الديوان » حسين الشرقي » نَهجُ الأساة

عدد الابيات : 45

طباعة

نَدَمَ الفؤادُ فيا حرّاهُ مُنتَدَمي

سلبَ الهناءَ رويًّا واستباحَ دمي

لا العينُ تُمطِر كي تخفى غمامتُها

والصمت يُطبِقُ بالأحجارِ ملئَ فمي

ليلٌ عتيقٌ أنا في عين ساهرَةٍ

والكحلُ ينسابُ ملئَ العين للقدمِ

فالحسن ينعَمُ في ذا الكحلِ دعجَتَهُ

وأسود اللون أمسى لاثمًا ألَمي

تلك الأساةُ وكم في ثغرها نُصَبٌ

بائت عليَّ بباءِ البؤسِ واللِّمَمِ

مذ أن لقتني على أطراف رابيةٍ

مرميَّةِ الوَضعِ بينَ البَهْجِ والنِعَمِ

قالت: أيا مُبهجَ الأزهارِ ضحكَتُهُ

حتّامَ تبقى على الأنعامِ والأُجَمِ؟

تلهو وتبسَمُ ملئ الثغرِ يا فَرِحًا

وكم أغيضُ مماتًا طرفَ مُبتَسِمِ

هذي سماؤك يا ذا الحسن مقفِرَةٌ

فلا يغرّكَ إفكُ النورِ بالنُجُمِ

هذا الوجود كومضِ البرقِ دَعوَتُهُ

فارجع إلى الأصل بينَ اليأس والعَدَمِ

ما أجملَ اليأسَ أقدارًا ومنزلةً

ما أجملَ العين لو ظلَّت سوى رُسَمِ

حيِّ الفؤادَ إذًا، وانطق: أيا طللًا

باتت ثناياه تحكي قصة الألَمِ

في قولكِ الثأرُ، كيف الثأر؟ قلتُ لها

ولِما وأينَ وأنى ذاك مِن رُسَمي؟

لم ينتهِ الأمسُ والأحلامُ ما مُنِعَت

والقلبُ ليس شديدًا مَحمَلَ النَدَمِ

والروح واهنةٌ أن تحتوي ألمًا

والنفس تعجز حملَ الهمِّ والهِمَمِ

والعين رقّت على أضغاثِ نائبةٍ

والقلبُ يشكو الدما من رقةِ الأَدَمِ

فما أنا (بنُ بني الهيجاءِ) قاتِلَتي

لتدّعي الحبَّ عندي مجملُ الأمَمِ

وما لحظّيَ بينَ الخلقِ مُرتَفَعٌ

مثلَ الشتاء ولكن دونما دِيَمِ

لم تَلمِس العذرَ بالشكوى وقد غرست

في خافقي الهمَّ غرسَ السيف باللُجَمِ

فاستوحَشَ الصبح نُدّامًا وقد رَحُبَت

لُجَجُ المساء بعيني في صدى كَلِمي

مذ ذلك الحين والساعات واقفةٌ

جلس السهادُ على جفنيَّ لم أَنَمِ

يرمي ليَ البعض كفًا علّ تُطفئُني

وهل تطيقُ الأيادي كفِّ مضطَرِمِ

يا لائمَ الحزن قل لي لو دُعيتَ لِأن

تَذُقِ القليلَ بما قد ذقتُهُ تَلُمِ؟

كبشًا ذُبِحتُ على قربانِ آسيةٍ

عِندَ القفاةِ بسيفٍ ناصلٍ ثَلِمِ

أسفي على قَدَرٍ قد ضاعَ فيه أبي

بمجيء طفلٍ إلى ما صيغَ للهُرُمِ

مَن عارض الحزن لا تكفي عوارِضُهُ

ومن أرادَ الأسى في حضنِهِ يَهِمِ

قال الجميعُ بأنَّ الضوء منبثقٌ

من كل عَتمٍ ولا أَوعى سوى الظُلَم

وأنتِ أنتِ أيا مبداةُ حَيرَتِها

أولا ترينَ جوابَ الحَيرِ بينَ دَمي؟

ماذا بقى منكَ لا تغفَينَ سائلةً

ولما كذا أنتَ تخفي الصبوَ بالهَرَمِ؟

يا ابنة النورِ والمشكاةِ ما فعلت

منكِ العواطِفُ، تحيي ساكنَ العُتَمِ؟

مقرورةُ الجفن في أحلى الوسادِ نَمي

وعلى جميل الحكايا في المساءِ عِمي

ودعي جميلَ الدجى يُمليكِ بَهجَتَهُ

ودعي أخَ الحزنِ في كل المآسي رُمي 

مِن أينَعِ الحزنِ يحكي نبضَ خافقِهِ

والوجه يحكي بقايا الرَثِّ والسَقَمِ

ما دامَ حالٌ حكى الواسونَ يا أرِقًا

والعذل خلف الحكايا قائلاً: يَدُمِ

لو لا الأساة لما قد حاطَني عِلَمًا

للقلب عند الأسى بَعضٌ مِنَ القيَمِ

يبكي على الورد لو رثّت نواظِرُهُ

يبكي على البدرِ لمّا تاه بالظُلَمِ

يحكي مقامُ الصبا أصواتَ نبضَتِهِ

وأقتَلُ النَغْمِ صَوتُ النايِ بالنَغَمِ

هذا الزمانُ فلا أبقى لنا رمقًا

ما فكرةُ العيش إلّا سكرةُ العَدَمِ

فالروح تأسى على الأحلامِ تلك بأنْ

حلمُ الطفولة يُملي سلَّةَ الهَرَمِ

فالنفس تسعى الى اللا شيء واهِمَةً

ما من شفيف منى إلّا من الوَهَمِ

لا تعرِفُ الضوءَ لو أسرى لها قبسًا

ولا تزيح الأسى عنها لتستقمِ

حسبي بقولٍ أتى من نهج كاظِمَةٍ

أنَّ الخلائقَ ليست من ذوي العِصَمِ

فما البعيد إذا أشكيتُ مُنعَطِفٌ 

هل للشموسِ نصيبٌ من أسى النُجُمِ؟

ما كان شعري إذا ألقى لمبتَهِجٍ

وهل سيقرأ أُمّيٌّ أسى النُظُمِ؟

أبكي الجراحَ وبعض اليأس يخبرني

أن الجراحَ عن الباكينَ في صَمَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


بنُ بني الهيجاءِ

بنُ بني الهيجاء هو سيف الدولة الحمداني، وهنا توارد مع بيت المتنبي الذي مدحه به بقوله: ما لي أكتِّمُ حبًّا قد برى جسدي وتدّعي حُبَّ سيفِ الدولةِ الأُمَمُ

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسين الشرقي


معلومات عن حسين الشرقي

حسين الشرقي

11

قصيدة

حسين فالح حسن ، شاعر عربي عراقي من مواليد 2005 مدينة العمارة / محافظة ميسان ترعرع تحتَ أجنِحَة الأدب فنهل منها ما طابَ مِنَ الشعر ، تأثر بالكثير من الشعراء ومنهم عنترة بن شداد ومحمد مهدي الجو

المزيد عن حسين الشرقي

أضف شرح او معلومة