الديوان » بغداد سايح » بيوت حانية على نبض مشرد

عدد الابيات : 74

طباعة

مـشـاعرُ فــي يــدِ الـدّنـيا تـجِـفُّ

و يــذبُـلُ بـيـنـنا حـــبٌّ و عــطْـفُ

و يـقـطُرُ مـن جـبينِ الـدّهرِ حُـزنٌ

فـــذاكَ ربـيـعُـنا الـمـجنونُ صـيْـفُ

تــدوسُ هُـيـامَنا رِجْــلُ الـمـخازي

و يُــحـرقُ غــابـةَ الآمـــالِ خــوْفُ

و تــذبـحُ حُـلْـمـنا سِـكّـيـنُ غـــدْرٍ

و يـخـجلُ مــن دمِ الأحــلامِ نـزْفُ

كــــأنَّ بــلادَنــا تــسـخـو بــــرُوحٍ

مُـعـطّرةِ الــرؤى فـالـموتُ ضـيْـفُ

تــجــودُ لــــهُ الــرّزايــا بـالـضّـحايا

و يُـطـعِـمُهُ إذا مـــا جــاعَ سـيْـفُ

و مـــا نـبَـتتْ نُـفـوسُ الـمـجدِ إلاّ

تـبـسّمَ فـي دروبِ الـوقْتِ قـطْفُ

تـخَـنْجرَتِ الـدّجى تُـدمي صـباحاً

و يـصْـفـحُ عـــن لـيـاليها و يـعْـفو

و تــطْـعـنُـهُ فـــــلا ذاقَ الـمـنـايـا

و أقْــبـلَ حـالـمـاً يـخـشاهُ حـتْـفُ

يــبــوسُ ضــيــاؤهُ كــفّـيْ دعـــاءٍ

فـتـنْـسُج هـمـسـةً بـيـضاءَ كــفُّ

أصــابـعُ تُـدمـنُ الـتـسبيحَ حـتّـى

و لــوْ هــدمَ ابـتهالَ الـرّاحِ قـصْفُ

و لـــمْ تـــزَلِ الأيــادي هـامـساتٍ

تــــرُشُّ رجــاءهـا لـحْـنـاً و تـغْـفـو

تــظـلُّ تــصـبُّ تـرتـيـلاً إلـــى أنْ

تـسـلَّـقَ أنْـفُـسـاً تـخـضرُّ حــذْفُ

لـتـنبُتَ فــي رُبــى الأيّــامِ نـبـضاً

يــخـافُ أريــجَـهُ الـمـمـتدَّ حــيْـفُ

لـعـلَّ جـريـمةَ الـشّـبِّيحِ صـاحـتْ

تــغـوصُ حـقـيـقةٌ فـيـها و تـطْـفو

تـحـوكُ دمـشْقُ مـجداً بـعدَ مـجْدٍ

و يـتْـبـعُ شـهـوةَ الـتـمزيقِ عُـنْـفُ

و قــاهـرةٌ تـخـيـطُ الــوجْـدَ كـيـمـا

يــطــرّزهُ بــبــوحِ الــنـيـلِ لُــطْــفُ

و تـنـسـجُ مـــن هـواهـا أمـنـياتٍ

تُــكــفِّــنُ حــالــكــاتٍ إذْ تُـــلَـــفُّ

فـمـصْرُ إبـائـها الـشـادي وَ شـامٌ

هُــمــا الأبــــوَانِ لا تـنْـسـابُ أُفُّ

