الديوان » العصر العباسي » ذو النون المصري » الحمد لله حمداً لا نفاد له

عدد الابيات : 51

طباعة

الحمد لله حمداً لا نفاد له

حمداً يفوت مداً الإحصاء والعدد

ويعجز  اللفظ والأوهام مبلغه

حمداً كثيراً كإحصاء الواحد الصمد

ملء السموات والأرضين مذ خلقت

ووزنهن وضعف الضعف في العدد

وضعف  ما كان وما قد يكون إلى

بعد  القيامة أو يفنى مداً الأبد

وضعف ما درت الشمس الشروق به

وما اختفى في سماء أو ثرى جرد

وضعف  أنعمه في كل جارحة

وكل  نفسه نفس واكتساب يد

شكرا لما خصنا من فضل نعمته

من  الهدى ولطف الصنع والرفد

رب  تعالى  فلا شيء يحيط به

وهو  المحيط بنا في كل مرتصد

لا الأين والحيث والكيف يدركه

ولا  يحد  بمقدار  ولا  أمد

وكيف  يدركه  حد  ولم تره

عين  وليس له في المثل من أحد

أم  كيف  ببلغه وهم بلا شبه

وقد  تعالى عن الأشباه والولد

من  أنشأ قبل الكون مبتدعاً

من غير شيء قديم كان في الأبد

ودهر  الدهر  والأوقات واختلفت

بما يشاء فلم ينقص ولم يزد

إذ  لا  سماء ولا أرض ولا شبح

في  الكون سبحانه من قاهر صمد

ما  ازداد بالخلق ملكاً حين أنشأهم

ولا يريد بهم دفعاً لمضطهد

وكيف  وهو غني لافتقار به

والخلق تضطر بالتصريف والأود

ولم  يدع خلق ما لم يبد خلقته

عجزاً علي سرعة منه ولا تؤد

إحاطة بجميع الغيب عن قدر

أحصى  بها كل موجود ومفتقد

وكلهم باضطرار الفقر معترف

إلى  فواضله  في  كل معتمد

العالم  الشيء في تصريف حالته

ما  عاد منه وما يمضي فلم يعد

ويعلم السر من نجوى القلوب وما

يخفى عليه خفى جال في خلد

ويسمع الحس من كل الورى ويرى

مدارج  الذرفي صفواته الجلد

وما توارى من الأبصار في ظلم

تحت الثرى وقرار الغم والثمد

الأول  الآخر  الفرد المهيمن لم

يعزب  ولم يذكر قرب ولا بعد

عال  علي  عليم لازول له

ولم  يزل  أزليا غير ذي فقد

وجل في الوصف عن كنه الصفات وعن

مقال  ذي الشك والإلحاد والعند

من  لا يجازي بنعمي من فواضله

ولم  ينله بمدح وصف مجتهد

وكل فكرة مخلوق إذا اجتهدت

بمدحه  لم  تنل إلا إلى الأبد

مسبح  بلغات العارفات به

لم  تدر  ما غيره رباً ولم تجد

الفالق النور والظلماء وهي علي

ما  تقاذف بالأمواج والزبد

إذا  مدها فوق الريح منشئها

فسبحت  وهي فوق الماء في ميد

وشدها بالجبال الصم فاضطأدت

أركانها  بشداد الصخر والجلد

برا  السموات  سقفاً ثم أنشأها

سبعاً  طباقاً بلا عون ولا عمد

تقلهن  مع الأرضين قدرته

وكل  ذلك  لم  يثقل  ولم يؤد

وبث  فيها صنوفاً من بدائعه

من الخلائق من مثنى ومن وهد

من  كل  جنس براً أصنافه وذرا

أشباحه بين مكسور ومنجرد

فيها الملائك بالتسبيح خاضعة

لا  يسأمون لطول الدهر والأمد

فمنهم تحت سوق العرش أربعة

كالثور  والنسر والإنسان والأسد

فكل ذي خلقة يدعو لمشبهه

في الخلق بالعيشة المرضية الرغد

برا السماء بروجاً من كواكبها

تجرين من فلك الأفلاك في كبد

منها  جوار  ومنها  راكد أبدا

والقطب  في مركز منهن كالوتد

والشهب تحرق فيها يبنين إلى

قذف  الشياطين من جناتها المرد

وكل  مسترق  للسمع يتبعه

منها شهاب نجوم دائم الرصد

ويرفع الغيم أعصارها فترى

فيها الصواعق بين الماء والبرد

على  هواء رقيق في لطافته

يحيى به كل ذي روح وذي جسد

وصير الموت فوق الخلق لالجأ

منه   ولا  هرب  إلى  سند

فالموت ميت وكل هالكون خلا

وجه  الإله  الكريم الحائم الصمد

أفنى القرون وأفنى كل ذي عمر

كعمر  نوح  ولقمان أخي لبد

يا  رب  إنك  ذو عفو ومغفرة

فنجنا  من  عذاب الموقف النكد

واجعل  إلى الفردوس موئلنا

مع  النبيين  والأبرار في الخلد

سبحان  ربك رب العز من ملك

من اهتدى بهدى رب العالمين هدي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ذو النون المصري

avatar

ذو النون المصري

العصر العباسي

poet-Dhul-Nun-Al-Misri@

31

قصيدة

14

متابعين

ثوبان بن إبراهيم الإخميمي المصري، أبو الفَيَّاض، أو أبو الفيض.ولد في أخميم في مصر سنة 179 هـ - 796 م عالم عقيدة، وطبيب، وعالم آثار، ومؤرخ، وشاعر ...

المزيد عن ذو النون المصري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة