الديوان » العراق » النحوي » ما لي أراك حليف الوجد والالم

عدد الابيات : 400

طباعة

ما  لِي أَراكَ حَلِيفَ الوَجْدِ وَالاََلَمِ

أَوْدَى  بِجِسْمِكَ ما أَوْدَى مِن السَقَم

ذا مَدْمَعٍ بِالدَّمِ المُنْهَلِّ مُنْسَجِمِ

أَمِنْ  تَذَكُّرِ  جِيرانٍ بذي سَلَمِ

مَزَجْتَ  دَمعاً جَرَى مِن مُقْلَةٍ بِدَمِ

أَصْبحْتَ ذا حَسْرَةٍ في القَلْبِ دائِمَةٍ

وَمُهْجَةٍ  إِثْرَهُمْ في البِيدِ هائِمَةٍ

شَجاكَ في الدَّوْحِ تَغْرِيدٌ لحائِمَة

أَمْ هَبَّتِ الرِيحُ مِن تِلقاءِ كاظِمَةٍ

وأَوْمَضَ البَرْقُ في الظَلْماءِ من إِضَمِ

نَضَا  لك البَيْنُ عَضْبَاً مِنْهُ مُنصَلِتا

فلَسْتَ  من قيْدِهِ ما عِشْتَ مُنفَلِتا

إِنْ كُنْتَ تُنْكِرُ ما بِالوَجْدِ عَنْكَ أَتَى

فَما لِعَيْنَيْكَ إِن قلتَ اكْفُفا هَمَتا

وما لِقَلْبِكَ إِن قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ

وَاهَاً  لِصَبٍّ بَراهُ في الِهَوَى سَقَمُ

يُخْفِي هَواهُ وَدَمْعُ العَيْنِ مِنْه دَمُ

فَكَيْفَ يَخْفَى وَمِنْهُ القَلْبُ مُحْتَدِمُ

أَيَحْسَِبُ الِصَِبُّ أَنّ الحُبَّ مُنْكَتِمُ

ما  بَيْنَ مُنْسَجِمٍ منْهُ ومُضْطَرِمِ

تُخْفِي الِهَوَى وَتَِبِِيتُ اِلِلَّيْلَ في وَجَلِ

حَيْرانَ  طَِرْفٍ بِعَدِّ الِنَِجْمِ مُِِشْتَغِلِ

تَِبْكِي بِِِدَمْعٍ عَلِِى الاََطْلالِ مُنْهَمِلِ

لَولا الِهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمِْعَاً عِلى طَلَلِ

وَلا  أَرِقِْتَ لِذِكْرِ البانِ والعَلَمِ

نَمَّتْ بِِسِرِّكَ عَيْنٌ في الدُّجَى سَهِدَتْ

وَأَدْمُعٌ فِي مَِجارِي خَِدِّكَ اطَِّرَدَتْ

وَبَيِّناتُ  الضَنَى فِي الجِسْمِ مِنْكَ بَِدَتْ

فَكَيْفَ تُنْكِرُ حُبَّاً بَِعِْدَ مِا شَِهِِدَتْ

بِهِ  عليكَ عُدُولُ الِدَمِعِ والسَِقَِمِ

قَدْ صِِارَ سِِرُّكَ في أَهْل الهَوَى عَلَنا

وَأَنْتَ تُخْفِي الِّذِي أَخْفاكَ مِنْه عَنِا

وَكَمْ نَفَى عَنْكَ عُذْرِيُّ الِهَوَى وَسَنِِا

وَأَثْبَتَ الِِوَجِْدُ خَطَّيْ عَبْرَةٍ وَضَنا

مِثلَ الِبهارِ عِلِى خَدَّيكَ والعَنَِمِ

فَكَمْ تَِنُوحُ عَلى الاََطْلالِ وَالدِّمَنِ

مُجاوِباً  كُلَّ وَرْقاءٍ عَلَى فَنَنِ

هَلْ طَيْفُ مَيَّةَ وَلَّى عَنكَ بالوَسَنِ

نَعَمْ  سَرَى طيْفُ مَنْ أَهْوَى فَأَرَّقني

والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذّاتِ بالاََلمِ

فَدَعْ مَلامِي فَلَيسَ النَفْسُ مُقْصِرَةً

عَن حُبِّ مَيٍّ وَلا لِلصبْرِ مُؤْثِرَةً

لَم يُبْقِ لي الشَّوْقُ لِلسُّلْوانِ مَقْدِرَةً

يا لائِمي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً

مِنّي إِلَيكَ ولو أَنْصَفْتَ لم تَلُمِ

سَلِمْتَ  مِن دَنَفٍ عِنْدِي وَمِن سَهَرٍ

وَمِن  وُشاةٍ أُدارِيهِمْ وَمِن فِكَرٍ

شَتّانَ ما بَيْنَ حَالَينا لِذِي بَصَرٍ

عَدَتْكَ  حالِيَ  لا سِرّي بِمُسْتَتِرٍ

عن  الوُشاةِ ولا دائي بِمُنْحَسِمِ

عَذَلْتَ مَن صُمَّ عِنْدَ العَذْلِ مَسْمَعُهُ

فَخَلِّ عَنْهُ فَلَيسَ العَذْلُ يَنْفَعُهُ

قَد  قُدْتَنِي لِلهُدَى لَو كُنْتُ أَتْبَعُهُ

مَحَضْتَنِي النُصْحَ لكنْ لَستُ أَسْمَعُهُ

إِنّ  المُحِبَّ عن العُذّالِ في صَمَم

فَكَم  طَلائِعِ إِنْذارٍ وَكَم رُسُلِ

بَدَتْ بِفَوْدِي فَما أَقْصَرْنَ مِن أَمَلي

فَكَيفَ تَطْمَعُ في رُشْدِي بِعَذْلِكَ لِي

إِنّي اتَّهَمْتُ نَصِيحَ الشَّيبِ في عَذَلي

والشَّيبُ أبْعَدُ في نُصْحٍ عَن التُّهَمِ

أَيْقَظْتُ نَفْسِي لاَُِخْراها فَما يَقِظَتْ

وَواعِظُ المَوْتِ وافاها فَما وُعِظَتْ

فَدَعْ  زَواجِرَ لَوْمٍ مِنْكَ قَد غَلُظَتْ

فَإِنَّ  أَمّارَتي  بِالسُوءِ ما اتَّعَظَتْ

مِن  جَهلِها بِنَذِيرِ الشَّيْبِ والهَرَمِ

واهَاً لَها بِالتَّصابِي قَضَّتِ العُمُرا

وَما  أَصاخَتْ  لِمَولاها بِما أَمَرا

ولا اسْتَعَدَّتْ لزادٍ إِذْ نَوَتْ سَفرا

ولا أَعَدَّتْ مِن الفِعْلِ الجَميلِ قِرَى

ضَيْفٍ أَلَمَّ بِرَأْسِي غَيرَ مُحْتَشِمِ

يُبَشِّرُ المَرْءَ لَو أَصْغَى وَيُنْذِرُهُ

فِي ما يُرَجِّيهِ في العُقْبَى وَيَحْذَرُهُ

فَساءَ عِنْدِي لِسُوءِ الفِعْلِ مَنْظرُهُ

لَو  كُنْتُ أَعْلَمُ أَنّي ما أُوَقِّرُهُ

كَتَمْتُ سِرّاً بَدا لي مِنهُ بِالكَتَمِ

فَيا لَنَفْسٍ تَمادَتْ في عَمايَتِها

واسْتَبْدَلَتْ  بِضَلالٍ مِن هِدايَتِها

فَما  احْتِيالي وَقَدْ نَدَّتْ لِغايَتها

مَن لِي بِرَدِّ جِماحٍ مِن غَوايَتِها

كَما  يُرَدُّ جِماحُ الخَيْلِ بِاللُّجُمِ

نَبَتْ فَضَيَّعَتِ الدُّنيا بِنَبْوَتِها

وَمُذ كَبَتْ ضاعَتِ الاَُخْرَى بِكَبْوَتِها

فَإِنْ  تُرِدْ رَدَّها عَن غيِّ صَبْوَتِها

فَلا تَرُمْ بِالمَعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها

إنّ الطَّعامَ يُقَوِّي شَهْوَةَ النَّهِمِ

فَلا تَذَرْها عَلى ما تَشْتَهِي هَمَلا

فَرُبَّ شَهْوَةِ نَفْسٍ قَرَّبَتْ أَجَلا

فَالنَّفْسُ  طَوْعُ الفَتَى إِنْ جارَ أَوْ عَدَلا

فَالنَّفْسُ كَالطِّفْلِ إِنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلى

