تجنى حين لمْ يرْحمه عابا

هُيام البوحِ في جوف عذابا

سجين في شجون الشَّوقِ جاثٍ

بفرطِ الشّوقِ يقتصُّ الخطابا

ضريرٌ لم يجد في الدرْب حتّى

عصًا تحميه عثرًا واكتِئابا

فؤادٌ لم يزل بالحثر يحْيي

يقينًا في الحشى زاد ارتِيابَا

فنأي كبَّل الآمال غصْبًا

ورأيٌ شقَّ في الأشواق غابَا

لأرثِ في حَضيض التُّرب روحًا

سما إعجازُها لله آبًـــــا

لتدعُ في ظلامِ القهرِ ربًّا

بجوف الليل زلفَى فاسْتجابَا

تخلّى سرُّها عن قيدِ جسمٍ

وأسرى نسِرها يثْني الصِّعابا

فطوبا من لحا بالخير قبحًا

ليُجلي عن بها حسنٍ نقابَا

قلا بالشّكل في مرآه يُغري

ولا يعنِيه من بالجاهِ حابا

كجيش محكم الأطواد يغدوا

بنصِرِ في بقاع الرِّجس جابا

حسيبي من شذا الأقدار عطِرٌ

يصفّي من قذا نفسٍ خِضابا

فيبقي فوق سهْل القلْب وعدا

على الإيفاء صلبًا ومُهابا

فيرقى قدره المُختال قوْمًا

مقامًا عرشهٌ طَالَ السّحابا

فيذوي كيْ يُسَجَّى في صدُورٍ

خشوعًا جبَّ كبرًا واضطِرابا

هيامٌ قل لنفثِ اللّوعِ أشفق

حشوت الرَّوع جمرًا والتِهابَا

فذاك اللّثمُ في مشكاة قلبٍ

أحال الإثم أجرًا وثوابًا

يجرُّ البجرَ كي يهديه جبرًا

هيامًا فاضَ وعيًا واغترابا

فأيُّ يا صبيب العقْلِ أذكى

ضياءُ أو ظلامُ قد تصابا

يجاري فِي شتاةِ الروح نفْسًا

ويجزي في لظا بوح عتابا

لأولى جيرةً في الصَّدر حكمٌ

لمن يثني الحواجزَ واليبابا

يشكّل من لجام النَّفسِ حصنًا

يقي زيغًا ضياعًا واستلابا

فيا من بك الآمال تبقى

تُباري في غشا خزي سرابا

الرفع يا سجال الدهر فجِرًا

وجدِّد من أقاويلٍ حِسابا

ليحيي بين هجر الهدي وجدًا

دعاء في هجير الصّبر غابا

فمن يا بك الوِجدانُ جاثٍ

فلا عقلٌ على شدقيه خابا

ولا أمسٌ يداري حجبَ نورٍ

ولا همسٌ يماري من أصابا

ولا ركب من الأسباب دهرٍ

يجاري ما طوى هدرا كتابَا

ولا نيل الرَّفاه على متاعٍ

بلهثٍ كي يُنال أو رُضابًا

إذ ما الوَصلُ بين المرٍّ ألقا

دواعي جمرةٍ تُذكي انتحابا

فلا مرماه بينَ العيشِ يرمُ

من الأشراف رزقًا وانتسابا

ولا قد صاغَ مما جاد سجعًا

يوازي في متون الشّعر بابا

ومهما قد تفانى العمْر تضنِي

يه الأحزان او جرت رحابا

يقين القلْب في كربٍ براحٌ

إذا ما زاغَ دربًا فيه تابا

فؤادي شعلة غراء مهما

غرامٌ من فتيل الشمع ذابا