الديوان » مصر » عبد الحليم المصري » من الملائك الا أنهم بشر

عدد الابيات : 69

طباعة

من  الملائكِ  الاَّ أنهم بَشَرُ

بواهلاً  وردوا قلبى فما صدَرُوا

سربٌ  من العفر تغشَانَا لواحظُه

عن  جانَبيها  المنايَا والمنَى زمر

يا  سانحَ السِّربِ رفقاً إِن سطوتَ بِنَا

يوماً فما نحن فى غيرِ الوغَى صُبُر

كم ملكَ الحبُّ ظبياً منك نفسَ فتىً

مِنا  وساعَدَهُ فى نيلهَا القَدَر

وُقِيتَ يا مَن بنفسى ما تُثيرُ بها

أَلماءُ منسكبٌ والجمرُ مستعِر

أخشى الليالى لا خوفاً على رمقى

خوفاً عليكَ فأنتَ السمعُ والبَصَر

تُرَى تضمَّنتَ لى فى النائلين مُنًى

فأرتجى  نيلَهَا أم أنتَ معتذِر

تعلَّةٌ  لم يذرها الدهرُ حابيةً

حتَّى  أغَارَ عليها فَهِيَ تحتَضِر

قضت على أملى الأيامُ وانصرَمَت

فمَا  عسانِى  من الأيامِ أَنتَظر

كأنَّما  فرَغت لى الحادثاتُ ولم

تجِد  سواى لها فى نفسِه وَطَر

نشأتُ فى مصرَ بين الناشِيئين بها

وعدتُ أذكرُ فيها بينَ من ذُكروا

نُحِبُّها كَرَماً مِنَّا وليسَ لنا

فيها  ديارٌ ولا أرضٌ ولا شَجر

تاللهِ  لولا  لوادِيها  عليَّ يَدٌ

ولِى  بها من موالى أهلها نَفَر

وأنَّ  من  ملك الأرواحَ مالكها

ما  عاش بدوٌ لنا فيها ولا حضر

مدبّر المُلكِ مجرى النيل فى بلدٍ

لولاه  ما  غرسوا فيه ولا بذروا

تلقى العمائرُ بالإِيمانِ إِمرَتَه

لله شكراً كما يلقى الحيَا الزَّهرُ

أبوك  من فتح الفسطاط ثم غدا

عَمراً  يؤيّده فى ملكه عُمَر

وأنتَ من شادَ فى عَلوٍ له نُزُلا

تَبيت  تُنثر عنه الأنجمُ الزُّهُر

عَمَرتَ فيهِ بيوتَ اللهِ عارفةً

فأنتَ  تعمر والزُّوار تعتَمر

وكنتَ للدَين حصناً لا يلمُ بهِ

صَرفُ الزمان ولا تَنتابُهُ الغِيَر

أشَّبتَه  بكتابِ اللهِ فاعتصمت

بحائطيه جنودُ الله فانتصروا

لولا  محمدٌ المبعوثُ ما نزلت

إلاَّ  على أهلك الآياتُ والسُّور

قومٌ  اذا ما أهابَ المستغيثُ بهم

أجابَ عنهم وإِن لم يسكتوا المطر

كأنَّ  غاليةً  تذكُو  بكلِّ فمٍ

يمجُّ عن ذكرهم مِسكاً اذا ذُكِروا

نَمَّت على جذعهم أعوادُهم ونَمَت

ما أحسن العود فيهِ الظّل والثَّمَر

لا يصدِفُ الشرقُ عن نعمَى رفَعت بها

رأسَ الهلالِ ونجم الغربِ منحدر

عَلَّوا جُسوراً بأطرافِ الرِّماحِ لها

وصانهم من عوادى فيِضها الحذَر

لسانُها فى نعوت الأرض ذو طولٍ

وفى لسانِ الحيَا عن نَعتِها قصر

ترَى  شعابَ الروابى تَتَّقى حَذَراً

اذا  طغَى السيلُ أن يطغَى بها الخَطَر

تبارك  اللهُ قد أُعطيِتَ مملكةً

أمست  بفضلكَ فوق النجم تزدهر

فسر بملكك تَحرسك القلوب به

لكَ  الصوالج والتيجانُ والسُّرُر

اذا  تنمَّر خصمُ أو طغى حَكَمٌ

فليزأر الليثُ حتى يخرسَ النَّمِر

علياءُ  تُزهَى على الخلدِ الذى ضرعت

له  مآثر  قومٍ  كلَّها  غرر

لك  البلادُ فجل يُمناً بساحتِها

يحل  بساحتها فى إِثرك النَّهر

كأنَّ حصباءَه تجرى على خَصِبٍ

درٌّ  على المرمرِ المنظومِ منتثر

يدٌ بها طُوّقَ الوادى عقودَ سَناً

وطُرّزت  فوقَه من نسجِها الأزُرُ

تُلقى على السَّهلِ خُضراً من طنافِسِها