حُبِّ  الرَّضاعِ وإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ

أَسْخَطْتَ رَبَّكَ في ما كُنْتَ مُقْصِيَهُ

مِن  صالِحٍ وَقَبِيحٍ رُحْتَ مُدْنِيَهُ

فَإِنْ  تُرِدْ  أَنْ يَراكَ اللهُ مُرْضِيَهُ

فَاصْرِفْ هَواها وَحاذِرْ أَنْ تُوَلِّيَه

إِنّ الهَوَى ما تَوَلَّى يُصْمِ أَو يَصِم

لا  تَغْترِرْ بِهُداها فَهْيَ رائِمَةٌ

لِلْغَيِّ طَبْعَاً وَلِلاََْسْواءِ سائِمَة

فَافْطُنْ لَها وَهْيَ بِالطَّاعاتِ قائِمَةٌ

وَراعِها وَهْيَ في الاََعْمالِ سائِمَة

وإِنْ  هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِمِ

كَم  خاتَلَتْكَ وما زَالَتْ مُخاتِلَةًِ

تُولِيْكَ قَطْعَاً تَراها فِيهِ واصِلَةِ

كَم  زَيَّنَتْ  عِزَّةً بِالذُّلِّ شامِلَةًِ

كَم  حَسَّنَتْ لَذَّةً لِلمَرْءِ قاتِلَةً

مِن حَيثُ لَم يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ

لا  خَيْرَ في طَمَعٍ يُفْضِي إِلى طَبَعٍ

وَمَنْظَرٍ حَسَنٍ ذِي مَخْبَرٍ شَنِعٍ

فَساوِ حَالَيْكَ مِن يَأْسٍ وَمِن طَمَع

واخْشَ الدَّسائِسَ من جُوعٍ ومن شِبَع

فَرُبَّ  مَخْمَصَةٍ شَرٌّ من التّخَمِ

بَرَتْكَ نَفْسٌ مِن الاََدْواءِ ما بَرِئَتْ

وَلا  انْبَرَتْ لِشِفاءٍ قَطُّ مُذ بُرِئَت

فَانْهَضْ إِلى بُرْئِها لَو أَنَّها بَرِئَت

واسْتَفْرِغِ الدَمْعَ مِن عَيْنٍ قد امْتَلاَََت

مِن  المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَدَمِ

رَمَتْكَ مِنْكَ عُداةٌ أَقْصَدَتْكَ فَما

أَبْقَتْ بِقَلْبِكَ بَعْدَ اليَوْمِ غَيْرَ ذَما

فَكُنْ بِطاعَةِ مَن أَنْشاكَ مُعْتَصِما

وَخالِفِ  النَّفْسَ والشَّيطانَ وَاعْصِهِما

وإِنْ هُما مَحَضاكَ النُّصْحَ فَاتَّهِمِ

فَكَمْ أَبادَا بِكَيْدٍ مِنْهُما أُمَمَا

وَنَكَّسَا  مِن أَخِي عِلْمٍ بِهِ عَلَما

فَلا تَكُنْ لهُما في حَالَةٍ سَلَمَا

وَلا تُطِعْ مِنْهُما خَصْمَاً ولا حَكَما

فَأَنْتَ تَعْرِفُ كَيدَ الخَصْمِ والحَكَمِ

فَاعْجَبْ  لآِمِرِ قَوْمٍ غَيْرِ مُمْتَثِلٍ

وَعاذِلٍ  عن  هَواهُ غَيْرِ مُنْعَذِلٍ

كم قَد نَصَحْتُ وَكَم في القَلْبِ مِن دَغَلٍ

أَسْتَغْفِرُ  اللهَ  مِن قَوْلٍ بِلا عَمَلٍ

لَقَد نسَبْتُ بِه نَسْلاًَ لِذِي عُقُمِ

فَيا  لَقَلْبٍ تَمادَى في تَقَلُّبِهِ

يُؤَدِّبُ  النَاسَ  ساهٍ عَنْ تَأَدُّبِهِ

أَوْجَبْتُ أَمْرَاً وَلَم أَعْمَلْ بِمُوجِبِه

أَمَرْتُكَ  الخَيْرَ لكنْ ما اأْتَمَرْتُ بِهِ

وما  اسْتَقَمْتُ فَما قَولي لكَ اسْتَقمِ

أَفْنيْتُ أَيّامَ عُمْرِي الغَضِّ كامِلَةً

وَلا أَرَى النَّفْسَ عَمّا ساءَ عادِلَة

لَم  أَثْنِ نَفْسَاً إِلى الآثامِ مائِلَة

وَلا تَزَوَّدْتُ قَبْلَ المَوْتِ نافِلَةَ

وَلَم أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ وَلم أَصُمِ

فَكَمْ سَهَرْتُ اللَّيالي في العُكُوفِ عَلى

ما  لَيْسَ يَنْفَعُ لا عِلْمَاً وَلا عَمَلاَ

أَمَتُّ لَيْلي بِما لَمْ يَعْنِ مُشْتَغِلاَ

ظَلَمْتُ سُنَّةَ مَن أَحْيَى الظَّلامَ إِلى

أَنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّرَّ مِن وَرَمِ

كَمْ قَدْ تَعَرَّضَتِ الدُّنيا لَهُ فَلَوَى

عَنْها العِنانَ وَما أَلْوَى لَها وَأَوَى

وَكَمْ  طَوَى كَشْحَهُ عَن لَذَّةٍ وَطَوَى

وَشَدَّ  مِن سَغَبٍ أَحْشاءَهُ وطَوَى

تَحْتَ الحِجارَةِ كَشْحَاً مُتْرَفَ الاََدَمِ

تَطَلَّبَتْهُ  وَحاشاهُ بِلا طَلَبٍ

بِكُلِّ ما في كُنُوزِ الاََرْضِ مِن نَشَبٍ

فَصَدَّ عَمّا بِها مِن زِبْرِجٍ كَذِبٍ

وَراوَدَتْهُ  الجِبالُ الشُّمُّ مِن ذَهَبٍ

عَن نَفْسِهِ فأَراها أَيَّما شَمَمِ

جَفَتْهُ لِلزُّهْدِ في الدُّنيا عَشِيرَتُهُ

فَما عَدَتْ خِيْرَةَ الرَّحمنِ خِيْرَتُهُ

قَد  بَصَّرَتْهُ بِما فِيها بَصِيرَتُه

وَأَكَّدَتْ  زُهْدَهُ  فِيها ضَرُورَتُهُ

إِنَّ  الضَّرُورَةَ لا تَعْدُو على العِصَمِ

كَم  صَدَّ عَن زَهْرَةٍ في رَوْضَةٍ وَفَنَنْ

عِلْمَاً بِتِلْكَ الرِّياضِ الخُضْرِ خُضْرَ دِمَنْ

لَم يَدْعُهُ نَحْوَها ضُرٌّ وَطُولُ شَجَن

وَكَيْفَ تَدْعُو إِلى الدُّنيا ضَرُورَةُ مَنْ

لَولاهُ لم تَخْرُجِ الدُّنيا مِن العَدَمِ

لَوَتْ  بِمَنْسَبِهِ الاََنْسابَ آلُ لُؤَيْ

وَاسْتَقْصَتِ  المَجْدَ وَالعَلْياءَ آلُ قُصَيْ

وَكَم مَحا عَن صَرِيحِ الحَقِّ شُبْهَةَ غَي

مُحمَّدٌ سَيّدُ الكَوْنَيْنِ وَالثَقَلَيْ

نِ والفَرِيقيْنِ مِن عُرْبٍ ومِن عَجَمِ

كَم في نَعَمْ قَد أُفِيضَتْ مِن يَدَيهِ يَدٌِ

وَكَم  تَنَزَّهَ  في  لا واحِدٌ أَحَدِ

أَتَى  بِأَمْرَينِ كُلٌّ مِنْهُما رَشَدِ

نَبِيُّنا  الآمِرُ  النَّاهِي فَلاَ أَحَدِ

أَبَرَّ  في  قَولِ لا مِنهُ ولا نَعَمِِ

هُوَ الشَفِيعُ لِمَنْ قَلَّتْ بِضاعَتُهُ

في الصّالِحاتِ وَمَن طالَتْ إِضاعَتُهُ

فَاعْدُدْهُ لِلْهَوْلِ إِنْ هَالَتْ فَظاعَتُهُ

هُوَ  الحَبِيبُ الّذِي تُرْجَى شَفاعَتُه

لكلِّ  هَوْلٍ من الاََهوالِ مُقْتَحَمِ

دَعا فَجَلَّى العَمَى عَن وَجْهِ مَذْهَبِهِ

كَما  جَلاَ البَدْرُ لَيْلاًَ جُنْحَ غَيْهَبِهِ

دَعا  فَفازَ  مُلَبِّيهِ بِمَطْلَبِه

دَعا  إِلى  اللهِ فَالمُسْتَمْسِكُونَ بِه

مُستَمْسِكُونَ  بحَبْلٍ غيرِ مُنْفَصِمِ

كَم  مِن نَبِيٍّ مَع المُختارِ مُتَّفَقٍ

في البَعْثِ مُخْتَلِفٍ في الفَضْلِ مُفْتَرِقٍ

فَيا نَبِيّاً بَفَضْلٍ فيه مُتَّسِقٍ

فاقَ  النَّبِيِّينَ في خَلْقٍ وَفي خُلُق

ولم  يُدانُوه في عِلْمٍ ولا كَرَمِ

بِهِ أَضاءَ لِمُوسَى في الدُّجَى قَبَسٌ

فَالبَحْرُ مُنْفَلِقٌ وَالماءُ مُنْبَجِسٌ

