الديوان » المعتصم بالله أحمد » على مثل ما أمضيتَ يستعجب الفخرُ!

عدد الابيات : 33

طباعة

على مثل ما أمضيتَ يَسْتعجِبُ الفخرُ:

أيُولَدُ في ذا العصر ذا الضيغَمُ الحرُّ!

لكان حَرِيًّا أن تفارِقَ دارنا

وتعلو، إلى حيث اعتلَت أنجمٌ زهرُ

لمثلكَ يا «سِنوارُ» يَهتَزُّ رُكنُنا

ويعلو، على مَرّ الدهورِ، لكَ الذكرُ

لمثلِكمُ حُقَّ الرثاءُ وما لنا

بما قد يفيه منكمُ النثرُ والشعرُ..

فتًى في ثياب الشيخِ قد كان كلَّما 

يُعمَّر دهرًا زاد بسطتَهُ الدهرُ..

وما الأسر مما فلَّ حدَّ اعتزامِهِ 

ألا زاده بأسًا على بأسِهِ الأسر!

تُجَرُّ عليه الحَربُ ستينَ حِجَّةً

فيصدُقُ في أقواله فِعلُه الحُرُّ

يَقِرُّ على إقدامِه حينَ ساعةٍ

يُهَزُّ لديها كلُّ من دأبُه الصَبرُ

يجُرُّ على بحرٍ من الشَّرِ جُنْدَهُ

وينزِلُ معْها، حيثما ينزِلُ الشرُّ

ويَقدُمُهمْ والموتُ في حومة الوغى

تزاحَمَ، حتى قيل هذا هو الحشرُ..!

تَقَدَّمَ، حتى ليس بعدُ مُقَدَّمٌ

وأقبل، حتى ليس يعرفه الدُبرُ

وما كان يومَ الروع مدَّرِعًا لهُ

سوى بيقينٍ قد تحلى به الصدرُ

يرى ما يشُقُّ القومُ عنهُ بأن يروا

فَيَنفَذُ فيما لم يَجُلْ قبله فِكرُ

مضى مؤمنًا بالنصر إيمانَ من رأى

ولمّا يَلُح، في الأفق، من حينهِ، النصرُ

مضى غيرَ نِكسٍ في الحروب وإنما

مضى كيفما يرضى، ويرضى له الفخرُ!

أمَا لو ترى السنوارَ آخِرَ وَقعةٍ

عليهِ من الإثخان أردية حُمرُ..

وحيدًا سوى من عَزمةٍ لا تريحهُ

عن المجد، إلا أن يسكِّنَهُ القبرُ

يكُرُّ، فيا لله كم من كتبيةٍ

تكُرُّ! فيَثنيها عن الضَغَنِ الذُعرُ

أحاطوا به من خَلْفِه، وأمامهِ

ومن خلفهم جُدر، وقُدَّاهم جُدْرُ

ودسَّوا على أمنٍ من الخوفِ طيرَهم

تَجُسُّ لهم أمرَ الذي هابَهَ الأمرُ..!

ففزَّعَها عن أمنها نظرةٌ لهُ

هِزَبْرِيَّةٌ، يَنتابها شَرَرٌ قَصر

فيا لأبي ابراهيم وهو مخضّبٌ

عليه لثامٌ زان من تحته البدرُ..

بقِيتَ ومات السيف والدرع والقنا

فكانت لك العصا هي الغُنم والذخرُ

كذا يا ابن إبراهيم ترقى بمِيتةٍ

"تقوم مقام النصر، إذ فاتك النصرُ"

كذا يعذُرَنْك العز والفخر والإبى

إذا بك لم يُدركْ له الوِترُ والثأْرُ

قَضيتَ وفي الأعداء بعدك ما انقضت

لهم رعدةٌ ما إن أديرَ لكم ذكرُ

وربِّكَ، تبقى غُـصّةً في حلوقِهم

وذكرًا لنا في الناس ما بَقِي الدهرُ..

فوا عجبًا إذ هُمْ يُذيعون نَعيَهُ

أكان بنا حزنٌ على ذاك أم فخرُ..؟

بلى! كان فخرًا خامر الحزنُ ماءَهُ

كأنَّكَ في أحشائنا الماءُ والجمرُ

وما فارَقَتكَ الروحُ إلا وأورَثَت

شجاعتُكَ الغلباءُ ما يبغَضُ الكُفرُ

هنيئًا لكَ الفوزُ الذي أنت أهلُهُ

كما فاز من قبلكم القادة الزُهرُ

نفوسٌ سمت حتى رأت عيشة الدنى

لها دنسٌ لم يَرضَه عنهم الطهرُ

فجاوِرهُمُ يا ابن الأكابرِ بعدما

تبوَّأتَ قدرًا ليس يعلو له قدرُ..

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المعتصم بالله أحمد

المعتصم بالله أحمد

150

قصيدة

شاعرٌ يحاول تقفي أثر الأولين.

المزيد عن المعتصم بالله أحمد

أضف شرح او معلومة