّوا الجُيُوشَ الحَاشِدَاتِ لَعَلَّهُم

بِهَا يُطفِئُوا نُورَ الإِلَـٰهِ تَعَالِيَا

وَزَيَّنَ إِبلِيسُ المَزَاعِمَ شَرَّهَا

فَكَانَ الهَلَاكُ وَالهَوَانُ مُدَاهِيَا

أَمَا هُزِمَت كُلُّ الجُيُوشِ أَمَامَهَم

وَذَاكَ جَزَاءُ مَن أُغِرَّ تَبَاهِيَا

وَرَاحَت عُهُودُهُم وَجَاءَت خِلَافَةٌ

تُحَاكِمُ كُلَّ ظَالِمٍ كَانَ بَاغِيَا

فَصَارَ مُلُوكُهَا عَبِيدًا بِكِبرِهِم

بِرَغمِ أُنُوفِهِم هَوُوا أَو طَوَاعِيَه

عَلَى العَقلِ حَارَبَ النَّبِيِّ وَجُندِهِ

وَهُم يَرفُضُونَ العَقلَ كِبرًا تَعَالِيَا

وَمَهمَا سَعَى الإِنسَانُ جَهدًا فَإِنَّهُ

سَيَعجَزُ عَن ضَبطِ الفُهُومِ مُرَاعِيَا

وَكُلُّ الذِي عَلَى الحِيَادِ لَشَاهِدٌ

بَأَنَّ مُحَمَّدًا مَحَا الجَهلَ مَاحِيَا

بِدِينِهِ هَرطَقَاتُ رُومَا وَفَارِسٍ

أُزِيلَت وَأَضحَى العِلمُ عُرفًا أَسَاسِيَا

أَفِي النَّارِ قُوَّةٌ لِكَي يَتَعَبَّدُوا

بِهَا لَحظَةً وَالمَاءُ إِن رُشَّ طَافِيَا

أَمَا ظَلَّ زِيسَ فِي النُّفُوسِ وَشِعرِهِم

يُغنِّي بِهِ الحُورُ الحِسَانُ الأَغَانِيَا

وَهَل يَتَجَسَّدُ الإِلـٰهُ بِخَلقِهِ

وَكَيفَ يَحُلُّ الرَّبُّ بِالخَلقِ دَانِيَا

وَهَل لِلِإلـٰهِ مِن شَرِيكٍ بِمُلكِهِ

وَإِن كَانَ أَنَّى ذَا بِغَيرِ تَبَارِيَا

وَمَن ذَا مُصَرِّفُ الحَيَاةِ تَمَكُّنًا

وَهَل قَد خَلَا مِنهُ الوُجُودُ ثَوَانِيَا

وَكُلُّ نِظَامَ الكَونِ مُخبِرُ عَقلَنَا

بِأَنَّ الإِلـٰهَ وَاحِدٌ ظَلَّ رَاسِيَا

وَكَانَ أَمَازِيغِ الصَّحَارٓي مُألِّهِي

بُرُوجِ السَّمَاءِ وَالنُّجُومِ المَدَارِيَا

أَلَم يَأتِهِم أَنبَاءُ إِبرَامَ جَدِّنَا

مَعَ الشَّمسِ وَالأَجرَامِ تِلكَ الأَعَالِيَا

وَإِن كَانَ فِي الأَجرَامِ آَلِهَةٌ لِمَا

تُغَطِّي عَلَى بَعضٍ فَتُغشَى تَوَارِيَا

شَغَلت العُقُولَ بِالعُلُومِ دِرَاسَةً

وَأَصبَحَ مَنطِقَ الكَلَامِ قِيَاسِيَا

سَعَى الحَاقِدُونَ كَاذِبِينَ بِغَيظِهِم

يَسُبُّونَكَ حِقدًا وَغِلًّا تَمَادِيَا

وَمَهمَا تَمَكَّنَ القِلَى مِن قُلُوبِهِم

وَنَالَ اللِئَامُ مِنكَ بالذِّكرِ نَابِيَا

فَمَا قَلَّلَ السِّبَابُ أَو زَادَ شَعرَةً

ودنُّ الذُّبَابِ لَيسَ يَومًا مُآذِيَا

وَكَيفَ لِفَرخٍ أَن يُصِيبَ بِرِيشَةٍ