والكُلُّ  مِن نُورِهِ لِلنُّورِ مُقْتَبِسٌ

وَكُلُّهُمْ  مِن رَسُولِ اللهِ مُلْتَمِسٌ

غَرْفاً من البَحْرِ أَو رَشْفَاً مِن الدِّيَم

هُوَ المَثابَةُ إِن طافُوا أَوِ الْتَزَمُوا

فَالبَعْضُ مُلْتَمِسٌ وَالبَعْضُ مُسْتَلِمُ

فَهُمْ قإِعْلانُهُ وَفْقَ مَا تُخْفِي سَرِيرَتُهُ

وواقفون لديه عند حدهم

من نقطة العلم او من شكله الحكم

إعلانه  وفق ما تخفي سريرته

وَسِيرَةُ  اللهِ فِي ما شاءَ سِيرَتُهُ

فَهْوَ الصَّفِيُّ لِبارِيهِ وَخِيرَتُهُ

وَهْوَ  الّذِي  تَمَّ مَعْناهُ وَصُورَتُهُ

ثُمّ  اصْطَفاهُ  حَبِيبَاً بارِىَُ النَّسَمِ

إِنْ قالَ فَالدُّرُّ يَزْهُو في مَعادِنِهِ

أَو  جالَ فَاللَّيْثُ يَسْطُو في بَراثِنِهِ

مُبَرَّأٌ  في  عُلاهُ  عَن مَوازِنِهِ

مُنَزَّهٌ عَن شَرِيكٍ في مَحاسِنِهِ

فَجَوْهَرُ  الحُسْنِ فيهِ غَيرُ مُنْقَسِمِ

كَم حارَ في كُنْهِ مَعْنَى ذاتِهِ أُمَمُ

فَالبَعْضُ فِيه هُدُوا وَالبَعْضُ عَنْهُ عَمُوا

فَدَعْ  مَقالَةَ  مَن زَلَّتْ بِهِ القَدَم

دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَصارَى في نَبِيِّهِمُ

وَاحْكُمْ بِما شِئْتَ مَدْحَاً فيهِ واحْتَكِمِ

فَكَمْ  نَوابِغَ آياتٍ وَكَم صُحُفٍ

تُرْوَى  لَهُ خَلَفَاً في المَجْدِ عَن سَلَف

فَانْسِجْ لاََِمْداحِهِ ما شِئْتَ مِن تُحَف

وانْسِبْ  إِلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِن شَرَفٍ

وانْسِبْ إِلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ مِن عِظَمِ

كَفاهُ  ما مِن مَزِيدِ الفَضْلِ خَوَّلَهُ

مَن لِلْوَرَى بِالهُدَى وَالحَقِّ أَرْسَلَهُ

فَما  مَقالُ امْرِىٍَ بِالمَدْحِ بَجَّلَه

فَإِنَّ  فَضْلَ رَسُولِ اللهِ لَيْسَ لَهُ

حَدٌّ  فَيُعْرِبَ عَنهُ ناطِقٌ بَفَمِ

كَم  آيَةٍ  نَكَّسَتْ مِن جاحِدٍ عَلَما

قَد جَلَّ عَنْ قَدْرِها قَدْرَاً وَجَلَّ سُما

كَي لا تَضِلَّ بِه لَو ناسَبَتْ أُمَمَا

لَو  ناسَبَتْ قَدْرَهُ آياتُهُ عِظَمَا

أَحْيَى اسْمُهُ حينَ يُدْعَى دارِسَ الرِّمَمِ

وَافَى  بأَعْجَبِ بُرْهانٍ وَأَغْرَبِهِ

يَرُدُّ  في صِدْقِهِ دَعْوَى مُكَذِّبِهِ

وَمُذْ  دَعانا إِلى أَوْضاحِ مَذْهَبِه

لَمْ  يَمْتَحِنّا بِما تَعْيَى العُقُولُ بِه

حِرْصَاً عَلينا فَلَم نَرْتَبْ ولم نَهِم

دَنا  فَشَطَّ فَأَعْيَى كُنْهُهُ البَشَرَا

فَما  أَحاطَ بِمَعْناهُ امْرُؤٌ وَدَرَى

وَكُلَّما  أَمْعَنُوا في ذاتِهِ نَظَرَا

أَعْيَى  الوَرَى فَهْمُ مَعناهُ فَلَيْسَ يُرَى

لِلقُرْبِ  والبُعْدِ فيه غيرُ مُنْفَحِمِ

دَانِي التَّواضُعِ سامِي المَجْدِ ذُو حِيَدٍ

فَالنَّفْسُ في صَبَبٍ والمَجْدُ في صَعَدٍ

فَاعْجَبْ  لِمُقْتَرِبٍ لِلعَيْنِ مُتَعِدٍ

كَالشَّمْسِ تَظْهَرُ لِلعَيْنَيْنِ مِن بُعُدٍ

صَغِيرَةً وَتُكِلُّ الطَرْفَ مِن أَمَمِ

قَدْ  هَذَّبَ  اللهُ  إِعظامَاً خَلِيفَتَهُ

وَلَم  يُنَبِّهْ  لِمَعْناهُ خَلِيقَتَهُ ِ

فَكَيفَ يَبْلُغُ ذُو جُهْدٍ طَرِيقَتَهُِ

وَكَيفَ  يُدْرِكُ في الدُّنْيا حَقِيقَتَهُِ

قومٌ  نِيامٌ تَسَلَّوْا عنه بِالحُلُمِِ

كَم  قَدْ  تَعمَّقَ في إِدْراكِهِ نَظَرٌ

وَأُعْمِلتْ  مِن ذَوِي فِكْرٍ بِهِ فِكَر

فما تَجَدَّدَ لا عِلْمٌ ولا خَبَر

فَمَبْلَغُ العِلْمِ فِيهِ أَنَّهُ بَشَرٌ

وأَنَّهُ  خَيرُ  خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمِ

كَم جاءَتِ الرُّسُلُ الاَُولَى لِمَطْلَبِها

بِحُجَّةٍ  شَعْشَعَتْ  أَنوارَ مَذْهَبِها

فَكانَ  مِن نُورِهِ إِشْراقُ كَوْكَبِها

وَكُلُّ  آيٍ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بِها

فَإِنَّما  اتَّصَلَتْ  مِن نُورِهِ بِهِمِ

هُمُ  النُّجُومُ  بِهِمْ تُجْلَى غَياهِبُها

ما حَجَّبَ الشَّمْسَ عَن عَيْنٍ مَغارِبُها

فَلا  يُقاسُ بِنُورٍ مِنْهُ ثاقِبُها

فَإِنَّهُ شَمْسُ فَضْلٍ هُمْ كَواكِبُها

يُظْهِرْنَ أَنوارَها لِلناسِ في الظُلَمِ

كَم شَقَّ جَيْبَ الدُّجَى مِن نُورِهِ فَلَقٌ

وَعَبَّقَ الكَوْنَ مِن أَخْلاقِهِ عَبقٌ

فَالخَلْقُ وَالخُلْقُ كُلٌّ فِيهِ مُتَّسِقٌ

أَكْرِمْ  بِخَلْقِ نَبِيٍّ زانَهُ خُلُق

بِالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بِالبِشْرِ مُتَّسِمِ

خُلْقٌ  وَخَلْقٌ وَكُلٌّ أَيُّ مُؤْتَلِفٍ

جُودٌ  وَبَأْسٌ  وَكُلٌّ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ

فَيا  لَمَوْلَى بِكُلِّ الفَضْلِ مُتَّصِفٍ

كالزَّهْرِ في تَرَفٍ والبدْرِ في شَرَف

والبَحْرِ في كَرَمٍ والدَّهرِ في هِمَمِ

عَلى أَسارِيرِهِ سِيما بَسالَتِه

تَلُوحُ  كَالبَدْرِ يَزْهُو وَسْطَ هَالَتِه

لَم  يَبْدُ  إِلاّ وَفَرُّوا مِن مَهابَتِهِ

كَأَنَّهُ  وَهْوَ  فَرْدٌ  في جَلالَتِهِ

في عَسْكَرٍ حِينَ تَلقاهُ وفي حَشَمِ

كَم بِالمَقالِ جَلاَ لِلرَّيْبِ مِن سُدَفٍ

وَبِابْتِسامٍ مَحا لِلَّيْلِ مِن سُجُفٍ

فَاللَّفْظُ وَالثَّغْرُ دُرٌّ أَيُّ مُرْتَصِف

كَأَنَّما  اللُّؤْلُؤُ المَكْنُونُ في صَدَفٍ

مِن  معْدِنَي مَنْطِقٍ مِنهُ ومُبْتَسَمِ

فَلُذْ  بِقَبْرٍ بِهِ الرَّحْمنُ أَكْرَمَهُ

وَمِثْلَ تَحْرِيمِهِ لِلْبَيْتِ حَرَّمَهُ

وَالْثِمْ ثَرَى رَمْسِهِ إِنْ نِلْتَ مَلْثَمَهُ

لا طِيْبَ يَعْدِلُ تُرْبَاً ضَمَّ أَعْظُمَهُ

طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ مِنهُ ومُلْتَثِمِ

قَدْ  شَقَّ  مِيلادُهُ إِصْباحَ مَفْخَرِهِ

عَن واضِحِ المَجْدِ سامِي الجَدِّ أَزْهَرِهِ

وَمُنْذُ  بانَ الهُدَى مِن حِينِ مَظْهَرِهِ

أَبانَ  مَوْلِدُهُ عَن طِيبِ عُنْصُرِهِ

