بيتٌ بلا مكتبة، جسدٌ بلا روح، يقف كخرابٍ مؤجّل، يراقب الأيام وهي تنسحب كظلٍّ باهت. جدرانه خرساء، لا تتحدث.. إلّا بلغة الفراغ، ولا تتذكر.. إلّا صدى الرياح التي تعبر دون أن تترك أثراً. في البيت، العقول قواربٌ دون شراع، والأفكار جثثٌ غارقة في بحرٍ من الجهلِ.. أيُّ حاضرٌ هذا؟ يُرسم بلون الرماد، تُنحتُ تفاصيله بحبرٍ قلمٍ عتيق، يُغلق على نوافذ الضوء ويدفِن كل بذور الحياة. هُنا.. حيث اعيش هُنا.. تُذبح الأحلام على مذبح التكرار، بيتٌ بلا مكتبة، هو وطنٌ يُغتال فيه المستقبل قبل أن يُولد.. بيتٌ بلا مكتبة، كائنٌ مبتور الأطراف، البدويّ الذي يسكنه، يحمل صمت الصحراء في جيوبه، يُقايض الصخب بالأوهام، يجرّ عربةَ ماضٍ ثقيل دون أن يدرك أنّ الحاضر يغرق تحته. تذبل النوافذ كعيونٍ أنهكها الانتظار، وتتساقط الذكريات كان كل شيء هنا ينبض بالحياة، والآن لا شيء سوى الحطام، وشبح الأمل المفقود. هكذا.. يمضي الزمان، والبيت يبقى شاهداً على موتٍ بطيء يُكفن العقل، ويُدفن الحلم بلا شواهد.