جَنَاحًا لِصَقرٍ فِي السَّمَاوَاتِ سَامِيَا

فَطِبتَ مُكَرَّمًا وَدُمتَ مُنَزَّهًا

وَأَبقَاكَ رَبُّنَا مِنَ العَيبِ خَالِيَا

وَدُمتَ لَنَا مَحمُودَ الأَرَاضِينَ وَالسَّمَا

وَصَلَّى عَلَيكَ اللهُ صَلَّى تَوَالِيَا

وَهَل لَكَ مِن مَثِيلِ طَرفٍ لِيَومِنَا

وَمَن لِمُحَمَّدٍ يَكُونُ مُضَاهِيَا

وَكُلُّ جَمِيلٍ فِي الوَرَى أَنتَ نَبعُهُ

وَفَيضُ العَطَاءِ مِنكَ يُغزَرُ جَارِيَا

فَأَنتَ الجَلَالُ وَالجَمَالُ حَقِيقَةً

وَأَنتَ الوِصَالُ بِالكَمَالِ الإِلـٰهِيَا

وَأَنتَ لِرَبِّنَا لَخَيرُ وَسِيلَةٍ

يُغَاثُ بِكَ الدَّاعِي إِلـٰهَهُ رَاجِيَا

وَأَنتَ الصَّلَاحُ وَالفَلاحُ وَإِنَّكَ

لَأَصلَحُ مَن أَرجُو بِهِ اللهَ دَاعِيَا

أَغِثنَا بِهِ اللَّهُمَّ دَومًا تَفَضُّلًا

فَبِالمُصطَفَى تُشفَى النُّفُوسُ تَدَاوِيَا

لَقَد خَتَمَ اللّٰهُ الرَّسَائِلَ بِاسمِكَ

وَمِسكِ الخِتَامِ لِلهُدَى نِعمَ ذَاكِيَا

فَيَا دُرَّةَ الرُّسْلِ الكِرَامِ وَحَدَّهُم

لِمَن نَمدَحُ المَدِيحَ حَقًّا تَتَالِيَا

وَهَل يَستَحِقُّ غَيرُكَ المَدحَ دَائِمَا

وَأَنتَ إِمَامُ الخَلقِ دُونَ تَعَالِيَا

وَمَهمَا يَقُولُ المَادِحُونَ بِشِعرِهِم

فَلَن يَستَطِيعَ وَصفَ أَحمَدَ شَادِيَا

وَإِنِّي لَنَاقِصٌ وَلَيسَ بِخَارِجٍ

مِنَ النَّقصِ إِلَّا النَّقصُ فَاغفِر تَوَانِيَا

فَحَمدًا وَحَمدًا ثُمَّ حَمدًا لِرَبِّنَا

عَلَى نِعَمٍ حَبَى بِهَا اللّٰهُ عَاصِيَا

جَهِدتُ بِقَدرِ مَا لَدَيَّ مِنَ القُوَى

لِأَحظَى شَفَاعَةً بِيَومِ حِسَابِيَا

وَنَفْسِي تَرُومُ لِلْحَبِيبِ تَطَوُّقًا

لِلُقْيَا مُحَمَّدٍ عَلَى الْحَوضِ سَاقِيَا

هُوَ الْمُصْطَفَى صَلَّى عَلَيْهِ إِلَـٰهُنَا

بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ تَنَالُ التَّلَاقِيَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو الحسنى

أبو الحسنى

35

قصيدة

أَبُو الحُسنَى: هو مصطفى بن أيمن بن جودة بن عمر بن مصطفى العناني العُمَري العدوي القرشي، المولود يوم الإثنين الموافق التاسع من شهر رجب سنة ١٤٢٣ ثلاث وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة، المسجل با

المزيد عن أبو الحسنى

أضف شرح او معلومة