يا  طِيبَ مُبْتَدَأٍ مِنهُ ومُخْتَتَمِ

يَوْمٌ  بِهِ  نالَ أَهْلُ الحَقِّ أَمْنَهُمُ

مِن  خَوْفِهِمْ  وَأَحَقَّ اللهُ ظَنَّهُمُ

يَوْمٌ  تَبَيَّنَ فِيهِ الرُّومُ وَهْنَهُمُ

يَوْمٌ  تَفَرَّسَ فِيهِ الفُرْسُ أَنَّهُمُ

قَدْ  أُنْذِرُوا بِحُلُولِ البُؤْسِ والنِّقَمِ

كَم ضاقَ فِيهِمْ مِن الاََقْطارِ مُتَّسِعٌ

فَالكُلُّ مِنْهُمْ شَجٍ مِمّا عَرَى جَزِعٌ

فَظَلَّ كِسْرَى لَدَيْهِمْ وَهْوَ مُنْقَطِعٌ

وباتَ إِيوانُ كِسْرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ

كَشَمْلِ أَصْحابِ كِسْرَى غَيْرَ مُلْتَئِمِ

فَكم هَوَتْ مِنهُ نَحْوَ الاََرْضِ مِن شُرَفٍ

هَوَتْ بِشامِخِ ما لِلفُرْسِ مِن شَرَفٍ

فَالجَوُّ مُضْطَرِبُ الاََرْجاءِ مِن دَنَفٍ

والنّارُ خامِدَةُ الاََنْفاسِ مِن أَسَفٍ

عَلَيهِ والنَّهْرُ ساهِي العَيْنِ من سَدَمِ

لَقَد تَمادَتْ عَلَى الكُفّارِ حَيْرَتُها

إِذْ لَم تُفِدْها لِغَوْرِ الماءِ غَيْرَتُها

قَدْ غَمَّها أَنْ خَبَتْ عَنْها نُوَيْرَتُها

وَساءَ  سَاوَةَ أَنْ غَاضَتْ بُحَيْرَتُها

وَرُدَّ  وارِدُها بِالغَيْظِ حِيْنَ ظَمِي

فَالنّارُ  وَالماءُ مِن خَوْفٍ وَمِن وَجَلٍ

قَدْ  حالَ عَن طَبْعِهِ كُلٌّ إِلى بَدَلٍ

فَالنارُ  في صَرَدٍ والماءُ في غَلَلٍ

كَأَنَّ  بِالنّارِ ما بِالماءِ مِن بَلَلٍ

حُزْناً وبِالماءِ ما بِالنّارِ مِن ضَرَمِ

آياتُ  حَقٍّ  لاََِهْلِ  الزَّيْغِ قامِعَةٌ

مِنها بُرُوقُ الهُدَى في الكَوْنِ لامِعَةٌ

فَالاِِنْسُ تَلْهَجُ والاََمْلاكُ صادِعَةٌ

والجِنُّ تَهْتِفُ وَالاََنْوارُ ساطِعَةٌ

والحَقُّ يَظْهَرُ مِن مَعْنىً وَمِن كَلِمِ

كَم بُشِّرُوا لَو يُلَقَّوْنَ الهُدَى بِنِعَمْ

وَأُنْذِرُوا  لَو يُوَقَّوْنَ الرَّدَى بِنِقَمْ

لكِنَّهُمْ مِن عَمىً لَجُّوا بِهِ وَصَمَمْ

عَمُوا وَصَمُّوا فَإِعْلانُ البَشائِرِ لَمْ

يُسْمَعْ  وبارِقَةُ الاِِنْذارِ لَمْ تُشَمِ

أَبْدَى لَهُمْ نَبَأَ الاََصْنامِ سادِنُهُمْ

لَمّا  هَوَتْ فَخَوَتْ مِنْها مَدائِنُهُمْ

ضاقَتْ عَلى القَوْمِ في رَحْبٍ مَعاطِنُهُمْ

مِن بَعْدِ ما أَخْبَرَ الاََقْوامَ كاهِنُهُمْ

بِأَنَّ  دِيْنَهُمُ  المُعْوَجَّ لَم يَقُمِ

كَم كَذَّبُوا ما لَدَيْهِمْ فِيهِ مِن كُتُبٍ

تَعَلُّلاًَ  بِأَباطيلٍ لَهُمْ كَذِبٍ

مِن بَعْدِ ما رَأَوُا الآياتِ مِن كَثَبٍ

وَبَعْدَ ما عايَنُوا في الاَُفْقِ مِن شُهُبٍ

مُنْقَضَّةٍ  وَفْقَ ما في الاََرْضِ مِن صَنَمِ

هَوَتْ رُجُوماً فَوَجْهُ الوَحْيِ مُبْتَسِمٌ

عَنْ أَبْلَجٍ مِنْهُ شَمْلُ الدِّينِ مُنْتَظِمٌ

فَكُلُّ مُسْتَرِقٍ لِلسَمْعِ مُنْقَصِمٌ

حَتّى غَدا عَن طَرِيقِ الوَحْيِ مُنْهَزِمٌ

مِن  الشَّياطِينِ يَقْفُو إِثْرَ مُنْهَزِمِ

رُمُوا  مِن  النَّجْمِ مُنْقَضَّاً بِتُرَّهَةٍ

قَد أَبْطَلَتْ إِذ أَطَلَّتْ كُلَّ تُرَّهَةٍ

فَأَجْفَلُوا  هَرَبَاً في كُلِّ مَهْمَهَةٍ

كَأَنَّهُمْ هَرَبَاً أَبْطالُ إِبْرَهَةٍ

أَو عَسْكَرٌ بِالحَصَى مِن راحَتَيْهِ رُمِي

بِهِ  ابْنُ مَتَّى نَجا مِن بَعدِما الْتُقِما

وَفِي يَدَيْهِ الحَصَى تَسْبِيحُهُ عُلِما

لَم  يَرْمِ  لكِنَّما اللهُ العَظِيمُ رَمَى

نَبْذَاً بِهِ بَعْدَ تَسْبِيحٍ بِبَطْنِهِما

نَبْذَ  المُسَبِّحِ مِن أَحْشاءِ مُلْتَقِمِ

كَم  قَد  هَدَى أُمَّةً ظَلَّتْ مُعانِدَةً

وَكُلَّما قُرِّبَتْ ظَلَّتْ مُباعِدَةً

ومُذ  بَغَتْ  آيَةً بِالصِدْقِ شاهِدَةً

جاءَتْ  لِدَعْوَتِهِ الاََشْجارُ ساجِدَةً

تَمْشِي إِلَيهِ على ساقٍ بِلا قَدَمِ

جاءَتْ وَرَدَّتْ بِأَمْرٍ مِنْهُ وانْسَرَبَتْ

فقالَ عُودِي فَعادَتْ مِثْلَما ذَهَبَتْ

جاءَتْ إِلَيهِ تَخُطُّ الاََرْضَ وَاقْتَرَبَتْ

كَأَنَّما  سَطَرَتْ سَطْرَاً لِما كَتَبَتْ

فُرُوعُها  مِن بَدِيعِ الخَطِّ في اللَّقَمِ

لَقد  دَعاها فَلَبَّتْهُ مُبادِرَةً

فَرَدَّها  مِثْلَما جاءَتْهُ صادِرَةً

لو  شاءَ كانَتْ لِعُلْياهُ مُسايِرَةً

مِثْلَ  الغَمامَةِ أَنَّى سارَ سائِرَةً

تَقِيهِ  حَرَّ وَطِيسٍ لِلْهَجِيرِ حَمِي

قَد  شَقَّ عَنْ قَلْبِهِ البارِي فَجَلَّلَهُ

نُورَاً  وَبِالقَمَرِ  المُنْشَقِّ بَجَّلَهُ

فَلْيَهْنَأِ  البَدْرُ ما الرَّحمنُ خَوَّلَهُ

أَقْسَمْتُ  بِالقَمَرِ المُنْشَقِّ أَنَّ لَهُ

مِن  قَلْبِهِ نِسْبَةً مَبْرُورَةَ القَسَمِ

وَما حَكَى اللهُ مِن فَضْلٍ لَهُ عَمَمٍ

لَم  يُحْصَ عَدَّاً بِقِرْطاسٍ وَلا قَلَمٍ

وَما  رَوَى الحَبْرُ مِن خِيمٍ وَمِن شِيَمٍ

وَما حَوَى الغارُ مِن خَيْرٍ وَمِن كَرَمٍ

وَكُلُّ  طَرْفٍ مِن الكُفّارِ عَنْهُ عَمِي

أَقامَ  لا  وَجِلاًَ  فِيهِ وَلا وَجِما

أَجَلْ  وَصاحِبُهُ مُسْتَشْعِرٌ سَدَما

فَقالَ لا تَبْتَئِسْ فَاللهُ خَيْرُ حِمَى

فَالصِّدْقُ في الغارِ والصِّدِّيقُ لَم يَرِما

وَهُمْ يَقُولُونَ ما بِالغارِ مِن أَرِمِ

حامَ  الحَمامُ بِبابِ الغارِ إِذْ دَخَلاَ

وَالعَنْكَبُوتُ كَسَتْهُ نَسْجَها حُلَلاَ

فَالقَوْمُ  مِن حَيْرَةٍ ضَلُّوا بِها السُبُلاَ

ظَنُّوا الحَمامَ وَظَنُّوا العَنْكَبُوتَ عَلَى

خَيْرِ البَرِيَّةِ لَم تَنْسِجْ ولَم تَحُمِ

نَسْجُ العَناكِبِ أَقْوَى كُلِّ صارِفَةٍ

لِلسُّوءِ  عَن فِئَةٍ بِاللهِ عارِفَةٍ

فَاسْتَغْنِ  بِاللهِ  في صَمّاءَ قاصِفَةٍ

وِقايَةُ  اللهِ أَغْنَتْ عَن مُضاعَفَةٍ

مِن الدُّرُوعِ وعَن عالٍ مِن الاَُطُمِ

شَكَوْتُ  دَهْرِي  إِلَيهِ في تَقَلُّبِهِ

فَكُنْتُ  غَلاّبَ دَهْرِي في تَغَلُّبِهِ

فَدَعْ  زَمانِيَ  يَضْوَى في تَعَتُّبِهِ

