الديوان » اليمن » عبدالله البردوني » تميمية تبحث عن بني تميم

عدد الابيات : 92

طباعة

يا مُندّى، لي واحةٌ في (حولِّي)

قل لها: ما الذي، وكيف؛ وقل لي

لا تُنفِّضْ من ريح صنعا جناحاً

فَهْيَ أحفى بكل طيب محلْي

وإذا اسَنسَبتْك، قل خير قاتي

يافعيٌ، وأفضل البُنِّ فضلي

وإذا استغْمضتْكَ، قلْ هاكِ قلبي

فهو جنسيّتي، وكُتْبي ورُسلي

قلْ لمن أْنجبتكَ عني غلاماً

في اكتهالي، خذي غلامي وكهلي

لستَ ضيفاً ريِّضْ جناحيك منها

في ربيع يصبو، وصيفٍ يدَلِّي

واتَّحدْ بالشذى، ورفرفْ كقلبي

وتَلِّقطْ عنها التفاصيل مثلي

وإذا باهدتْكَ: لم جئتَ عني

سائلاً، قل لها: لأنَّكِ سُؤْلي

ولأني ضحيةٌ فالضحايا

– أين كانت – شغلُ ارتحالي وحِلِّي

كلُّ قلبٍ في أي أرضٍ جوازي

وبأدراج كل قسمٍ سِجلِّي

أو تستكثرين هذا ارتياباً

في احتمالي، أرجو؛ أن تستقليْ

هل تشِّمينَ سَحْرةَ ودَّعتني

ونداها يَرشُّ ريشي ويُطْلي؟

قلت إذ ذاك وشوشي يا خوافي

باسمها يا قوادمي لا تكلْي

ما أحنَّ الذي رمى بكَ حزني

يوم فصلُ العُرى حَدَا فجر وصْلي

مَنْ تُسلِّيه؟ ميلهُ زئبقيٌ

(شاهليٌ) يوماً، ويومين (جِبْلي)

عن (هدى)، عن (منى) بأن هواهُ

سنويٌ، وعن (سُميّةَ) فصْلي

كان نقلي موّالهُ فوق جُهدي

وأراني هنا بدأتُ أُمَوْلي

فإذا قالت اقترب، فهي قالت:

الزوايا تخط ما سوف أُمْلي

فارتعشْ يا هَزاز بين يديها

كنبي ناداه سرُّ التجلِّي

وتَلقّ المفاجآت صموتاً

لامحاً ما تكنُّ مما ستُدلي

مستزيداً مِنْ بوحها مستعيداً

مبدياً ما يثير فيما يُسلِّي

قلْ لها: هل رأيت في أي يومٍ

مثل هذا الذي طمى اليوم يَغلي

يدفن السمعَ في الجنازير يُجْثي

كلَّ سقفٍ في أخمصيه ويُُعلي

يحرق النوم في العيون، ويطهو

في الشظايا، مسرى النجوم ويقْلي

هل سمعت الصباحَ مثلي ينادي:

يا(حَوَلِّي) أراكَ أصبحت قبلي

قال: بكَّرت أنتَ طبت مساءً

فرأى ما رأى وقال: لعلّي

أيُّ ريحٍ مَنْ خِدْرِ أُمِّي رمتني

وَنَفَتْني من انبلاجي وطلّي؟

وهنا سوف تستهلُّ وتشكو:

ضاع في آخر الصّدى مُسْتَهلِّي

بعد نصف الدجى أتوا، ولخوفي

غاب خوفي وكنت أرهبُ ظِلِّي

جاء مني – يا ذا الجناحين – غيري

أو أنا جئتُ منهُ، في بعض شَكْلي

حُلْتُ دبّابةً كإحدى اللواتي

جْئن ليلاً يَقلَعْنَ داري وأهلي

قلتُ: لابدَّ أن أراهم، تبدّوا

كابن عمي، كزوج أختي، كبعلي

الأسامي طبقُ الأسامي: عليُّ

ناصرٌ، خزعلٌ، سليمانُ عدلي

كلهم ينطقون (ماكو) كنُطقي

هل غُزاتي أنا، دمي ذوبُ نَصلي؟

قيلَ قِدماً: جارُ العزيز عزيزٌ

أيُّ أمر أغرى العزيزَ بذُلِّي؟

في يديه مُدرعاتٌ: لماذا

لا يواري هذي البيوتَ ويُخلي؟

ربما يبتني حواريك أرقى

قل: يوشي بقمله حُسن قملي

عنده تُخمةٌ وجوعٌ وعندي

نَسلُهُ هذه المآسي ونسْلي

قلت: يا جيشَهُ إذا كان وضعي

فاسداً، فَلأثُرْ أنا، لا تَثُرْ لي

أيُّ شعبٍ ينوب عنهُ سواهُ

فهو طيفٌ من الزمان المُولِّي

إنْ تُرد موردي فسلْ هل سيرضى

دجلهٌ غَمْسَ إصبعيهِ بضحْلي

أنْ تكن فارساً ف(حيفا) تنادى

لا يُسمَّى شجاعةً طحنُ سهْلي

ألأني جًمام كفَّين ترمي

بخضمِّ الحديد حفنةَ رملي

لا ألاقيك بالقتال فهذا

فوق حجمي، دون حجمكَ قتلي

(إنما لن أقول للبيت ربٌ

أنا بيتي وربُّ بيتي وإبْلي

تملك الآن عجن أمري، ولكن

سوف يُعييكَ آخرَ الأمر أكْلي

هل تراني أفحمتُهُ؟ كنت أذكى

وَهوَ أعتى، يعتو فلن تضمحلِِّي

لم تُذبِّل منك الصواريخ غصناً

لا أمالت هذا القوامَ الهِرقْلي

كيف تذوي ريحانةٌ من تميمٍ

ذوَّبتْ كلما يُذيبُ ويُصلي

فانحنَتْ تشمَّ ريشي وقالت

: أَهْوَ أزجاكَ لي فقلت استدلِّي

تحت ريشي قصيدةٌ لم يقلها

وشذاها يُنيكِ عن أن تُفَلِّي

ولهذا عرفتُ روضكِ وحدي

مثلُ عرفانِ رنجبيلي ونخلي

كمْ أشاعت هذي وذاك: تخلَّى

أو تخلَّت، حتى تلاشى التّخلِّي

إنه الآن مثل نسغ غصوني

من قراري يرقى، ويدمى كفِّلِّي

يا مُنَدّى الجناح أسقيك ماذا

جفَّ مائي في نار خالي وخِلّي

قل لمن جئتَ عنه، أو فيك وافي

صار كلُّ الكويت زوجي وطفلي

ذات ذاتيّتي، أُحِسُّك تتلو

وجهه في غموض لحظي وكُحلي

كان يُدعى (الشُّويخُ) (ودّان) قبلاً

قيل كان المطار بالأمس (ذُهْلي)

ههنا أوثقوا سُحَيْماً وقالوا:

أيُّ ذُهليّةٍ بها أنتَ مَبْلي؟

قال: عني اذهبوا، ويخطرْنَ دوني

وانظروا أيّهنَّ تحتزُّ حبلي

سوف تدرون يا أُتاتَ النواجي

هل أنا شغلهنَّ أو هُنَّ شُغلي

أين دار (الفرزدق) الآن؟ أمستْ

نصفَ ديوانِ مستشارٍ مَظلِّيم

ستشارون عسكريُّون أغبى

يوم غزو البلاد من ظِلْفِ بغلِ

أين كانت قواذفي ودفاعي

فجر يوم الخميس؟ كانت تُصلِّي

لا تغالطْ قلْ: كان سُرّاقُ وجهي

في مخابي الهوى يبيعون أصلي

أين كان الذين يشرون عنهم

أحدث الرادعاتِ، قلْ ضاع بذلي؟

كنتُ أقوى إذْ كان سيفي بكفِّي

وعلى ظهر (شَذْقَمٍ) كان رحلي

كانت الشمس ساعتي وردائي

وقميصي شميم ريحي وبقْلي

ألبس النفطُ قامتي غيرَ جلدي

فامتطى الرأْسُمالُ رأسي ورجِلي

أشتري (لَرْنَكا) و(دلهي) و(روما)

أين مُلك الرشيد مَنْ رُبعْ دخلي

ويريني النِّفاقُ نُبلي فأنسى

أنني أشتري مَنْ السوق نُبلي

كنتِ تعطين باليدين جُزافاً

ولأمرين رحتُ أُعطي بنعلي

كيف هذا؟ أدوس كلَّ وجاءٍ

وأمَنِّي ولايفي غيرُ مَطْلي

لم أضعْ في مكانه أيَّ قرشٍ

كان جُودي تآمرياً كبخْلي

قال خوفي: أريح ما لي، إذا بي

لِسِمانِ القوى أُسَمِّن عجلي

قل لمن يزعم النقودَ سلاحاً

ولساناً باتت جَباني ونذلي

فاستباح القريب رَبْعي ولبَّى

كلُّ ناءٍ مَنْ أجلهِ، لا لأجْلِي

أيَّ الاثنين – يا أبا الرِّيش – أخشى

الغريب المجيبَ، أم خالَ نجلي؟

هزكَ الخوفُ، إنه آدميٌ

وضمير المُخيف وحشٌ عُتُلِّي

قعِّدي موقفاً مَنْ الشعب يرقى

وعلى ذا وذاك منه أَطِلِّي

انتظرني إني أودِّع قَشّاً

كان شملي وأنتقى اليوم شملي

أخلع القاتل الذي يرتديني

والقتيلَ الذي ينوءُ بحملي

فليكنْ قاومي، ومُوتي وقومي

واطعَمي كلما يجدُّ ويُبلي

جرّبي أخطر الحوادث عنفاً

كي تقولي: أجَدْنَ حَدْي وصَقْلي

وادخلي اليوم مَنْ غدِ واستبيني

آخرَ الأمسِ من زمان (الفَطَحْلي)

يا صديقي الهَزارُ سل ذاك عني

كيف أضحى جنونُهُ عقلَ عقلي

قل له: قالت المحبةُ أكسى

بالتعري أعرى بكثر التِّحلِّي

خذْ إليه هذي الغصون – وقالت –

هُنَّ بعضي أودعْتُ فيهنَّ كُلِّي

وهنا أُبْتُ مثلَ سِرْب الصبايا

في ضحى العيد مُنشداً يا (هزَلِّي)

حسناً كان ذا، فما بعد هذا

كيف أولي الحنين ما ليس تُولي

عن (حَوَلِّي) عرفت ما كدتُ أدري

مَنْ يريني ما زاد علمي بجهلي؟

أغسطس 1990م

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله البردوني

avatar

عبدالله البردوني حساب موثق

اليمن

poet-abdullah-al-bardouni@

311

قصيدة

2

الاقتباسات

889

متابعين

عبد الله صالح حسن الشحف البردوني (1929 - 30 أغسطس 1999) شاعر وناقد أدبي ومؤرخ ومدرس يمني تناولت مؤلفاته تاريخ الشعر القديم والحديث في اليمن ومواضيع سياسية متعلقة بذلك البلد ...

المزيد عن عبدالله البردوني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة