صَدَت زَفَرَاتٌ مِن جُذَى الجَمَرَاتِ

وَمِلأُ صَدَاهَا حُرقَةُ الحَسَرَاتِ

كَأَنَّ الضُّلُوعَ مِرجَلٌ بَينَ جَمرِهَا

إِذَا مَا غَلَى أَعَجَّ بِالزَّفَرَاتِ

وَفَحمٌ بِصَدرِي خَامِدٌ مُنذُ حِقبَةٍ

تَلَظَّى مِنَ الأَيَّامِ وَالأَزَمَاتِ

وَمَا هَمَّ قَلبِي مِثلَ ذِكرَى مُصَابِنَا

بِيَومٍ لِذِي النُّورَينِ كَالظُّلُمَاتِ

أَحَاطَ بِهِ اللِّئَامُ يَومَ كَرِيهَةٍ

بشهرٍ حَرَامٍ وَاعتَدُوا بِالهُدَاةِ

تَرَى قَاتِلِيهِ يَفخَرُونَ بِقَتلِهِ

يَقُولُونَ ثُرنَا بِئسَتِ الثَوَرَاتِ

شَظَى القَومِ أَشعَلُوا البِلَادَ بِفتنَةٍ

لَقَد نَكَأَت جُرحًا بِمَاضٍ وَآتِ

وَمَا أَزجَرَت فِيهَا الخَوَارِجَ حُرمَةٌ

إِذِ انتَهَكُوا بِهَا عَلَى الحُرُمَاتِ

جَزَى اللهُ قَاتِلِيهِ شَرَّ جَزَائِهِ

بِفعلَتِهِم فِي الدَّارِ بِالعَرَصَاتِ

عَلَى مِثلِ عُثمَانَ النَّسَاءُ يَنُحنَهُ

وَيَبكِينَهُ بِالدَّمعِ وَالصَّرَخَاتِ

مِنَ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ مُبَشَّرٌ

بِجَنَّةِ رَبِّهِ وَبَلوَى المَمَاتِ

كَرِيمٌ حَيِيٌّ خَيرُ بَرزٍ مُطَهَّرٌ

حَلِيمٌ حَكِيمٌ جَامِعُ المَكرُمَاتِ

وَآنَ الأَوَانُ أَن نَبُوحَ بِحَقِّهِ

عَلَى المُسلِمِينَ بِالوَغَى وَالوُلَاةِ

خَذَلتُم صَحَابِيًّا أَحَبَّه رَبُّنَا

خَذَلتُم رَسُولَ اللهِ فِي العَقَبَاتِ

وَكَانَ عَلِيكُم حِينَهَا حَشدَ جُنُودِكُم

لِحِفظِ أَبِي عَمرٍو مِنَ الهَجَمَاتِ

وَكَانَ عَلِيكُم حِينَهَا رَفضَ كَلَامِهِ

وَقَتلَ خَوَارِجِ القُرَى وَالعِدَاةِ

لَنَا فِي الكِتَابِ آيَةٌ تِلوَ آيَةٍ

قَدِ اتَّضَحَت فِي سُورَةِ الحُجُرَاتِ

أَمَا قَالَ رَبُّنَا بِهَا فَتَبَيَّنُوا

فَكَيفَ قَبِلتُم فِيهِ إِفكَ الوُشَاةِ

أَمَا قَالَ رَبُّنَا بِآيٍ فَأَصلِحُوا

فَكَيفَ تَرَكتُم دِينَكُم فِي شَتَاتِ

قَضَى اللهُ فِينَا مِن قَضَائِهِ مَا قَضَى

وَنَرضَى بِمَا قَضَى مِنَ الصَّدَمَاتِ

وَنَحمَدُهُ دَومًا عَلَى مَا أَصَابَنَا

مِنَ القَتلِ وَالشَّتَاتِ والفُرُقَاتِ