ما  سامَنِي الدَّهْرُ ضَيْمَاً واسْتَجَرْتُ بِهِ

إِلاّ  وَنِلْتُ جِوارَاً مِنْهُ لم يُضَمِ

فما  شَكَوْتُ عَدُوَّاً في تَرَدُّدِهِ

بِالكَيْدِ  في يَوْمِهِ نَحْوِي وَفي غَدِهِ

إِلاّ  ثَنَى الكَيْدَ مِنْهُ في مُقَلَّدِهِ

وَلا  الْتَمَسْتُ غِنَى الدارَيْنِ مِن يَدِهِ

إِلاّ  اسْتَلَمْتُ النَّدَى مِن خَيْرِ مُسْتَلَمِ

يَنامُ  مُنْتَبِهَاً لِلْوَحْيِ مُجْمَلَهُ

وَعَى  كَما قَد وَعَى مِنْهُ مُفَصَّلَهُ

إِنْ  تَعْرِفُوا ما بِهِ ذُو الوَحْيِ خَوَّلَهُ

لا تُنْكِرُوا الوَحْيَ مِن رُؤْياهُ إِنَّ لَهُ

قَلْبَاً  إِذا نامَتِ العَيْنانِ لَم يَنَمِ

كَم في المَنامِ رَأَى مِن قَبْلِ دَعْوَتِهِ

وَحْيَاً  وَحِيَّاً  أَتاهُ حَالَ غَفْوَتِهِ

قَد  كانَ  بادِىََ بَدْءٍ مِن فُتُوَّتِهِ

فَذاكَ  حِينَ بُلُوغٍ مِن نُبُوَّتِهِ

فَكَيفَ  يُنْكَرُ مِنهُ حالَ مُحْتَلِمِ

أَعْظِمْ بِمَوْلىً لِوعيِ الوَحْيِ مُنْتَخَبٍ

عَلى  الغُيُوبِ أَمِينٍ غَيْرِ ذِي رِيَبٍ

سُبْحانَ مَوْلىً لَهُ لِلْوَحْيِ مُنْتَجِبٍ

تَبارَكَ  اللهُ  ما وَحْيٌ بِمُكْتَسَبٍ

وَلا نَبِيٌّ عَلى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ

مَوْلىً مَحلُّ الهُدَى والرُّشْدِ ساحَتُهُ

وباحَةُ الوَحْيِ والاََمْلاكِ باحَتُهُ

كَمْ  أَنْعَشَتْ مَيْتَ إِمْلاقٍ سَماحَتُهُ

كَمْ  أَبْرَأَتْ وَصِبَاً بِاللَمْسِ راحَتُهُ

وَأَطْلَقَتْ  أَرِبَاً  مِن رِبْقَةِ اللَّمَمِ

مَوْلىً لَهُ مِن لُبابِ المَجْدِ صَفْوَتُهُ

وَمِن مَنِيعٍ رَفِيعِ القَدْرِ صَهْوَتُهُ

أَماتَت الكُفْرَ وَالتَضْلِيلَ دَعْوَتُهُ

وَأَحْيَتِ السَّنَةَ الشَهْباءَ دَعْوَتُهُ

حَتّى حَكَتْ غُرَّةً في الاََعْصُرِ الدُّهُمِ

دَعا  فَجَلَّلَتِ الدُّنْيا بِغَيْهَبِها

سَحائِبٌ قَد تَدَلَّى صَوْبُ صَيِّبِها

ثَرَّتْ  على الاََرْضِ مِن مُنْهَلِّ هَيْدَبِها

بِعارِضٍ  جادَ أَو خِلْتَ البِطاحَ بِها

سَيْبَاً مِن اليَمِّ أَو سَيْلاًَ مِن العَرِمِ

كَم آيَةٍ لِذَوِي الاِِلْحادِ قَد قَهَرَتْ

قَد  حاوَلُوا سَتْرَها جَهْلاًَ فَما اسْتَتَرَتْ

يا لائِمي في مَزايا مِنْهُ قَد بَهَرَتْ

دَعْنِي  وَوَصْفِيَ آياتٍ لَهُ ظَهَرَتْ

ظُهُورَ نارِ القِرَى لَيْلاًَ عَلى عَلَمِ

دَعْني أُنَظِّمُ دُرَّاً سِمْطُهُ كَلِمٌ

قَد أُحْكِمَتْ في مَبانِي لَفْظِهِ حِكَمٌ

وَإِنْ  تَساوَتْ بِحالَيْهِ لَهُ قِيَمٌ

فَالدُّرُّ  يَزْدادُ حُسْنَاً وَهْوَ مُنْتَظِمٌ

وَلَيْسَ يَنْقُصُ قَدْرَاً غَيْرَ مُنْتَظِم

كم طارَ ذُو مِقْوَلٍ فيهِ فَما وَصَلاَ

وَإِنْ  تَجاوَزَ في زَعْمٍ لَهُ وَغَلاَ

فَلْيَحْتَقِرْ مَدْحَهُ وَلْيَقْصُرِ الاََمَلاَ

فَما تَطاوُلُ آمالِ المديحِ إِلى

ما فيهِ مِن كَرَمِ الاََخْلاقِ والشِّيَمِ

عَن كُنْهِهِ السُّوَرُ العُظْمَى مُحَدِّثَةٌ

وَلِلْمَزايا لَهُ والفَضْلِ مُورِثَةٌ

قَدِيمُ  فَضْلٍ  لَهُ الآياتُ مُحْدِثَةٌ

آياتُ  حَقٍّ  مِن الرَّحمنِ مُحْدَثَةٌ

قَدِيمَةٌ صِفَةَ المَوْصُوفِ بِالقِدَمِ

جاءَتْ  تُبَشِّرُنا طَوْرَاً وَتُنْذِرُنا

حِرْصاً عَلَيْنا وَبِالعُقْبَى تُبَصِّرُنا

وَمِن  مَصارِعِ عادٍ كَمْ تُحَذِّرُنا

لَم  تَقْتَرِنْ بزمانٍ وَهْيَ تُخْبِرُنا

عَنِ  المَعادِ وعَن عادٍ وعَن إِرَمِ

أَعْظِمْ بِمُعْجِزَةٍ لِلْوَعْدِ مُنْجِزَةٍ

وَفِيَّةٍ بِالمَعانِي الغُرِّ مُوْجَزَةٍ

لِمِلَّةِ  الحَقِّ ما دامَتْ مُعَزِّزَةٍ

دامَت  لَدَيْنا فَفاقَتْ كُلَّ مُعْجِزَةٍ

مِن  النَّبِيِّينَ إِذ جاءَتْ وَلَم تَدُم

آياتُ صِدْقٍ سَمَتْ في الصِّدْقِ عَن شُبَهٍ

كم  نَبَّهَتْ مِن غَوِيٍّ غَيْرِ مُنْتَبِهٍ

مُبَيّناتٌ  فما حَقٌّ بِمُشْتَبِهٍ

مُحَكّماتٌ فما يُبْقِينَ مِن شُبَهٍ

لِذِي  شِقاقٍ ولا يَبْغِيْنَ مِن حَكَمٍ

كَم قد تَجَلَّتْ بِها لِلرَّيْبِ مِن رِيَبٍ

وكم  بِصِدْقٍ بها رَدَّتْ أَخا كَذِبٍ

ما غُولِبَتْ عَوْضُ إِلاّ وَهْيَ في غَلَبٍ

ما حُورِبَتْ قَطُّ إِلاّ عادَ مِن حَرَبٍ

أَعْدَى  الاََعادِي إِلَيْها مُلْقِيَ السَلَمِ

كَم  رامَ  ذُو فِطْنَةٍ دَرْكَاً لِغامِضِها

فَخاضَ  في لُجَّةٍ أَوْدَتْ بِخائِضِها

وَكُلَّما  عارَضُوها في مُناقِضِها

رَدَّتْ  بَلاغَتُها  دَعْوَى مُعارِضِها

رَدَّ  الغَيُورِ يَدَ الجانِي عَنِ الحَرَمِ

فَكَم يَنابِيعَ مِن هَدْيٍ وَمِن رَشَدٍ

رَوَتْ بِرَيِّقِها المُخْضَلِّ قَلْبَ صَدٍ

أَلفاظُ دُرٍِّ كَعِقْدِ النَّجْمِ مُطَّرِدٍ

لَها  مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْرِ في مَدَدٍ

وَفَوقَ  جَوْهَرِهِ في الحُسْنِ والقِيَمِ

جاءَتْ وَقَد طَمَّتِ الدُّنْيا غَياهِبُها

جَهْلاًَ  فَجَلَّى ظَلامَ الجَهْلِ ثاقِبُها

عَجائِبٌ  ضَلَّ عنها الدَّهْرَ حاسِبُها

فَما تُعَدُّ ولا تُحْصَى عَجائِبُها

وَلا تُسامُ عَلى الاِِكْثارِ بِالسَأَمِ

نُورٌ  مِن  اللهِ  لِلتِّبْيانِ أَنْزَلَهُ

عَلى  نَبِيِّ هُدىً بِالحَقِّ أَرْسَلَهُ

وَمُذْ  تَلاَ  ما تَلاَ مِنها وَرَتَّلَهُ

قَرَّتْ  بِها عَيْنُ قَارِيها فَقُلْتُ لَهُ

لَقَد  ظَفِرْتَ بِحَبْلِ اللهِ فَاعْتَصِمِ

كَم  أَيْقَظَتْ لو دَعَتْ لَمّا دَعَتْ يَقِظا

واسْتَحْفَظَتْ لو أَصابَتْ مَن لها حَفِظا

فَكُنْ  بِوَعْظٍ لَها إِنْ تَتْلُ مُتَّعِظا

إِن تَتْلُها خِيْفَةً مِن حَرِّ نارِ لَظَى

أَطْفَأْتَ حَرَّ لَظَىً مِن وِرْدِها الشَبِمِ

كَم  فازَ ذُو مَطْلَبٍ مِنها بِمَطْلَبِهِ

وَأَطْلَعَتْ  بَدْرَهُ مِن بَعْدِ مَغْرِبِهِ

كَم  أَزْهَرَتْ وَجْهَ عاصٍ بَعْدَ غَيْهَبِهِ

