غلبَ الشوقُ يا أُمَيمَةُ صَبْري

لم أعُدْ بعدكم مِثالًا لِصَبْرِ

كلُّ رُزْءٍ قد نالَ مني بِسَهْمٍ

فادَّرَعْتُ الأرزاءَ مِن دون صدري

غيرَ سَهْمٍ لا يَتَّقيهِ ادِّراعي

يَتقصَّى الحشا فيَفْرِي ويَبْري

كُلَّما سَرَّحْتُ غَزَالاتِ فِكْري

بين "حمراءَ" فـ"العقيقِ" فَـ"عَيْر"

وَتَّرَ الشوقُ سهمَهُ وانْتَحى ليْ

طالبًا ما بين الضلوعِ بِوِتْرِ

كَتْميَ السِّرَّ ـ يا أُمُيمَةُ ـ أَجْدَى

لو وَفَى ناظرِيْ ولَمْ يُفْشِ سِرِّي

وأعانَ الهوى عليَّ امتحاني

بزمانٍ لا يَسْتَنِيمُ لِخَيرِ

ولِئامٍ أَعْيَا نَواصِيَهمْ حا

فِرُ عزمي، فأَضْمَروا لي بِغَدْرِ

 رَضعوا الذُّلَّ فاكْفَهَرُّوا لِعِزِّي

وازْدَرى رِقُّهم قصائدَ حُرِّ

إن يَّقُلْ يُسْمِعْ أو يُحاجِجْهُ يُخضِعْ

أو يُساجِلْ يَفخَرْ على كلِّ فَخْرِ

مُهجتي يا مَصُونَةَ الثوبِ: قَرِّيْ

صُنْتُ شِعْري عمَّا يُدَنِّسُ شِعْري

لم أَكُنْ شاعرًا لِأَبْذُلَ عِرْضي

أو لِأُهْريقَ ماءَ وجهي لِنُكْرِ

أو لِأُهدي بناتِ فِكري لِطاغٍ

مُعْلِيًا شانَهُ بِتَنكيسِ قَدري

لِمَتاعٍ مِن الحياةِ قليلٍ

باعَ مَبْدأَهُ بدرهمِ خُسْرِ

شاعرٌ كان مِن سُرَى النَّمْل أَخْفى

يُنشد الشعرَ بين وَغْلٍ وغِرِّ

يَتغَنَّى بعزّةٍ كذَّبَتْها

حالُه حين أحْوَجَتْه لِنَزْرِ

بعد أن كان في القصائد يَبكي

بيضةَ الدِّينِ أنْ تداعَتْ لِكَسْرِ

صار يُثني على الذي ضيّعَتْها

كفُّهُ قُربانًا وزُلفى لكفرِ

إنني نسْلُ سادةٍ أورثوني

عزّةَ الشِّعْرى والإباءَ بشعري

أورثوني شعرًا رقيقَ الحواشي

مُحْكمَ النَّسْجِ سَلْسَلًا فوق صَخرِ

يَتَدَانى للسامعين، ويَنْأَى

عن قرائحهم إلى رأْسِ وَعْرِ

أَقْتَفي شاردَ المعاني، وأنفي

ما عليه في شِعره ضَنَّ غيري

أيها الناس عُوا وأصغوا لقولي

إنّني لكمُ نذيرٌ بِشَرِّ

قد أظلَّتْكمُ سنينٌ عِجافٌ

ودَنَا عصْرٌ لا يَبِضُّ بِخَيرِ 

أصبحتْ في يدِ الحَتَار عُراها

فصمَ اللهُ عُروةً تحت حِتْرِ

فاستقيموا كما أُمِرْتم وخَلُّوا

أعوجَ القصْدِ طالبًا شرَّ أمْرِ

أعذبُ الرِيِّ بعد طولِ ظَماءٍ

وأعزُّ الخصومِ طالبُ ثَأْرِ

ما جَزِعْنا تحت العجاجة يومًا

أو رَضِينا إغضاءَ عينٍ لِوِتْرِ

رُبَّما ينبو عن ضَرِيبَتِه السَّيْـ

ـفُ المُصَمِّمُ ثم يَعْلو فيَفْري

وإذا طَبَّقَ الظلامُ وأَغَفى

كلُّ نجمٍ فارقُبْ طلائعَ فَجْرِ