بصوت :
فكيفَ نموتُ ومِن دونِنا
مَوارِدٌ، غُدرانُها لا تَنْضَبُ
وَبَنُو صُهَيْونٍ مِنهُم بُومٌ
ومِنهم غُرَابٌ لِلْبَيْنِ يَنْعَبُ
أمَا شَابَ الرَّأْسُ في حُبِّ
قُدْسِنَا وشابَ ذاكَ الشَّنَبُ!
لَمْ أَرَ أَحْمَقَ أَتْفَهَ مِنْ جَهُولٍ
يَدَّعِي الحِكْمَةَ وعَقْلُهُ قِشْبُ
رَاغِبٌ فِي الحَيَاةِ لِفَرْطِ جَهْلِهِ
آثَرَ الذُّلَّ، أَلَيْسَ الذُّلُّ يُجْتَنَبُ؟
إذَا كَانَ حُبُّ الْقُدْسِ مَضْيَعَةً فَ
الغُصْنُ الرَّطْبُ فِي غَيْرِهَا حَطَبُ
يَرَى العُيُوبَ فِي غَيْرِهِ وَلَيْسَ
فِي غيرِ الخَانِعِ الذَّلِيلِ عَيْبُ
أَلَا إِنَّ بَيْعَ النَّفْسِ خِسَّةً وَضِعَةً
مَهْمَا امْتَلَأَ مِنْ العَطَايَا الجَيْبُ
يُجَرْجِرُ أَذْيَالَ الوَضَاعَةِ وَدَاءُ
الوُضَّاعَةِ فِي الذَّلِيلِ أَشْنَبُ
يَلُومُ الدَّهْرَ عَلَى عَثَرَاتِهِ وَبَنُو
حَوَّاءَ مِنْهُم جَائِرٌ وآخَرُ مُذْنِبُ
إذَا كَانَ إِكْرَامُ الْغَيْرِ وَاجِبٌ،
فَسُمُوُّ النَّفْسِ عَنْ الْإِثْمِ أَوْجَبُ
كَانَ الْبَدْرُ فِي السَّمَاءِ مُنِيرًا
واليَوْمَ بَاتَ مِنْ أَفْعَالِنَا يَخْبُو!
أَيُعْقَلُ أَنَّ بَدْرَ التَّمَامِ
صَارَ مِنْ أَفْعَالِنَا يَتَعَجَّبُ؟
لَمْ تُنْصِفْ أَيُّهَا الزَّمَانُ أَصْفَرَ الذَّهَبِ
كَأَنَّ نُزُرَ الأَحْيَاءِ أَصْبَحَتْ ذَهَبُ
وَالْحَجَرُ البَخْسُ أَصْبَحَ صَعْتَرِيًا
كَأَنَّ الزُّمُرُّدَ الأَبْهَى أَصَابَهُ العَطَبُ
زَمَانٌ بَاتَ تُقَارُبَهُ غَضَبٌ وَعَتَبٌ
وَبَأْسٌ وَيَأْسٌ كَأَنَّ الأَيَّامَ إِلْبُ
لَيْتَ الْعَيْشَ فِي الْأَوْطَانِ سَهْلٌ
وَلَكِنَّ الْعَيْشَ فِي الْأَوْطَانِ صَعْبُ
لَا يُعْطَى الْفَتَى وَلَا يَنَالُ
مَالَمْ بِنَفْسِهِ يَكِدُّ وَيَتْعَبُ
لَا يُؤْتَى رِزْقًا بِلَا سَبَبٍ
وَرَجَاءُ رَبِّكَ هُوَ السَّبَبُ
وَلِلِّشَّمْسِ أَسْبَابٌ كَأَنَّ
شُعَاعَهَا خِبَاءٌ مُطَنَّبُ
كَلِمَاتٌ تَهُزُّ النَّفْسَ طَرَبًا
وَصَمْتٌ يَعْلُو بِحُلْكَتِهِ مَا يُطْرِبُ
وَتَعْلُو الْبُلْدَانُ دَوْمًا بِفَخْرِهَا
كَالْجِبَالِ دَوْمًا يَعْلُوهَا أَخْشَبُ
دَامَ الْعِزُّ لِأَرْضِ الرِّبَاطِ
مَا جَلَا الْإِصْبَاحَ غَيْهَبُ
وَدَامَ الْمَجْدُ لِأَرْضِ الشَّامِ
مَا عَلَا دَهْمُ الدُّجَى أَصْهَبُ
وَدَامَ الْفَخْرُ لِأَرْضِ الْوَحْيِ
مَا عَلَا الْجَبَلَيْنِ أَخْشُبُ
طَلَبُ الْكَرَامَةِ لَا يُعْجِزُ تَدَارُكُهَا
فَالْخُلُقُ الْكَرِيمُ هُوَ الْعِزُّ وَالنَّسَبُ
وَالْمَعِيبَةُ لَا حَدَّ لَهَا فَالْخُلُقُ
خُلُقٌ ذَمِيمٌ ثُمَّ نِفَاقٌ وَكَذِبُ
كَمْ مِنْ خَلِيلٍ كُنْتُ أَرْجُو وُدَّهُ
وَالرَّجَاءُ بِوَجْهِ الْمَوْلَى أَجْوَبُ
نَرْقُبُ الْبَرْقَ سُقْياهُ مَا نَرْجُو
وَغَضَبُ اللَّهِ بَرْقٌ لَهُ لَهَبُ
قَبِيحُ الخُلُقِ مَكْشُوفٌ بِطَبَائِعِهِ
وَجَمِيلُ الْخُلُقِ الخَيْرُ فِيهِ يَغْلِبُ
مَدَّ الزَّمَانُ لَنَا كَفَّ الخُطُوبِ وَقَدْ
وَافَاهُ فِي كَيْدِهِ مَعَ الخَطْبِ خَطْبُ
إِذَا مَا السُّوءُ وَافَاهُ اعتِذَارٌ فَلَا
قَطِيعَةٌ تَبْقَى وَلَا يَبْقَى لَهُ ذَنْبُ
الحِقْدُ لَا يُوَرِّثُ إِلَّا حِقْدًا وَلَا
يَهْنَأُ بِطِيبِ العَيْشِ قَلْبُ
وَلِلْحَوَادِثِ في الحَيَاةِ نُدَبٌ
عَزَّ بِالحَيَاةِ مَنْ عَافَتْهُ النُّدَبُ
نَارُ المُخَاصَمَةِ تَخْبُو فَمَا
الخِصَامُ بِنَارِ الحِقْدِ يَخْبُو
كُلُّ امْرِئٍ له كَبْوَةٌ وَشَرُّ
النَّاسِ في الأَحقَادِ يَكْبُو
فَليَكُنْ لِلْإِنْسَانِ دَرْبُ خَيْرٍ
فَاتَّخِذْ لَكَ مِنَ الخَيْرِ دَرْبُ
مَسَامِعُ العِدَا صُمَّتْ بِمَا سَمِعُوا
وَمَا قَرَّتْ لَهُمْ عَيْنٌ كُلَّمَا رُهِبُوا
مُنَى المُؤْمِنِينَ مَنَاياهُمْ إِذَا حَمَلُوا
نَالُوا الشَّهَادَةَ وَالأَرْوَاحَ هُمْ وَهَبُوا
55
قصيدة