كَأَنَّها  الحَوْضُ تَبْيَضُّ الوُجُوهُ بِهِ

مِنَ  العُصاةِ وَقَد جاؤُوهُ كَالحُمَمِ

جاءَتْ  نُجُومَاً  لِتالِيها مُنَزَّلَةً

مُبَيَّناتٍ لِواعِيها مُفَصَّلَةً

كَالشَّمْسِ  نُوراً وَكَالعَيُّوقِ مَنْزِلَةً

وَكَالصِّراطِ  وَكَالمِيزانِ مَعْدِلَةً

فَالْقِسْطُ مِن غَيْرِها في الناسِ لَم يَقُمً

تَطَلَّعَتْ  والحَسُودُ الغَمْرُ يَسْتُرُها

بَغْيَاً  وَقَد شَعْشَعَ الاََكْوانَ نَيِّرُها

فَما  عَلَيكَ إِذا ما ضَلَّ مُنْكِرُها

لا تَعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنْكِرُها

تَجاهُلاًَ وَهْوَ عَيْنُ الحاذِقِ الفَهِمِ

إِن أَنْكَرَ الصُّبْحَ ذُو حَيْفٍ وَذُو أَوَدٍ

فَالصُّبْحُ لَم يَخْفَ في حالٍ عَلَى أَحَدٍ

قَد يُنْكِرُ الفَضْلَ أَهْلُ الجَهْلِ مِن حَسَدٍ

قَد  تُنْكِرُ العَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِن رَمَدٍ

وَيُنْكِرُ الفَمُ طَعْمَ الماءِ مِن سَقَمِ

يا خَيْرَ مَن أَمَّلَ الرَّاجِي سَماحَتَهُ

وَمَن  لِجَدْواهُ مَدَّ الغَيْثُ راحَتَهُ

يا  مَن بِه يَجِدُ المَكْرُوبُ راحَتَهُ

يا  خَيْرَ مَن يَمَّمَ العافُونَ ساحَتَهُ

سَعْيَاً وَفَوقَ مُتُونِ الاََيْنُقِ الرُّسُمِ

يا مَن هُوَ النَّصْرُ في الدُنْيا لِمُنْتَصِرٍ

ومَن هُوَ الذُّخْرُ في الاَُخْرَى لِمُدَّخِرٍ

يا مَن هُوَ الحُجَّةُ العُلْيا لِمُزْدَجِرٍ

ومَن  هُوَ  الآيَةُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ

ومَن  هُوَ النِّعْمَةُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ

مَلاَتَ مِن سَيْبِ ما أَوْعَيْتَ مِن كَرَمٍ

شِعابَ مَكَّةَ مِن فَرْعٍ إِلى قَدَمٍ

وَمُذْ  دُعِيتَ لِمَرْقىً أَيِّ مُحْتَرَمٍ

سَرَيْتَ مِن حَرَمٍ لَيْلاًَ إِلى حَرَمٍ

كَما سَرَى البَدْرُ في داجٍ مِن الظُلَمِ

هَوَتْ  لاِِسْرائِكَ الاَمْلاكُ مُنْزَلَةً

واسْتَقْبَلَتْكَ  رِياحُ اللُّطْفِ مُقْبِلَةً

ولَم تَزَلْ لَكَ نَحْوَ القُدْسِ مُوصِلَةً

وَبِتَّ  تَرْقَى إِلى أَنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً

مِن قابِ قَوْسَيْنِ لَم تُدْرَكْ وَلَم تُرَمِ

في  لَيْلَةٍ بِكَ جَلَّتْ جُنْحَ غَيْهَبِها

إِذ  نُبْتَ عَن بَدْرِها فيها وَكَوْكَبِها

خَرَّتْ لِعَلْياكَ مِن عُلْوِيِّ مَرْقَبِها

وَقَدَّمَتْكَ جَمِيعُ الاََنْبِياءِ بِها

والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلى خَدَمِ

تَقَرَّبُوا  بِكَ زُلْفَى في تَقَرُّبِهِمْ

بِخِدْمَةٍ  لَكَ  أَدْنَتْهُمْ لِمَطْلَبِهِمْ

قَد كُنْتَ إِذ أَوْكَبُوا بَدْرَاً لِمَوْكِبِهِمْ

وَأَنْتَ تَخْتَرِقُ السَّبْعَ الطِّباقَ بِهِمْ

في مَوْكِبٍ كُنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ

ما زِلْتَ مِن أُفُقٍ تَرْقَى إِلى أُفُقٍ

مُجاوِزَاً طَبَقَاً لِلْقُرْبِ عَن طَبَقٍ

شَأَوْتَ  كُلَّ  أَخِي سَبْقٍ بِمُسْتَبَقٍ

حَتّى  إِذا لَم تَدَعْ شَأْوَاً لِمُسْتَبِقٍ

مِن  الدُّنُوِّ ولا مَرْقىً لِمُسْتَنِمِ

نُبِّهْتَ  لِلقُرْبِ والغَمْرُ الحَسُودُ وُقِذْ

وَقَد  وَفَيْتَ بِمِيثاقٍ عَلَيكَ أُخِذْ

وَمُذْ رُفِعْتَ وَمَن لَمْ يَدْنُ مِنْكَ نُبِذْ

خَفَضْتَ  كُلَّ مَقامٍ بِالاِِضافَةِ إِذْ

نُودِيتَ بِالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَمِ

أَدْرَكْتَ  مِن خَطَرٍ لَوْلاَكَ ذِي خَطَرٍ

ما  لَيْسَ يُدْرَكُ في سَمْعٍ ولا بَصَرٍ

خُصِصْتَ  بِالقُرْبِ مِن بادٍ وَمُحْتَضِرٍ

كَيْما تَفْوزَ بِوَصْلٍِ أَيِّ مُسْتَتِرٍ

عَنِ  العُيونِ  وَسِرٍّ أَيِّ مُكْتَتَمٍ

كَم جُزْتَ في صَهَواتِ المَجْدِ مِن حُبُكٍ

وَكَم سَمَوْتَ لِنَيْلِ القُرْبِ مِن فَلَكٍ

وَكَم تَجاوَزْتَ دُونَ الرُّسْلِ مِن مَلَكٍ

فَحُزْتَ كُلَّ فَخارٍ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ

وَجُزْتَ  كُلَّ  مَقامٍ غَيْرَ مُزْدَحَمٍ

كَم قَد خَرَقْتَ لِما وُلِّيْتَ مِن حُجُبٍ

وَكَم  رَأَيْتَ لِما أُوْلِيتَ مِن عَجَبٍ

فَجَلَّ نَعْتُكَ عَن نَظْمٍ وَعَن خُطَبٍ

وَجَلَّ  مِقدارُ ما وُلِّيْتَ مِن رُتَبٍ

وَعَزَّ  إِدْراكُ ما أُوْلِيتَ مِن نِعَمٍ

مَوْلىً بِهِ اللهُ رَبُّ الفَضْلِ فَضَّلَنا

وَبِالعِنايَةِ دَونَ الناسِ خَوَّلَنا

فَلْيَهْنِنا  ما  مِنَ البُشْرَى تَجَلَّلَنا

بُشْرَى لَنامَعْشَرَ الاِِسْلامِإنَّ لَنا

مِن العِنايةِ رُكْنَاً غَيْرَ مُنْهَدِمِ

فَدَعْ  لِسانِيَ يَجْرِي في بَراعَتِهِ

بِنَعْتِ مَن كُلُّ عاصٍ في شَفاعَتِهِ

أكرم  بداع كرمنا في اطاعته

لَمّا  دَعا اللهُ داعِينا لِطاعَتِهِ

بِأَكْرَمِ الرُسْلِ كُنّا أَكْرَمَ الاَُمَمِ

مَوْلىً  بِهِ اللهُ أَصْفانا بِنِعْمَتِهِ

وَاخْتَصَّنا  وَاصْطَفانا أَهْلَ مِلَّتِهِ

دَعا  فَمُذْ بَلَغَتْ أَنْباءُ دَعْوَتِهِ

راعَتْ  قُلُوبَ العِدَى أَنْباءُ بِعْثَتِهِ

كَنَبْأَةٍ  أَجْفَلَتْ غُفْلاًَ مِن الغَنَمِ

كَم قَد سَطا بِهِمُ في كُلِّ مُشْتَبَكٍ

لِلسُّمْرِ مُضْطَرِبِ الاََرْجاءِ مُرْتَبِكٍ

أَنَّى يَفِرُّونَ خَوْفَاً مِن سُطَا مَلِكٍ

ما  زالَ يَلْقاهُمُ في كُلِّ مُعْتَرَكٍ

حَتَّى  حَكَوا بِالقَنا لَحْمَاً عَلى وَضَمِ

أَبادَهُمْ فَقَضى بَعْضٌ بِمَضْربِهِ

رُعْباً وشالَتْ بِهِ عَنْقاءُ مُغْرِبِهِ

والبَعْضُ  ضاقَ عَلَيهِ وَجْهُ مَهْرَبِهِ

وَدُّوا الفِرارَ فَكادُوا يَغْبِطُونَ بِه

أَشْلاءَ شالَتْ مَع العِقْبانِ وَالرَّخَمِ

تَفْنَى الدُّهُورُ وَيُبْلِي اللهُ جِدَّتَها

وَتَسْتَمِرُّ  ولا يَدْرُونَ مُدَّتَها

