الديوان » محي الدين الفاتح » الشرقُ أنتِ

عِزي عَلي فإني لن أقول كفى 
ما شق شقُ فؤاد كان مؤتلفا 
فأنتِ أنتِ به إن دق إن وقفا 
لا الوجد فيه تداعى لا الغرام غفا 
أنَّى إنصرفتِ أراهُ فيكِ منصرفا 
غيبي وأوبي وغيبي لن أقول كفى
 
ويوم أزمعت يا صبح الرحيل صباح 
الليلُ حل ولو أنَّ الزمانَ ضُحى 
ما أَنْ تَوجَهَ شرقاً نورُ وجهكِ لاح 
مِني الفؤادُ طحا
 و الشرق فيكِ صحا 
فالشرقُ منذ قديم العهد مهدُ عطاء 
هُدى و عشقٌ و أسمارٌ تَسِحُ غِنَاء 
منه الرِسَالاتُ مِنهُ الشمسُ والأفياء
والبدر تِمٌ وأسرابُ السَّحابِ مِلاء
بِصَادِقِ الغيثِ والبرقِ المُشِعِّ رَخَاء 
ما أتلف الوعد يوماً لو تمهل جاء 
ما ضيع العهد دوماً ما تقاعس لا 
 والشرقُ كانت له أنفاسه نُزُلا
بالوحي بالريح فتق أرضنا رُسْلا 
والشرق كل جميل قد جرى مثلا 
الشرق بابل بل بغدادُ بل كسلا 
والشرق أنتِ فأنتِ السحرُ في كسلا
ما جِئتِها كُنْتُمَا الِمشْكَاةَ والمِصْبَاح 
عاد الأصيلُ أصيلاً والصباحُ صباح
 
ها أنتِ عُدتي و عَهدي بالخريف دنا
وباركت كسلا منه هواطلهُ
بخاطري جبل التاكا قد ابتردت 
منهُ الأعالي وقد سالت أسافلهُ
و(القاشُ) لف السَواقِي عند مئزرها
وقد تَنَاهت لأيديها جداولهُ
كم أحمل الموز في صدري فإن له
صدراً كصدرك ما خفت محاملهُ
أنا البعيد الذي طالت مسائلهُ
شوق به قلق لا بد قاتلهُ 
ُالقلب در وما قلت بلابله 
عمري رهين بما تمليه يا قدري 
ما بنت انتي فما سمعي وما بصري 
ما سرت إلا وطيف منك يصحبني"
"سرى أمامي و تأويباً على اثري 
أنتِ المحيط الذي شطت سواحلهُ
أنتِ الحديث الذي ما مل قائلهُ
ما كل سامعهُ ما طال طائلهُ 
أنتِ الغرام الذي يُحي وإن قتلَ 
فالعشق فيكِ فناءٌ فيك يا كسلا
 
حتى إذا (القاشُ) بالأشواقِ عادَ مَلِيء
وصَفَّقَ الموجُ يُزجِي الشاطئينِ سلام
والنجمُ طوَّقَ أعناقَ الجبالِ حُلي
وأنثال طلاً على جسد الظلامِ سِجام
والرقصُ دار ووجه البدرِ دار جلي
والليلُ أيقظ في ذاتِ الصدورِ هيام 
والدفُ أوحى بِأنْ يا خيلنا ارتحلي 
عودي الوراء قليلاً ثم دلِّ أمام 
والشَعرُ ثارَ إذا ما الصدرُ صار عَلي 
والكفُ نامَ و قاماتُ السيوفِ قيام 
والفجرُ هلَّ مع الصوتِ المُطِلِّ طَلِي 
لحناً يُناغِمُ من همسِ العيون كلام 
إن العيون التي أودعتها أملي 
لها سهامٌ لها عند السلام زِحام
حتى إذا القاشُ عادكِ فابسطي وصلي
 حَبلاً بقلبي موصولٌ إلى (مُكْرَام) 
بل خلِ عنكِ فما عاد الفؤادُ خلي
 مذ أن تعلق بين (الجسر) و (الجبل)
 
عزي عَلي فإني لن أقول كفى
 ما شَقَّ شَقُ فؤادٍ كان مؤتلِفَا
 فأنتِ أنتِ أنتِ به إن دق إن وقفا
 لا الوجدُ فيه تَدَاعَى لا الغَرامُ غَفَا
 أنَّى إنصرفتِ أراهُ فيك منصرفا
غيبي وأُوبِي وغيبي لن أقولَ كفى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محي الدين الفاتح

محي الدين الفاتح

1

قصيدة

محي الدين الفاتح محي الدين عبد المحمود مكان وتاريخ الميلاد: طابت/ الجزيرة 26/ ديسمبر/ 1952م المراحل الدراسية • أبوقوتة الأولية • طابت الأميرية الوسطى • حنتوب الثانوية • الليسا

المزيد عن محي الدين الفاتح

أضف شرح او معلومة