عدد الابيات : 17
مَا بَالُ عَيْنِكَ لَم تَغْفل وَلَمْ تَنَمِ
قَدْ طَالَ وُجْدُكَ مِنْ مَضْنَاكَ لَمْ تَعِمِ
وَصَارَ صُبْحُكَ أَخْشَى مَا تُكَفْكِفُهُ
فَالشَّمْسُ عَيْنٌ لِذَاكَ الشَّطِّ وَالأَجَمِ
قُلْ: هَلْ عَهِدْتَ دَوَامَ الحَالِ فِي أَثَرٍ؟
وَكُلُّ شَيْءٍ عَلَى الأَيَّامِ لَمْ يَدُمِ
تَبْكِي المَرَاسِي وَآثَارَ البُيُوتِ، وَمَا
يُجْدِي بُكَاؤُكَ؟ فَامْنَعْ دَمْعَةَ النَّدَمِ
يَا دَارَ أَهْلِي، وَأَمْجَادِي، وَيَا وَطَنًا
قَدْ عِشْتُ فِيكَ وَقَصْرًا بِالدِّمَاءِ حُمِي
قَدْ جَاسَ فِيهَا غُرَابُ البَيْنِ، ثُمَّ أَتَى
يَوْمٌ عَلَيْهَا بِسُوءِ البَيْنِ وَالشُّؤُمِ
فَأَصْبَحَتْ كَرِمَالِ التِّبْرِ خَالِيَةً،
لَمْ يَبْقَ فِيهَا جِدَارٌ فَاتَهُ الهَدْمِ
عَلَى ضِفَافِ شَوَاطِيهَا وَقَفْتُ أَنَا
بِالنَّارِ أَغْلِي مِنَ الأَشْوَاقِ وَالأَلَمِ
أَعْطَيْتُ أَمْسِي قَصَاصَاتِ الغَرَامِ، وَمَا
أَبْقَيْتُ لِلنَّفْسِ إِلَّا صَادِقَ الشِّيَمِ
وَقَدْ مَضَيْتُ أُدَارِي لَوْعَةً سَكَنَتْ
بِالعَيْنِ، وَالنَّارُ قَدْ أَوْرَتْ عَلَى نَسَمِي
فَمَا تُفِيدُ مَكَاتِيبِي، وَقَدْ رَحَلُوا
وَكَانَ خَصْمِي نَدِيم اللَّيْلِ مَعْ حكمي
لِلَّهِ أَشْكُو مُصَابِي بِالزَّمَانِ، وَمَنْ
يَشْكُو إِلَى اللَّهِ، لَا يَشْكُو مِنَ الغَمَمِ
وَالدَّهْرُ أَيَّامُهُ بِيضٌ، وَإِنْ عَرَضَتْ
سُودٌ، فَفِي بَطْنِهَا مِنْ وَافِرِ النِّعَمِ
لَنْ يَبْلُغَ المَرْءُ مِنْ جُهْدٍ وَلَا تَعَبٍ
إِلَّا لِمَا خَطَّهُ الرَّحْمَنُ بِالقَلَمِ
فَشَدِّدْ يَدَيْكَ بِحَبْلِ اللَّهِ مُعْتَصِمًا
فَاللَّهُ أَوْلَى بِكُلِّ الخَيْرِ وَالكَرَمِ
وَاذْكُرْ بَقِيَّةَ مَنْ وَدَّعْتَ مُبْتَسِمًا
فَبَسْمَةٌ مِنْكَ قَدْ تَقْضِي عَلَى الثَّلمِ
وَكُلُّ دَوْرٍ مَعَ الأَيَّامِ مُنْقَلِبٌ
يَوْمٌ رَخَاءٌ، وَأَيَّامٌ مِنَ الزَّخَمِ
19
قصيدة