وَمِن  حُرُوبٍ أُذِيقَ القَوْمُ شِدَّتَها

تَمْضِي اللَّيالي ولا يَدْرُونَ عِدَّتَها

ما لَم تَكُنْ مِن لَيالي الاََشْهُرِ الحُرُمِ

أَباحَهُ الدِّينُ إِذ حادُوا اسْتِباحَتَهُمْ

بكُلِّ غَرْثانَ يَسْتَقْرِي إِجاحَتَهُمْ

ظَمْآنَ  أَوْسَعَ كَي يَرْوَى جِراحَتَهُمْ

كَأَنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ ساحَتَهُمْ

بِكُلِّ  قَرْمٍ إِلى لَحْمِ العِدَى قَرِمِ

كَم  قادَ  أَرْعَنَ  مَوّارَاً بِجائِحَةٍ

بِعُوَّمٍ  في عُبابِ الآلِ طافِحَةٍ

يَسْطُو  بِشُوسٍ مَصالِيتٍ جَحاجِحَةٍ

يَجُرَّ بَحْرَ خَمِيسٍ فَوقَ سابِحَةٍ

يَرْمِي بِمَوْجٍ مِن الاََبْطالِ مُلْتَطِمٍ

كَم جَرَّ نَحْوَ العِدَى مِن فَيْلَقٍ لَجِبٍ

رَبِيطِ جَأْشٍ كَمَوْجِ البَحْرِ مُضْطَرِبٍ

يَرْمِي  بِشُهْبٍ كَما تَنْقَضُّ مِن شُهُبٍ

مِن  كُلِّ  مُنْتَدِبٍ للهِِ مُحْتَسِبٍ

يَسْطُو  بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصْطَلِمٍ

كَم  أَنْهَجُوا مِن سَبِيلٍ نَحْوَ مَذْهَبِهِمْ

بِحَدِّ خَطِّيهِمْ طَوْرَاً وَمِقْضَبِهِمْ

وَكَم وَكَم شَعَبُوا صَدْعَاً لِمِشْعَبِهِمْ

حَتّى  غَدَتْ مِلَّةُ الاِِسْلامِ وَهْيَ بِهِمْ

مِن  بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَةَ الرَحِمِ

صِينَتْ  بِكُلِّ أَبِيِّ الضَّيْمِ مُنْتَدِبٍ

لِلْعِزِّ لَيْسَ بِعِزْهاةٍ وَلا لَغَبٍ

تَنْفَكُّ في راحَةٍ وَالقَوْمُ في تَعَبٍ

مَكْفُولَةً  أَبَدَاً مِنْهُمْ بِخَيْرِ أَبٍ

وَخَيْرِ  بَعْلٍ فَلْم تَيْتَمْ وَلم تَئِمِ

لَو كُنْتَ تَشْهَدُ إِذ كَرُّوا تَصادُمَهُمْ

وَالرُّوْحُ  بِالنَصْرِ  لا يَنْفَكَّ قادِمَهُمْ

رَسَوْا  فَلَسْتَ تَرَى قِرْناً مُقاوِمَهُمْ

هُمُ  الجِبالُ فَسَلْ عَنْهُمْ مُصادِمَهُمْ

ماذا  رَأَى مِنْهُمُ في كُلِّ مُصْطَدَمِ

كَم  أَرْهَقُوهُمْ عَذابَاً إِذ عَتَوْا صَعَدَاً

وَمَن أَرَبَّ الرَّدَى لَم يَلْقَ غَيْرَ رَدىً

سَلْ خَيْبَرَاً حِين وَلَّى جَمْعُهُمْ بَدَدَاً

وَسَلْ حُنَيْنَاً وَسَلْ بَدْرَاً وَسَلْ أُحُدَا

فُصُولَ حَتْفٍ لَهُم أَدْهَى مِنَ الوَخَم

الجاعِلِي الوُلْدِ شِيْبَاً عِنْدَما وُلِدَتْ

بَعادِياتٍ  عَلَيْهِمْ في الحُجُورِ عَدَتْ

المُوْرِدِي الشُّهْبِ لُجَّ المَوْتِ ما وَرَدَتْ

المُصْدِرِي البِيْضِ حُمْرَاً بَعْدَما وَرَدَتْ

مِنَ  العِدَى كُلَّ مُسْوَدٍّ مِنَ اللِّمَمِ

الكاشِفِينَ دُجَى الهَيْجاءِ ما حَلكَتْ

بِبارِقاتٍ لاََِعْمارِ العِدَى بَتَكَتْ

الشّاعِلِينَ بِبِيضِ الهِنْدِ ما فَتَكَتْ

والكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ ما تَرَكَتْ

أَقْلامُهُمْ حَرْفَ جِسْمٍِ غَيْرَ مُنْعَجِمِ

سِلاحُهُمْ لاََِعادِيهِمْ تَحَرُّزُهُمْ

بِعِزِّ  مَوْلىً بِهِ قِدْمَاً تَعَزُّزُهُمْ

قَد  مازَهُمْ بِمَزاياهُمْ مُمَيِّزُهُمْ

شاكِي السِّلاحِ لَهُمْ سِيْما تُمَيِّزُهُمْ

والوَرْدُ  يَمْتازُ بِالسِّيْما مِنَ السَّلَمِ

هُمُ  الكُماةُ  أَعَزَّ  اللهُ نَصْرَهُمُ

بِهِ  وَطَيَّبَ  طِيبَ الزَّهْرِ نَجْرَهُمُ

وَلم تَزَلْ كُلَّما اسْتَنْشَيْتَ عِطْرَهُمُ

تُهْدِي  إِلَيكَ رِياحُ النَّصْرِ نَشْرَهُمُ

فَتَحْسَبُ  الزَهْرَ في الاََكْمامِ كُلَّ كَمِي

تَسَنَّمُوا صَهَواتِ الجُرْدِ مُنْتَدِباً

يَهْتاجُ  مُشْتَمِلاًَ بِالحَزْمِ مُنْتَقِبا

أَرْسَوْا فَلَسْتَ تَرَى نِكْسَاً وَلا ثَئِبَاً

كَأَنَّهُمْ  في ظُهُورِ الخَيْلِ نَبْتُ رُبىً

مِن شِدَّةِ الحَزْمِ لا مِن شِدَّةِ الحُزُمِ

طافُوا بِهِمْ فَتَمَنَّوا لِلنَجا نَفَقاً

في  الاََرْضِ أَو سُلَّمَاً يَرْقَى بِهم أُفُقَاً

وَمُذ عَدَوا وَغَدا جَمْعُ العِدَى مِزَقَاً

طارَتْ قُلُوبُ العِدَى مِن بَأْسِهِمْ فَرَقَاً

فَما تُفَرِّقُ بَيْنَ البَهْمِ والبُهَمِ

مِن  كُلِّ نَدْبٍ تَبُتُّ الشَّرَّ شِرَّتُهُ

شَهْمٍ  أُمِرَّتْ على العِلاّتِ مِرَّتُهُ

يَكِرُّ  مَقْرُونَةً بِالنَّصْرِ كَرَّتُهُ

وَمَن  تَكُنْ بِرَسُولِ اللهِ نُصْرَتُهُ

إِن  تَلْقَهُ الاَُسْدُ في آجامِها تَجِمِ

غَوْثُ  الوَلِيِّ فما يَنْفَكُّ في وَزَرٍ

حَتْفُ العَدُوِّ فَلَم يَبْرَحْ عَلى خَطَرٍ

فَسَرِّحِ اللَّحْظَ في بادٍ وَمُحْتَضِرٍ

فَلَن تَرَى مِن وَلِيٍّ غَيْرَ مُنْتَصِرٍ

بِهِ  ولا  مِن عَدُوٍّ غَيْرَ مُنْقَصِمِ

وافَى  إِلى  اللهِ يَدْعُو في أَدِلَّتِهِ

والشِّرْكُ  ظَلَّلَ كُلاًَّ في أَظِلَّتِهِ

وَمُذ  دَهَى الغَيَّ مُجْتاحَاً بِصَوْلَتِهِ

أَحَلَّ  أُمَّتَهُ  في  حِرْزِ مِلَّتِهِ

كَاللَيْثِ  حَلَّ مَعَ الاََشْبالِ في الاََجَمِ

كَفاكَ بِالذِكْرِ بُرْهاناً لِمُنْتَضِلٍ

يَرُدُّ كُلَّ دَخِيلِ الاََصْلِ ذِي دَخَلٍ

فَاقْصِمْ  بِهِ كُلَّ ذِي رَيْبٍ وَذِي جَدَلٍ

كَم  جَدَّلَتْ كَلِماتُ اللهِ مِن جَدِلٍ

فِيه وَكَم خَصَمَ البُرْهانُ مِن خَصِمِ

أُمِّيُّ  بَعْثٍ  بِهِ أَضْحَتْ مُمَيَّزَةً

تِلْكَ العُلُومُ التي ما زِلْنَ مُلْغَزَةً

إِنْ تَبْغِ مُعْجِزَةً لِلْخَصْمِ مُعْجِزَةً

كَفاكَ بِالعِلْمِ في الاَُمِّيِّ مُعْجِزَةً

في  الجاهِلِيَّةِ  والتَّأْدِيبِ في اليُتُمِ

أفْنَيْتُ  عُمْرِي وَقَلْبِي في تَقَلُّبِهِ

يَهِيمُ  في  كُلِّ  وادٍ مِن تَخَيُّبِهِ

وَمُنْذُ بُؤْتُ بِعاصِي القَلْبِ مُذْنِبِهِ

خَدَمْتُهُ  بِمَدِيحٍ  أَسْتَقِيلُ بِهِ

ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ وَالخِدَمِ

صُبَّتْ على قَلْبِيَ العانِي مَصائِبُهُ

مِن  شِقْوَةٍ  وَهَوىً كُلٌّ يُغالِبُهُ

دَعْني  أُراقِبُ خَوْفَاً ما أُراقِبُهُ