وتهرقُ  الخمرَ حتى تنتشى الغُدُر

ويلبث الزهرُ يُزهى فى آرائكه

حتى تُرصَّع فى تيجانه الدرر

من يطلب الخُلدَ فليعمل لسيرتِه

يَفنى الوجودُ ولكن تخلدُ السِّيرَ

عقائِدُ الشَّعبِ آساسٌ فإن ضعفت

هُدَّت  ذُراه فأمسَى وهو منعفر

والناس فى العيش أَنصابٌ محركةٌ

تظلُّ معبودةً من حسنِها الصُوَر

كأنَّ  أرواحَهم طيرٌ محَلّقة

على  الرؤوسِ متَى تسنح لهم زَجَروا

نَظلُّ نذكرُ ممتانا بما صَنعُما

إن تذكر الحُّموتاه فقد نُشوا

حاشا الأميرِ فإن أعمارُهم نُهِبت

أضافهنَّ  الى أيامِكَ العُمرُ

ذكرتُ مولَدِكَ الأسمَى فبشَّرنى

بالخير أهلى فلما جئتُك انتظَروا

عِيدٌ أضيف الى العيدين فانتظمت

ثلاثةً فى عقودِ المُلك تَنحصِر

حتى اذا عابدين استشرفت وقضت

للطائفين فطافوا حولها نحروا

تُهدَى التحايا الى أعلا مناسكها

عن  الوفودِ وتُوفَى عندَها النُّذُر

يا  صاحبَ الملكِ لا ضاقت رحابك بى

ولا تعرَّضَ لى فى رزقَى السفر

أنزلَتنِى  بلداً فى جوهِ عِبَرٌ

فى  مائِه كدرٌ فى أرضِهِ سَعَر

اذا  الوفودُ على أطلاله وقفوا

حطّوا الرحال وقالوا هذه سَقَر

حملَتُ  ذنباً ولم أمدُد له سببا

والذنبُ عندَ كرامِ النَّاس مغتَفَر

ويسألُ القادرينَ اللهَ لو ظَفِروا

بالمذنبين  فإن لم يفتكوا شكروا

هم الملوكُ فلا إِن أعرضُوا ذكروا

ذَنبَ الأثِيم ولا إِن أمنَّوا غَدَروا

أصفيتُ فى الله إخلاصى أروم بهِ

وجهَ  الامير فأنّى شَيِّق ضجِر

حتى  يرى عبدَه المُوفِى بذمتَّهِ

وكم رجال اذا ما عاهدوا خَفَروا

هل  بالقصور اذا ناديتُ مستمع

شكوى امرىءٍ صار أصفَى عيشهِ الكدر

خصاصةٌ لو تنالُ النملَ فى غسقٍ

من  الشتاء غدت تَسعَى وتَبتَدر

وخافقٍ تستجيرُ النارُ منهُ بهِ

يطيرُ عن زندِه إِن يُقدح الشَّرر

يكاد ينساب فى دَمعِى فأحبسهُ

طوراً  وأزجُره  طوراً  فيزدجر

ضلوعُ  أسوان أم أحبولةٌ نُصِبت

فيها  تخبَّلَ ذاك الطائرُ الحَذِر

عيناىَ جفنَاهُما قد أتعبَا سهرى

حتى تخبَّلَ ذاك الطائرُ الحَذِر

ونامَ  ليلى  فحنَّ الصبحُ لى فاذا

جسراه منقطعانِ الفَجرُ والسَّحرَ

يا أيها القمرُ السارِى على مهلٍ

تبارك  الله  ما أحلاك يا قمر

كم فى البلادِ ترَى مثلى فتسعدَه

على الظلامِ وتسليهِ فيصطَبر

فأمره عند ذاك النورِ منكشفٌ

وسرَّه  عند ذاك الوجهِ مستتر

يا  رائداً  زمرَ العشاق مدلجةً

وسامعاً  كلَّ ما يجرى بهِ السَّمر

إِن كنتَ تذكرُ فى عهدِ الشبيبةِ لى

عند الهوى موقفاً أو كانَ لى أثر

فكن شفيعى الى ذى العرش إِن نَظَرَت

إليك  عيناهُ  إِنّى جئتُ أعتذِر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الحليم المصري

avatar

عبد الحليم المصري

مصر

poet-Abdel-Halim-Al-Masry@

69

قصيدة

1

الاقتباسات

10

متابعين

عبد الحليم حلمي بن إسماعيل حسني المصري . شاعر يصنف من هم شعراء الوطنية في العصر الحديث وهو من شعراء مدرسة المحافظين، قارب النبوغ وحالت منيته دونه. ولد في قرية "فيشا"سنة ...

المزيد عن عبد الحليم المصري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة