عدد الابيات : 37
حلاوَتُها تَطُولُ ولَنْ تُطالا
وأحلى أنْ تَكُونَ هيَ المُحالا
بها حُبٌّ لنا لو كانَ فينا
فَتَدْعُونا لها ما قِيلَ لا لا
وتَعْصِي حُبَّها عِصْيانَ قومٍ
يرَوْنَ حرامَ فُرْقَتِنا حلالا
نظرْتُ لوجهِها حتى كأنّي=
رى يَمّاً يفيضُ دَماً زُلالا
وحينَ تسارَعَتْ دقّاتُ قلبي
عَرَفْتُ بأنني سأموتُ حالا
فكنْ حذِراً بأنكَ بعدَ هذا
تطيرُ بعاصِفِ الدّنيا رِمالا
مُدَلَّلَةٌ وتَبْعُدُ دونَ هَجْرٍ
لتَهْجُرَ قاصداً منها الوصالا
غناكِ على هواكِ على جَمالٍ
قصَدْتُكِ لاغِناكِ بلِ الجَمَالا
إذا ما أسفرَ الأحبابُ يوماً
كفانا أنْ نرى منكِ الخيالا
غدا دربُ البريدِ لنا مداراً
أُنازلُ فيهِ أقماراً نِزالا
أسَرْتُ الشّمسَ في ليلٍ طويلٍ
وصُبْحٍ قد أسَرْتُ بهِ الهِلالا
حَرَصْنا أنْ نكونَ لها جواباً
وتَحْرِصُ أنْ تظلَّ لنا سؤالا
وقفنا والصَّدى قاسٍ علينا
وما أعطتْ لنا الحرّاسُ بالا
ولو أنّا تجاوَزْنا هواها
شَكَكْنا أننا كنّا رِجالا
فمٌ تتناسقُ الأسنانُ فيهِ
كحَبّاتِ الزُجاجِ إذا تَلالا
وأنفاسٌ تُعطِّرُ ألفَ حيٍّ
سهولا أو هضاباً أو تِلالا
وقد تجدُ الجبالُ لها سبيلاً
إذا ما كاشَفَ النّهدُ الجبالا
متى مالَ النسيمُ بعودِ وردٍ
لها عُودٌ من النسرينِ مالا
يزيدُ خِمارُها الوَجَناتِ نوراً
لها ما لم تنَلْ بالحُسنِ نالا
وأنتَ ترى النِساءَ مُخدّراتٍ
أشدَّ سَناً وسِحْراً وانفِعالا
كأنَّ اللهَ ألزَمَهُنَّ هذا
لكي يعْرِفْنَ يصْطَدْنَ الرِّجالا
لها من حُسنِها لكَ تُرْجُمانٌ
إذا سكَتَتْ كعادَتِهِنَّ قالا
وإنْ نطَقَتْ فشُغْلُكَ بالثّنايا
أضاعَ عليكَ سمْعَكَ والمَقالا
وأنتَ تَرُومُ دربَيْها تُلاقي
عُبابَ البحرِ بالضّفَتَيْنِ غالى
إذا داعَبْتَ في الميناءِ جُزءاً
رأيتَ الماءَ مِن حَدَّيْهِ سالا
لهُ بابانِ بابٌ تحتَ بابٍ
إذا بالغتَ بالمُفْتاحِ زالا
و زورَقُكَ القصيرُ إذا تمَشّى
على بُعْدٍ من الضَّفَتَيْنِ طالا
فلا هذا يُوالي غيرَ هذا
ولا هذا سوى هذينِ والى
وللسُّفُنِ التي أوْدَتْ ببعضٍ
مُداعَبةً وضرباً واحتِلالا
تظنُّ بأنّ معركةً أماتَتْ
هُما لكنّها خَلَقَتْ عِيالا
ولو أنّ الغيومَ لها قلوبٌ
أناختْ فوقَ مَنْ أهوى ظِلالا
كأنّ بشَعْرِها والريحُ تجري
خُيولاً شارِداتٍ أو جِمالا
أُحِبُّ عيونَ يَمٍّ وهْيَ تبكي
فقد زادَ الأسى فيها جَمالا
وإنْ ضحِكَتْ فقدْ رمَتِ المآقي
نِصالاً تزدري تَرَفاً نِصالا
وقد تتهيّبُ الفرسانُ حرباً
يكونُ سِلاحُ مَنْ لاقَوْا دَلالا
أُراهِنُ لو يراكِ الصَّخْرُ ينسى
صلادتَهُ ويُنْشِدُكِ ارتِجالا
وما أكبَرْتُ سِحْرَكِ غيرَ أني
لقد أكْبَرْتُ قُدْرَتَهُ تعالى
55
قصيدة