إِذ  قَلَّدانِيَ ما تُخْشَى عَواقِبُهُ

كَأَنَّني  بِهِما هَدْيٌ مِن النَّعَمِ

دَعْني أَمُتْ نَدَمَاً إِذ لَم أَمُتْ نَدَما

مِن غَفْلَةٍ ضاعَ فيها العُمْرُ وَانْصَرَما

وَمُذ  عَصَيْتُ النُّهَى والحِلْمَ مُجْتَرِما

أَطَعْتُ  غَيَّ الصِّبا في الحالَتَيْنِ وَما

حَصَلْتُ  إِلاّ عَلى الآثامِ والنَّدَمِ

فَيا  لَنَفْسٍ تَمادَتْ في شَرارَتِها

لا تَرْعَوِي عَن قَبِيحٍ مِن زَعارَتِها

تَعْتاضُ عَن رِبْحِها أَشْنَى خَسارَتِها

فَيا خَسارَةَ نَفْسٍ في تِجارَتِها

لَم  تَشْتَرِ الدِّينَ بِالدُنْيا ولَم تَسُمِ

وَيا لاََِسْيانَ ساهِي القَلْبِ غافِلِهِ

مُسْتَبْدِلٍ حَقَّهُ جَهْلاًَ بِباطِلِهِ

يَبْتاعُ  عاجِلَهُ الفانِي بِآجِلِهِ

وَمَن  يَبِعْ آجِلاًَ مِنْه بِعاجِلِهِ

يَبِنْ له الغَبْنُ في بَيْعٍ وفي سَلَمِ

إِن فاتَني جُلُّ مَسْنُونٍ ومُفْتَرَضٍ

فإِنَّ  لي  مِن وِلاهُ أَيّما عِوَضٍ

فَلَمْ  أَبِتْ قَطُّ مِن ذَنْبٍ على مَضَضٍ

إِنْ آتِ ذَنْبَاً فما عَهْدِي بِمُنْتَقِضٍ

مِنَ النَّبِيِّ ولا حَبْلِي بِمُنْصَرِمِ

عَلَى وَلائِيهِ مِيلادِي وَتَرْبِيَتِي

وبِاسْمِهِ  كُلَّما نُودِيتُ تَغْذِيَتي

إِن خُنْتُ عَهْدِي وَمِيثاقِي بِمَعْصِيَتِي

فَإِنَّ  لي  ذِمَّةً  مِنْهُ بِتَسْمِيَتي

مُحَمَّدَاً وَهْوَ أَوْفَى الخَلْقِ بِالذِّمَمِ

كَم  مِن يَدٍ لِيَ مِنْهُ أُرْدِفَتْ بِيَدِ

أَرْجُوهُ  يَشْفَعُ يَومِي مِثْلَها بِغَدِي

مَولايَ  خُذْ بِيَدِي وَاعْدِلْ غَدَاً أَوَدِي

إِنْ لم تَكُنْ في مَعادِي آخِذَاً بِيَدِي

فَضْلاًَ  وإِلاّ فَقُلْ يا زَلَّةَ القَدَمِ

مَوْلىً أَفاضَ على الدُّنْيا مَراحِمَهُ

وذادَ  عَن  كُلِّ  ذِي إِثْمِ مَآثِمَهُ

تَراهُ  يَحْرِمُ  راجِيهِ مَغانِمَهُ

حاشاهُ أَن يَحْرِمَ الراجِي مَكارِمَهُ

أَوْ يَرْجِعَ الجارُ مِنْهُ غَيْرَ مُحْتَرَمِ

أَلْزَمْتُ نَفْسِيَ مُذ كانَتْ مَمادِحَهُ

فَما عَدِمْتُ على حالٍ مَنائِحَهُ

وكَم  كَفانِيَ  مِن دَهْرٍ جَوائِحَهُ

وَمُنْذُ أَلْزَمْتُ أَفكارِي مَدائِحَهُ

وَجَدْتُهُ لِخَلاصِي أَيَّ مُلْتَزِمِ

فَاهْرُبْ إِلَيهِ بِنَفْسٍ مِنكَ ما هَرَبَتْ

إِلَيهِ  إِلاّ ونالَتْ مِنْهُ ما طَلَبَتْ

فَلَيْسَ تَعْدُو المُنَى نَفْسَاً لَهُ رَغِبَتْ

وَلَن يَفُوتَ الغِنَى مِنْهُ يَدَاً تَرِبَتْ

إِنّ الحَيا يُنْبِتُ الاََزهارَ في الاََكَمِ

سَمَّطْتُ  بُرْدَةَ مَدْحٍ في عُلاهُ شَفَتْ

أَدِيبَ بُوصِيرَ فاسْتَوْفَتْ عُلاً وَوَفَتْ

أَرْجُو بِها الفَوْزَ في العُقْبَى وَتِلْكَ كَفَتْ

وَلَم أُرِدْ زَهْرَةَ الدُنْيا التي اقْتَطَفَتْ

يَدا زُهَيْرٍ بِما أَثْنَى عَلى هَرِمِ

مَولايَ  عَبْدُكَ  دَلاَّهُ بِمَعْطَبِهِ

خَطْبٌ أَضاقَ علَيهِ وَجْهَ مَذْهَبِهِ

يَدْعُوكَ والخَطْبُ طاحٍ في تَصَوُّبِهِ

يا أَكْرَمَ الخَلْقِ ما لي مَن أَلُوذُ بِهِ

سِواكَ عِنْدَ حُلُولِ الحادِثِ العَمَمِ

أَشْفَيتُ لولاكَ مِن ذَنْبِي على عَطَبِي

فَكُن شَفِيعي لِرَبِّي يَوْمَ مُنْقَلَبِي

كَم  عَمَّ جاهُكَ مِن ناءٍ وَمُقْتَرِبِ

وَلَن  يَضِيقَرَسُولَ اللهِجاهُكَ بِي

إِذا الكَرِيمُ تَجَلَّى بِاسْمِ مُنْتَقِمِ

فَادْرَأْ  بِجاهِكَ عَنْ نَفْسِي مَضَرَّتَها

وَاقْمَعْ  عَلى نَزَقٍ فيها مَعَرَّتَها

وَسُقْ  إِليها  بِدارَيْها مَسَرَّتَها

فَإِنَّ  مِن جُودِكَ الدُّنْيا وَضَرَّتَها

وَمِن  عُلُومِكَ عِلْمَ اللَوْحِ والقَلَمِ

كَم بالرَّجاءِ نَجَتْ نَفْسُ امْرِىٍَ وَسَمَتْ

وَبِالقُنُوطِ هَوَتْ أُخْرَى وَما عَلِمَتْ

كَم  بَينَ مَن حُرِمَتْ يَأْسَاً وَمَن رُجِمَتْ

يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِن زَلَّةٍ عَظُمَتْ

إِنّ  الكَبائِرَ في الغُفْرانِ كَاللَّمَمِ

وَاهَاً  لِنَفْسِيَ كَم بِالعَفُوِ يُكْرِمُها

رَبِّي الكَرِيمُ وَكَم بِالذَنْبِ أَظْلِمُها

فَازْدَدْ  رَجاءً  إِذا ما ازْدادَ مَأْثَمُها

لَعَلَّ رَحْمَةَ رَبِّي حِينَ يَقْسِمُها

تَأْتي  على حَسَبِ العِصْيانِ في القِسَمِ

يا  رَبِّ  دَعْوَةَ راجٍ مِنْكَ مُلْتَمِسٍ

أَسِيرِ جُرْمٍ بِبَحْرِ الذَنْبِ مُنْغَمِسٍ

لَولا  رَجاؤُكَ لَمْ أَبْرَحْ عَلى يَأَسٍ

يا رَبّ فَاجْعَلْ رَجائِي غَيْرَ مُنْعَكِسٍ

لَدَيكَ  واجْعَلْ حِسابِي غَيْرَ مُنْخَرِمِ

وَفُكَّ  عَبْدَك  مِن  ذَنْبٍ تَجَلَّلَهُ

بِعِبْءِ  هَمٍّ لِيَومِ الحَشْرِ أَثْقَلَهُ

وَهَبْ لَه مِن جَميلِ الصَّبْرِ أَجْمَلَهُ

وَالْطُفْ بِعَبْدِكَ في الدّارَيْنِ إِنَّ لَهُ

صَبْرَاً مَتَى تَدْعُهُ الاََهْوالُ يَنْهَزِمِ

وَبَلِّغِ المُصْطَفَى مَعْ كُلِّ ناسِمَةٍ

أعْلاقَ  نَفْسٍ لِبُعْدِ العَهْدِ ناسِمَةٍ

وَجُدْ  بِمُزْنِ ثَناءٍ مِنْكَ ساجِمَةٍ

وَأْذَنْ  لِسُحْبِ  صَلاةٍ مِنْكَ دائِمَةٍ

عَلى  النَبِيِّ بِمُنْهَلٍّ وَمُنْسَجِمِ

وَاشْفَعْ بِهِ آلَهُ مَن قَدْ زَكَوْا نَسَبَاً

بِهِ  وَأَصحَابَهُ أَوْفَى الوَرَى حَسَبَاً

وَرَنِّحِ الكَوْنَ مِن أَمداحِهِمْ طَرَبَاً

ما  رَنَّحَتْ عَذَباتِ البَانِ رِيحُ صَبَاً

وَأَطْرَبَ العِيْسَ حادِي العِيْسِ بِالنَغَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن النحوي

avatar

النحوي

العراق

poet-Alnahwi@

1

قصيدة

17

متابعين

محمد رضا بن أحمد بن حسن الحلي المعروف بالنحوي. أديب، من أهل الحلة في العراق له نظم كثير، جمع الخاقاني (صاحب شعراء الحلة) ما وجده منه في (ديوان - خ) وأورد ...

المزيد عن النحوي

اقتراحات المتابعة

اقرأ أيضا لـ النحوي :

أضف شرح او معلومة