قد تمتم الحجر الأصم

بما رأى من فرط هم

ويحي أنا الصخر الذي

قدا عاث في لدني الألم

حتى الرياحين انتشت

من حرقة الوجدان دم

والحزن صار خضابها

والمزن لونه السقم

والأرض كبر جوفها

مما احتواه من الرمم

والطير غرد باكيا

أنشودة اللحن الأصم

والدمع في النحل جرى

حزنا وشمع لم يدم

والروض ودع عبلة

فاشتاق ليلى وانتقم

يروي ليذكر ألفة

وسراب حب لم يدم

عذري ود صار في

مروي سرد في القدم

أين الرجال بحبهم

أقوى من الحجر الأصم

أين الرجولة أينما

رحلت ترافقها الشيم

فتلخص الشجن الذي

يا ما تغلغل واحتدم

أين العواطف قبلة

وقبلات ترتطم

أين العواطف تمتطي

سرج المواقف والقيم

الحب شي ظاهر

فاق الطهارة وانسجم

الحب أن تعلو على

شهو الغرائز والنعم

ليس الحبيب إذا ادعى

حبا لينتهك الحرم

تلك منابع وحيك

يا شاعرا زاد القلم

فلما تزغرد نائما

بين الوسائد في الحلم

ما أبعد الأقلام في

تحليقها بعد السدم

فامشي ببرك قبل أن

تعلو فتنطحك القمم

وافصح بما سكن الألى

قولا يترجم ما بهم

ما خطب عقلك عاجز

والقلب يخدمه الحشم

حرف ترهل مائعا

والشحم في دمه التحم

دغدغ بجرحك يا أخي

مخيال حرفك قد سئم

واجعل بيانك زهرة

في الثغر طلعا وابتسم

إن قبلتها نسمة

خر البديع من القلم

فالحرف كالخيل غدا

فاركب مطيه واحتزم

مهما تشرد داعيا

لن يسمعوا الوعظ الأهم

لا كنها تصغي لهم

في اللغو هرطقة الكلم

ناموا على فسق وقد

عاش الزناة ونحن لم

قم يا لسان الثغر قم

طاعتك أم فرت همم

لمن السلاسل قيدت

في شكلها ميزان حكم

لمن القيود فما على

حبل فشعب معتصم

متربع بين الدجى

كالبدر يكتسح الظلم

فلما تنوح وما على

سهل فبوح مرتسم

حرية فعلا بدت

بانت بقولك كالصنم

فتبارك الجيل الذي

في صلبه نسل الكرم

مجبولة أخلاقه

من طهر تربية ودم

فتباركت بجنينها

من جوف ذاك البطن أم

ويل للطغاة اليوم من

ذاك الضعيف وقد قسم

يسترجع القلم الذي

ذاق المرارة والضيم

يستجمع الظلم الذي

من فرط ذل لم ينم

قد مل أنه في ربى

جرف يشاركه العدم

وصديق عمره ماثل

والحبر في فمه احتجم

لا يرتضي صمتا إذا

حق تلاشى وانهزم

قاض القضاة ضمير من

لا خاف في الحق الندم

فانسل يحمي حرفه

كالغيث تحرسه الديم

في كل شبر جف ذا

حبر تشبع وابتسم

يحكي وقائع دهره

ليفسر الوضع الأهم

يدلي وملء لسانه

ظلم فيعصره الألم

خطب نفاه العقل حتى

قال للقلب استلم

أين الحقيقة أطمست

من فاه مظلوم ظلم

فقد الأصالة لاهثا

نحو الصغائر كالقزم

خلو جذوره ترتوي

من سيل حكم أو حمم

وخذو الضمير كبرعم

يقتات نورا من حلم

واستودعوه ترابه

حتى يشب وينفطم