هُــمــا كــتَـبـا شــمـوخـاً يـعْـرُبـيّاً

لـــتـــقــرأَهُ نـــــــداءاتٌ تـــــــرِفُّ

وعــى لـهُما الـندى جُـرحاً شـذيّاً

بـــــهِ حـــدقــاتُ ذلٍّ تــسْـتـخِـفُّ

و أبْــصـرَ جـرْحُـنـا خــزيـاً طــويـلاً

يُـضـمّـخهُ بـصـمـتِ الـعـارِ جِـلْـفُ

فـذا الأسَـدُ الـغزيرُ الحُمْقِ يُرخي

غـبـاوتَـهُ إلــى الـسّـيسي تُــزَفُّ

هُــمـا كـــدَرٌ لــمـاءِ الـعُـمْـرِ لـكـنْ

تــرَقْــرقَ عُــمْـرُنـا بـالـعـزِّ يـصْـفـو

يـدُوسُـهُما هــوانٌ حـيثُ يـسري

و يــرفَـعُـنـا بــهــاءٌ عــــادَ يــقْـفـو

هُـمـا جـهِـلا ارتـعـادَ الـذنـبِ لـمّـا

أطــاحَ بـنـشوةِ الـقـارونِ خـسْـفُ

و كـــمْ قـتـلا ابـتـساماتٍ حـيـارى

لـهُـنَّ عـلـى شـفـاهِ الــودّ عـزْفُ

و ســـارَ رداهُـمـا يـجـتثُّ عِـشْـقاً

بـسِـلْكِ فـجـيعةٍ أمـسـى يُـحَـفُّ

و نــحـنُ دفــاتـرُ الأحــزانِ تُـبـكي

مـحـابـرَ عـــنْ طــفـولاتٍ تــشِـفُّ

عـنِ الأُفُـقِ الـفتى يـشدو شُروقاً

و شمسُ غرامهِ الشاميِّ كسْفُ

هـــيَ ابْــنـةُ قـلـبـهِ سـلّـتْ رؤاهُ

و أغــمـدَ نـغـمـةَ الـزيـتونِ جــوْفُ

أيــا وطَــنَ الـشـذا أمْـطرْ صُـموداً

فـمـا سُـحُـبُ الإخــا لـلقهْرِ وقْـفُ

مــلامــحُـنـا تُــجـافـيـنـا فـــمــاذا

سيقبسُ من وجوهِ اليأسِ وصْفُ؟

تــبـخَّـرتِ الــمـرايـا واسـتـحـالـتْ

هــواجـسَ خـطّـهـا إفْــكٌ و زيْــفُ

و غـــادَرنــا سُـــــرورُ الـمُـونَـلـيـزا

لـيَـرْسُمنا انـهـيارَ الـوعْـدِ سـقْـفُ

نُــيُـوتُـنُ خــاصــمَ الـتـفّـاحَ فـيـنـا

فــلا انْـجـذَبتْ إلـيـنا الأرضُ تـهْفو

تـقاسَمنا الأسـى فـالدمعُ نـصفٌ

و حـشـرجةُ الــوداعِ الـمُـرِّ نِـصْفُ

و مــزّقــنــا سُـــكــوتٌ زئــبــقـيٌّ

تـصـمْصمَ يـطـعنُ الـثـوْراتِ يـجْفُو

و هـاجَـرنـا كـــلامُ الـرمـلِ مـوْجـاً

يــشـي بـجـراحِـهِ مــلْـحٌ أخَـــفُّ

نـأى الـشّعراءُ عـنْ صـوْتٍ وقـالوا:

تـعـثّرَ فــي رصـيفِ الـشِّعرِ حـرْفُ

هـنـاكَ يُـكـدّسونَ الـرّعْـبَ صـمْتاً

و مــا عـلِـموا بــأنّ الـكـبْتَ جُـرْفُ

حـداثَـتُـهُمْ تـقـيءُ الـقـولَ وهْـمـاً

و أكْــبـرُ بـوحِـهـمْ نــحْـوٌ و صــرْفُ

بــلابـلُ مــفـرداتٍ حــيـنَ طـــارتْ

تــلـذّذَ ريـشَـهـا الـشّـعـريَّ نـتْـفُ

و أدْخــلـهـا الــخـنـا أقــفــاصَ ذلٍّ

و لـيْـسَ لــهُ مــن الـتغريدِ رشْـفُ

سـنـابـلُ قـمْـحُـها يـفـنى حـزيـناً

و ضــادُ إبـائـها الـمشتاقِ عـصْفُ

تُــحـدّثُ عـــن شــمـوخٍ فـارغـاتٍ

و يـحـصـدُ ظـنّـها الـمـصفرَّ لـهْـفُ

قــصــائــدُ أضْــرَمَـتْـهـا تُـــرّهــاتٌ

و شـــاخَ لـهـيـبُها..يا قــومُ أوْفُــوا

سـتُـحرِقُ مــا تـدلّـى مــنْ هُـيامٍ

و يـسألُ عـنْ غـرامِ الظبْيِ ظِلْفُ

تـرى الـكلماتُ فيكمْ حُسْنَ كاتي

و عـــنْ قـسَـمـاتِ أمــجـادٍ تـعِـفُّ

و يـهربُ مـنْ لِـحى الأشـعارِ لفْظٌ

عـلـى صـفَـحاتِكُمْ يـسْتاءُ يـسْفُو

و رغْــمَ مـدادِكـمْ يـجـتثُّ مـعـنىً

لـيُـبْـصرَ شـامـخَ الآهــاتِ ضَـعْـفُ

سـنكتبُ عـن ربى الإسلامِ زهْراً

تُـبـيـحُ لـعـطـرِهِ الأنْــفـاسَ غُـلْـفُ

و عـــنْ وطـــنٍ تـخـفّى خـلْـفَ آهٍ

و مـــا لـبـكـائهِ الـمـنسابِ خـلْـفُ

و عــــنْ أمَـــلٍ تُــواريـهِ الـخـطـايا

يُـدغدغُهُ عـلى الأحـداقِ كـشْفُ

و عــنْ رجُــلٍ يـجـوعُ الـصـبْرُ فـيهِ

و يـبْـلـعُ عُـمْـرَهُ الأحـلـى يـسُـفُّ

عــنِ امْــرأةٍ تـنـاءى الـموتُ عـنها

و أذبــلَــهـا عـــــذابٌ مُـسـتـخِـفُّ

عــنِ الـنّبضاتِ سـالتْ فـاشْتهاها

بــــراحِ جــنـونِـهِ الــنـاريِّ غـــرْفُ

عــنِ الـبـسماتِ تـمْـحوها جــراحٌ

و يـرسُـمُـها بـلـونِ الـعـزْمِ طــرْفُ

سـنـكتُبُ مــا تـلَعْثمَ مـن سـلامٍ

لـتـنْطفئَ الـوغـى فـالـغُبْنُ يـدْفو

سـنـنْـحـتُ مـــن أمـانـيـنا وئــامـاً

تــمَــدُّدُهُ لــوجْــهِ الــكــونِ أنْـــفُ

يــســوقُ إبــاؤُنـا حُـلْـمـاً و أنــتُـمْ

مـتـى يُـبِـنِ الإبــا عـيـنيْهِ تُـخْـفُوا

أذابَ نـفـوسَـكـمْ نــبـراسُ ديـــنٍ

و فــــرَّ ظـلامُـكـمْ يــغـزوهُ عُـــرْفُ

و دحْــرجـكـمْ خــنــوعٌ فـانْـبـطـاحٌ

و نــاءَ بـكـمْ إلــى الأوهــامِ قـذْفُ

بـــرى دوَرانُـكـمْ صِـدْقـاً تـشـظّى

و ألْـهـمـكمْ طـريـقَ الـخُـبثِ لَــفُّ

فــكـمْ نــتِـنِ الـنّـوايـا ســارَ لـيـلاً

و خـافـقُـهُ ظـمـيءُ الـنّـورِ كـهْـفُ

يــقُــصُّ عــروبــةً مـــن مُـقـلـتيْهِ

و يـحـضُنهُ الـعمى مـذْ تـاهَ يـحْفو

وَ كــمْ ثـمِـلِ الـتـقاليدِ اسْـتباحتْ

مـواسِـمَهُ مــآسٍ وَ هْــيَ حِـلْـفُ

رمــتْــهُ كــؤوسُــهُ لـلـعُـهْرِ يــوْمـاً

فــنـازَعَـهُ ظِــــلالَ الـفـسـقِ دُفُّ

تـعـجّبتِ الـقـوافي مــن سـطـورٍ

يُـعـبّـدُها بـلُـغْـمِ الـمـكْـرِ نــسْـفُ

رأتْ شُــعـراءهـا يــبـنـونَ كُــفْــراً

و خِـسَّـتُهُمْ لـهـدْمِ الـفكْرِ تـشْفُو

بــنُـو نـزواتِـهـمْ خُـــرْسُ الـقـضايا

يـسيرُ بـهمْ عـلى الأوراقِ سُخْفُ

لــئِــنْ كــتَـبـوا انْـحـنـاءاتٍ كـتـبْـنا

بُـــروقَ شـهـامـةٍ لـلـعقْلِ تـخْـفُو

كــــذاكَ تُـعـتّـقُ الأيّـــامُ عِـشْـقـاً

و يُـسْـكرُ شـاهقَ الأوجـاعِ صِـنْفُ

فَـهـا تـئـدُ الـلـيالي ألْـفَ شـمسٍ

و تُـشـرقُ مِــنْ وراءِ الألْــفِ ألْــفُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن بغداد سايح

بغداد سايح

234

قصيدة

كاتب وشاعر جزائري، من مواليد العاشر جويلية عام 1983 بمغنية تلمسان، له جوائز أدبية كثيرة وطنيا ودوليا، من مؤلفاته: إليها المسير، مذكرة نورس مغناوي، قناديل منسية، صهيل البدايات، سمفونية جرح بار

المزيد عن بغداد سايح

أضف شرح او معلومة