عدد الابيات : 21
لمثلِ الذي أمضيتَ يَسْتعجِبُ الفخرُ:
أيُولَدُ في ذا العصر ذا الضيغَمُ الحرُّ!
لكان حَرِيًّا أن تفارِقَ دهرنا
وتعلو إلى حيث اعتلَت أنجمٌ زهرُ
لمثلكَ يا «سِنوارُ» يَهتَزُّ رُكنُنا
ويعلو، على مَرّ الدهورِ، لكَ الذكرُ
لمثلِكمُ حُقَّ الرثاءُ وما لنا
بما قد يفيه منكمُ النثرُ والشعرُ..
فتًى في ثياب الشيخِ قد كان كلَّما
يُعمَّر دهرًا زاد بسطته الدهرُ..
تُجَرُّ عليه الحَربُ ستينَ حِجَّةً
فيصدُقُ في أقوالِهِ فِعلُه الحُرُّ
يَقِرُّ على إقدامِه حينَ ساعةٍ
يُهَزُّ لديها كلُّ من دأبُه الصَبرُ
يجُرُّ على بحرٍ من الشَّرِ جندَهُ
وينزل معْها حيثما ينزل الشرُّ
ويَقدُمُهمْ والموتُ في حومة الوغى
تزاحَمَ، حتى قيل هذا هو الحشرُ..!
تَقَدَّمَ حتى ليس بعدُ مُقَدَّمٌ
وأقبل حتى ليس يعرفه الدُبرُ
وما كان يومَ الروع مدَّرِعًا لهُ
سوى بيقينٍ قد تحلى به الصدرُ
يرى ما يشُقُّ القومُ عنهُ بأن يروا
فَيَنفَذُ في ما لم يَجُلْ قبله الفِكرُ
مضى مؤمنًا بالنصر إيمان من رأى
ولمّا يَلُح في الأفق من حوله النصرُ
مضى غيرَ نِكسٍ في الحروب وإنما
مضى كيف ما يرضى ويرضى له الفخرُ
قَضيتَ وفي الأعداء بعدك ما انقضت
لهم رعدةٌ ما إن أديرَ لكم ذكرُ
لعمرُكَ تبقى غُصَّةً في حلوقهم
وذكرا لنا في القلبِ ما حيي الدهرُ
فوا عجبًا إذ هُمْ يُذيعون نَعيَهُ
أكان بنا حزنٌ على ذاك أم فخرُ
أجل كان فخرًا خالط الحزنُ ماءَهُ
كأنَّكَ في أحشائنا الماءُ والجمرُ
هنيئًا لكَ الفوزُ الذي أنت أهلُهُ
كما فاز من قبلكم القادة الزُهرُ
نفوسٌ سمت حتى رأت عيشة الدنى
لها دنسٌ لم يرضها عنهم الطهرُ
فجاوِرهُمُ يا ابن الأكابرِ بعدما
تبوَّأتَ قدرًا ليس يعلو له قدرُ
153
قصيدة