الديوان » اليمن » عبدالله البردوني » بين القلب والقلب

عدد الابيات : 121

طباعة

ما لونُ صوتِ الصلبِ حين يخفقُ؟

وهل يشمُّ الوردُ ماذا يَعْبِقُ؟

حروف نجوى القلب ماست قبلهُ

قبل الذين إن حكوا تَحَذْلَقوا

لِلْيا قوامُ الشوقِ، للميمِ هوىً

أصبى، لوجه النْون وجهٌ أنْزقُ

السِّين بنيٌّ ولِلْبا حمرٌة

الرّا كما يدعو الفَرَاشَ الزنبقُ

واليوم للقلب لُغىً فوق التي

وأعينٌ مثل (القطا) تُشَقْشقُ

مدائنٌ مِن الحنين يمتري

أقاطنوها الجنُّ أم تسوَّقوا؟

كأنما الموتى إليه أطفلوا

وغُيَّبُ الأصلاب فيه أشرقوا

طقوسُ هذا القلب أطفالاٌ بلا

أهلٍ، وأهلوهُ كرامٌ أمْلقوا

مواعدٌ تكاد تفجأ المنى

وتنثني هذا بذاك يُمْذَقُ

حيناً يحول واحةً، وتارةً

جَوْعى على شريحةٍ تحلَّقوا

آناً فتىً يلهو، عجوزاً ينكفي

يلمُّ أطياف الصِبا وينشَقُ

ينوي كما يَفْتَرُ طفلٌ حالمٌ

الصحو في عينيه فَرْحٌ موثَقُ

أو مثل رؤيا نائمين خُيِّلتْ

لهم حريقاً حوله تَشَقّقوا

دقّاتُ قانيهِ، رؤى مخضرِّه

أشواقُ خلاّقين لمّا يُخلقوا

ديمومةُ الشوق الذي يذيبهُ

في عين عينيه هو التّألُّقُ

يكنُّ هذا القلبُ عالَماً كما

ينوح سربٌ ريشهُ مُموْسَقُ

يشاهق الريح فتنسى حولهُ

هبوبها، وكيف كانت تَشْهقُ

في ذلك المأوى يغنّى وحدهُ

ووحدَهُ منه عليه يقلقُ

كعانسٍ في يوم عرس أختها

كعاشقٍ لم يدرِ مَن ذا يعشقُ

وبينهُ وبينهُ تجادلٌ

فنصفهُ فِقهٌ، ونصفٌ منطقُ

وبين نصفيه قلوبٌ تمتطي

إيماضها، بالمستحيل تَعْلَقُ

إن قال نصفٌ ما ارتآه (مالكٌ)

أجاب نصفٌ، جوَّدَ (الفرزدقُ

إذا اقتفى (جبران) هذا، مالَ ذا

إلى الذين قبله تزندقوا

إذا أخٌ صاح: الفساد مطلقٌ

لبّى أخٌ: وأيُّ شيءٍ مُطْلقُ

إذا ارتضي (مارِكْسَ) هذا، قال ذا

أجاد (إخوان الصَّفا) وأغْدقوا

لمّا اجتلَوْا أنَّ الولاةَ أفسدوا

ما كان، أبدوا غيره وطبَّقوا

ألَّفت في أخلاقهم أطروحة

فيها تساوى الخُلق والتَّخَلُّق

وقلتَ مِن (زينون) كانوا نسخةً

أخرى، أعادوا نسخها ونمَّقوا

فدكتروكَ إذ رأيتَ ما رأوْا

ولو بعينيك رنوْت، عَوّقوا

إذا بكى هذا (الحسين) قال ذا:

أعشى مِن (الأعشى) هو (المحلِّقُ)

يا صاحبي حتى التواريخ الألى

سقُّوا غليل (كربلا) وما سُقوا

يستغرب الإغرابُ كيف أوغلوا

في البُعْدِ حتى أقْمروا وأبْرَقوا

إن قال ذا: ما أحسنَتْ (ولاّدة

ٌ أشاد هذا بالألى تَعَشَّقوا

أتزدري بنتُ الذين مَدْشقوا

غرناطةً مِن بعد ما تَمَدْشقوا؟

يقال: كانت كاثنتين إن مشت:

بل إنها من (نفرتيتي) أرشق

يرى: أخافت (آل جهور) بلا

سيف.. ومن أسيافهم لا تفرق

أسيافها أمضى، ولكنَّ الأسى

أيام بَيْعِ الحِذْق منها أحْذقُ

إذا ادَّعى ثوريةً هذا، دعا

ذاك (المماليكَ) ارقصوا وصفّقوا

مَن امتطى منكم قَذالَ ثورةٍ

وأيُّكم بالثورتين استْرزَقوا؟

أما كتبتَ عن ولاةِ أمركمْ؟

أحصيتَ كم تزوّجوا وطلّقوا

إذا شدا هذا: أبي ضحّى هنا

ناداه ذا: نبكي الألِى لم يُشْنقوا

تمثالُ كلِّ ثائرٍ أهاجني

يسرُّهم أن تَهْرِقوا ما أهْرَقوا

لا تهدروا وحلَ البنوك باسمهمْ

لأنهم مِن القلوب أنْفقوا

وشاهَدوا ما بعدْ يومِ غيرهمْ

فَقَرْمَطوهم تارةٍ وهَرْطقوا

الناسُ أمثال الدجاج إن رأت

أختاً تبيض بَقْبَقَتْ وبَقْبَقوا

أما يزالون على العهد إذا

تطوَّر الأجدى تقوّى الموبِقُ

أنحن جئنا قبلَ، بعدَ وقتنا

مَن بكّروا مثل الذين أعْسقوا

كان (الدُّمٌسْتُق في (الإمام) وحدُه

واليوم قالوا: جَمْهَرَ الدُّمُسْتُفُ

اليوم غير الأمس تلك سُنَّة

قالوا: وكالقُوّال عنهم أخْفقوا

ألله فردٌ والنبيُّ واحدٌ

والحاكم (المهدي) أو (الموفَّقُ

(لا غمد للسيفين) خذْ دبّابةً

ها أنت يا هذا بها مُطَوّقُ

إن ذاك غنّى (السُّليكِ) صاح ذا

أفتى مِن (القَيْني) (عليُّ الزَّيْبَقُ)

مَن صَعْلك (الشطّارَ)؟ قيل: كلُّهمْ

بلون كثبان الفلا تأنَّقوا

سل (عروة بن الورد) من أحفاده من

أدلجوا وكالنجوم حلقوا؟

واستأنسوا بالوحش وهْوَ كاسرٌ

واستصحبوا العفريتَ وهو مُحْنَقُ

إن هشَّ هذا للغصون، قال ذا

خيرُ امتحان العُود حين يُحرق

أحسُّنا نخضرُّ باخضرارها

وعندما تصفرُّ هل سنورقُ؟

يا صاحبي كالشمس ضوء حُجّتي

ما الشمس؟ لَوْحٌ في الهوا مُغَلَّقُ

إن ذاك قال البِكر أشهى،ردّ إذا

للأربعينيات نُضْجٌ أفْسَقُ

لكلِّ عِشْرينيّةٍ أحلى صبىً

لكل خمسينيَّةٍ صباً مُعتٍُّ

هل أنت أدرى مِن شيوخ بابلٍ؟

هضمت ما شّموا وما تذوَّقوا

كم أشبقْتكَ – يا فقيهُ – أعينٌ

يُشبقْنَ مَن أشغاله التشَبُّقُ؟

يا منطقي ما كل (زنّارية)ٍ

نطاقها بحسنها مُنَطَّقُ

قلّ للتي شقَّتْكَ عنها استرجعي

الأرضُ مما كنتِ فيه أضْيقُ

كنتَ بلا ثانٍ، فجئتَ زائداً

على الذين ثقَّبوا وعمّقوا

مِن حفرةٍ تُرمي تسدُّ حفرةً

وأنتَ بين الحفرتين خَنْدَقُ

يا خَفْقُ، هذا القلب وَهْوَ واحدٌ

خصمان: ذا موجٌ، وهذا زورقُ

لو قال ذاك: البحر سِرَّةُ الثرى

لقال ذا: بل جرحَهُ المرَقرَقُ

لو قال ذاك: انظر هنا (مُكَيْرسٌ)

لقال هذا: بل هناك (المفْرَق)ُ

أليس غَرْبُ القلب مثلُ شرقهِ

في القلب غير قلبه يا أحمقُ

ماذا ترى؟ أحسُّ كل نبتةٍ

كانت يداً تومي ووجهاً يعْرَقُ

هل هذه الأطلال كانت نسوةً؟

لا، بل رجالاً كالجمال اسْتنوَقوا

أمَا (الكُموناتُ) افتتاحُ عصرنا؟

بل استهلَّ العالمَ (الخوَرْنَق)

هل نصفُ هذا القلب عكسُ أصفةِ؟

ذا بالورى أحفى، وهذا أرْفَقُ

كلُّ بقاع الأرض في حنينه

هذي عناقيدٌ، وتلك فُسْتقُ

بيوت أحبابٍ يفتِّق الندى

أهدابَها، فيفرح التفتُّقُ

لأنَّ هذا القلب رغم حجمهِ

بسيطةٌ للكل، عنها يأرَقُ

مستخبرٌ عما مضى، وهل مضى

عما سيتلوهُ، وهل سيلحق

عن الذين غرّروا، هل غرّروا

عن الذين حقّقوا، هل حقّقوا

عن الذين يلبسون غيرهمْ

فإن وهى بغيره تلفّقوا

عن الربيع الطّلق، أهْوَ واحدٌ؟

أم أنّهُ في كل روضٍ فَيْلقُ؟

عن النِّمال هل لجدِّ جدِّها

– قُبيْلَ عادٍ – مركبٌ وبيرَقُ

عن الورى، مَن ذا وراء حشدهمْ؟

إذا التقوْا ومَن إذا تفرَّقوا؟

عن مُشْعلي حرب العدى إذا انتشوْا

فإن رأوْا في الصحو حاءً أطْرقوا

وإن دعا يوم الحمى تحجَّروا

وإن أشار دِرْهَمٌ تدفَّقوا

أعن (أزالٍ) ما وقفتَ سائلاً؟

ناديتَ أحياءً عسى أن يُرزْقُوا

كيف انثنى الحُجاج؟ قالت لي صَهٍِ

ما كل ساعٍ (شاهرٌ) أو (شَوْلَقُ)

وأمْعن القلبُ يقلِّب الألى

رقَوْا مِن الأبواب أو تسلَّقوا

يروي البطولاتِ التي أنفاسُها

كما يفوح الجوربُ الممزَّقُ

يُنهي السؤالَ بالسؤال، داخلاً

غياهباً، سرادباً، لا تُطْرَقُ

مُكاشفاً مِن تحت كلِّ زِينةٍ

مقابراً، يزفُّها التَّزوُّقُ

ملابساً أوصى بها الذي مضى

لمن أتى وللذين نسّقوا

كأنه مُوكّلٌ بما ثوى

خلف الحُلى وزوّرَ التملُّقُ

يشمُ ما سوف يلي هذا، كما

يُقرمز المعنى الخيالُ الأبلقُ

مستنبئاً عن الذين أخفقوا

هل أخفقوا لأنهم تفوّقوا؟

عن الذين أُبعدوا لأنهم

كما حكى الراوي – أبَوْا أن يسرقوا

عن سيد الأمر الذي رأى بهم

غرابةً تغزي، وأخرى تَصْعّقُ

عن السما كيف ارتقى ازرقاقُها

وما تَرَقّى البحرُ وَهْوَ أزرقُ

عن الذرى، هل تستحيل أنجماً؟

هل يستقيم المنحنى ويَسمُقُ؟

عن الذين وحدهم توحّدوا

قبل الطريق باسمه تطرّقوا

عن الذين أكْوَتوا مِن ههنا

عن الذين مِن هناك أعرقوا

من يعربٍ، هل اسمهُ من نُطقهِ؟

وهل روى الإغريقُ ماذا أغْرقوا؟

عن التواريخ التي كانت لها

نقاوةٌ، وللحروف رَوْنقُ

تساؤلٌ يرمي بنفسه إلى

تساؤلٍ مِن مقلتيه يأْبَقُ

يُراحل اليومَ إلى أن ينحني

يُساجل الليلَ السُّرى ويسْبَقُ

لأنَّ بدْءَ المبتدا ماذا يلي

فآخر المسعى السؤال الأعْتقُ

هل اشتفى هذا وذا أو انطفا

بَرْقُ المنادى، أم خبا التشوُّقُ؟

لأنَّ (كَم) أرخى الحزام عن (متى)

مِن أين يَسْتحكي، ولا مَن ينطُقُ؟

قُلْ أين عرّافوك يا (الأشمور) قل

من ذا درى، هل غرَّبوا أو شرّفوا

وأين (هل) كان أخي قيل لهُ

هناك بستانٌ يليه فندقُ

يا(هل) على (مِن أين) يعبر الذي

أجْفَلْتَ عنه، أو ذووك أشفقوا

ومرَّ (مِن أين) يحسُّ أنهُ

إجابةٌ، مِن السؤال ألْبَقُ

يرى الزحامَ في الزحام ينطوي

سقفُ الغبار بالغبار يُخْنَقُ

يصيح: (يا ( ماذا ) أُريد نَبْأَةً

تشي بأمرٍ، تفتري، أو تصْدقُ

يَسْاَنْشِدُ العصفورَ، يعيا ينثني

يلقى غراباً شايخاً لا ينْعَقُ

صَمتُ الضجيج ههنا، وههنا

يا ريح قولي: يا حزانى حدِّقوا

يصغي، ينادي، لا يظن أنهُ

نادى، ولاأصغى السميعُ المُرْهَقُ

لأنَّ بين الصوت والمصغي دماً

بين القوى، وبينه تشدُّقُ

الساعة اصفرَّت على مُغْبَرَّها

لأنَّ وجه الوقت بابُ مُغْلقُ

يا قلبُ مَنْ يُفتي خفوقك الذي

غموضهُ أدرى ب ماذا تخفُقُ

1990م

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله البردوني

avatar

عبدالله البردوني حساب موثق

اليمن

poet-abdullah-al-bardouni@

311

قصيدة

2

الاقتباسات

889

متابعين

عبد الله صالح حسن الشحف البردوني (1929 - 30 أغسطس 1999) شاعر وناقد أدبي ومؤرخ ومدرس يمني تناولت مؤلفاته تاريخ الشعر القديم والحديث في اليمن ومواضيع سياسية متعلقة بذلك البلد ...

المزيد عن عبدالله البردوني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة