الديوان » عبد الكريم المحمود » أمير الدعاة في أسْر عبيد الطغاة

عدد الابيات : 32

طباعة

فبعداً لمن هانوا وذلّت رقابُهم

وأصبح ضرغاماً بدارِهمُ الكلبُ

وما منهمُ هذا المسجّى بنعشهِ

فما فيه من عَيبٍ كما فيهم العيب

ولكنه ممن أبوا أن يسومَهم

دعيُّ بضيمٍ أو يزيغَ بهم درب

وممن أجابوا داعيَ اللهِ إذ دعا

فطاروا خَفاف الجسم عن دينهم ذَبّوا

فتىً صادقُ الإيمان في الله همُّهُ

فقد طلّقَ الدنيا ثلاثاً فلا أوبُ

وتصغُرُ في عينيه كلُّ عظيمةٍ

سوى الدينِ في تجريحه يعظم الخطبُ

تراه بجوف الليل يُرخي دموعَه

لبارئ هذا الكونِ تيمّه الحُبُّ

يقلَّب من كفَّيه أن رُبَّ زَلّةٍ

بها في مهول الحشرِ يسأله الربُّ

وينفثُ كالملدوغ آهاتِ صدرِهِ

ويسجُدُ للقهّار ينفضهُ الرَّهبُ

يناجيه في الأسحار حمداً وتوبةً

وغايةُ ما يرجوه من ربّه القُربُ

ويصبح بين الناس حُلواً مساره

به تُمدح القرُبى ويفتخر الصَّحبُ

صدوقٌ إذاماضاق بالصدق أهلهُ

ولا ينطق الفحشاءَ إنْ عضّه السَّبُّ

حليمٌ مع الجُهّال عن فضل قوّةٍ

كريمٌ مع السؤآل ديدنُه الوَهْبُ

صبورٌ بحبل الله ما انفكّ ممسِكاً

بعيدٌ عن الشكوى اذا نَزَلَ الكربُ

تراه عن الجاراتِ يُغضي بطَرْفِهِ

ويُهرع للجيران إنْ حلَّهم نكبُ

يُحبّبُ تقوى الله في كل مَحفَلٍ

ويلتزم التقوى إذا جنّه الغيبُ

ويسطع في الآراء ثاقب رأيه

كما سطعتْ في حالك الظلمةِ الشُّهبُ

وأنحل منه الجسمَ نفسٌ كبيرةٌ

لنيل كَمالِ النفس في كدَّها تصبو

أبى أن يُداسَ الحقُّ في حومة الوغى

وأن يقتل الإسلامَ مستكبرٌ خبُّ

تحدّى جموع الكفر يزأر فيهم

كما زأر الضرغامُ هيّجه الضربُ

ألا أيها الأوغادُ حتّامَ نومُكم

عبيداً لدجّالٍ شريعته الكِذْبُ

أتيتم وحقَّ الله عاراً مؤبَّداً

يدوم فلا تمحوه في كرَّها الحُقبُ

أيملككم طاغٍ دعيٌّ مذبذبٌ

تعفّن منه العقل والنفس والقلبُ

وكم قد أتى من منكراتٍ عظيمةٍ

فمنها برأس الطفل يشتعل الشَّيبُ

ألم يقتل الاحرار ظلماً ويستبي

عيالهم بالسَّجن يفنيهم السغبُ

ألم يُفسد الأخلاق من فتياتكم

وفتيانكم والخمرُ معبودُه الحِبُّ

أحلَّ حرام الله في كل موطنٍ

وإنّ حلال الله في شرعه ذنبُ

وحارب دينَ الله نكثاً لعهدِهِ

وبدّل نهجّ المصطفى نهجُه التَّغْبُ

لإطفاء نور الله يقذف جمعَكم

يُغالب جهلاً من بقبضته الغَلْب

فما لكم تمضون في الكفر ذلّةً

وترضون ما قد أنكرالعُجمُ والعُربُ

أما فيكمُ حُرٌّ يثور لنفسه

اذا ما جفاه الدين أو فاته العتْبُ

فما كان منهم من جوابٍ له سوى

رصاصٍ تلقّى حرَّه الرأسُ والقلبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الكريم المحمود

عبد الكريم المحمود

34

قصيدة

شاعر وباحث عراقي ، مواليد البصرة 1959م ، دكتوراه في الأدب والنقد الحديث من جامعة الكوفة 2009م .

المزيد عن عبد الكريم المحمود

أضف شرح او معلومة