1
 
تحت‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬من‭ ‬خُطاي
دفنتُ‭ ‬حياةً‭ ‬تستحقُّ‭ ‬أن‭ ‬تُعاش
تنتظرُ‭ ‬لحظةَ‭ ‬تَنفخُ‭ ‬فيها‭ ‬الأغنيةُ‭ ‬روحَها
وتُشعِلُ‭ ‬الغربةُ‭ ‬نيرانَها
ويُحرِّكُ‭ ‬نسيمُها‭ ‬شعري
أضيعُ‭ ‬في‭ ‬عناوينها‭ ‬وملذّاتها‭ ‬وأوهامَها
وأتعلمُ‭ ‬في‭ ‬عتمتها‭ ‬صياغة‭ ‬النشيج
وخرجتُ‭ ‬بحياةٍ‭ ‬كهذه
لو‭ ‬وضعتُها‭ ‬تحتَ‭ ‬مجهرٍ
على‭ ‬الأرجح
لن‭ ‬أكون‭ ‬التائهَ‭ ‬في‭ ‬ممرّاتها‭.‬
 
 
2
 
هكذا‭ ‬كعادتها
بنداءٍ‭ ‬لا‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬يُخطئَني
تصرخُ‭ ‬صور‭ ‬العائلة
من‭ ‬منافيها‭ ‬على‭ ‬الحيطان
كأنها‭ ‬تُريني‭ ‬الطريق
كأنها‭ ‬تقولُ‭ ‬لي‭: ‬
تعـال‭.‬
 
3
 
أعتبُ‭ ‬على‭ ‬الصمتِ‭ ‬الحاضرِ
في‭ ‬الشوارع‭ ‬الممتدّة‭ ‬آخر‭ ‬الليل
في‭ ‬الحيرة‭ ‬المُعلّقة‭ ‬على‭ ‬مقبضِ‭ ‬الباب
واستدارةِ‭ ‬الأصدقاء‭ ‬وغيابهم
أعتبُ‭ ‬عليه‭ ‬حين‭ ‬يطوِّق‭ ‬اللحظة
ويستنزف‭ ‬المكان
وحين‭ ‬تجيء‭ ‬صرختي‭ ‬المُنتَظَرة‭ ‬أخيراً
يُلقي‭ ‬بظلالهِ‭ ‬عليها
ويدعها‭ ‬تدوي‭ ‬فيَّ
وحدي‭.‬
 
4
 
هذه‭ ‬الأمسيات‭ ‬الباردة‭ ‬تُبلّغني‭ ‬لحظةَ‭ ‬الصفاء‭ ‬المنشودة‭ ‬
كلّما‭ ‬وضعتُ‭ ‬الجدارَ‭ ‬خلفي
نَمَتْ‭ ‬من‭ ‬العدمِ‭ ‬حياتانِ
ترتطمانِ‭ ‬أمامي
متى‭ ‬ما‭ ‬سهوتُ‭ ‬وأغمضتُ‭ ‬عيني‭ ‬على‭ ‬شعورٍ‭ ‬منذُ‭ ‬الأزل‭‬
وهو‭ ‬يُسيّر‭ ‬حياتي
هذا‭ ‬الندم‭ ‬النافذُ‭ ‬إلى‭ ‬أتفهِ‭ ‬الأشياء‭ ‬وأصغرِها
النّدم‭ ‬يعرفُ‭ ‬أني‭ ‬أصدّقه
لأني‭ ‬مُتأخرٌ‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬اختيارِ‭ ‬الطريق
وليس‭ ‬لي‭ ‬حيلة
أنعطفُ‭ ‬يميناً‭ ‬وأدعو
ألّا‭ ‬تنتهي‭ ‬الدربُ‭ ‬
مجدّداً‭.‬
 
5
 
 
الموسيقى‭ ‬وجهتي‭ ‬الوحيدة
ودوماً‭ ‬ما‭ ‬تبعُدُ
عندما‭ ‬يُنهكني‭ ‬التعبُ‭ ‬وأوشِك‭ ‬على‭ ‬الوصول
ليست‭ ‬الموسيقى
التي‭ ‬أحاول‭ ‬مواكبتها‭ ‬أو‭ ‬الانسياق‭ ‬وراءها
بل‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تبرقُ‭ ‬في‭ ‬العتمةِ
وتبعثُ‭ ‬في‭ ‬الأطرافِ‭ ‬دفئاً‭ ‬خفيّاً
وتوهمني
أن
ثمّةَ‭ ‬من‭ ‬ينتظر‭.‬
 
 
6
 
حارتي‭ ‬البسيطةُ
حيثُ‭ ‬كل‭ ‬انعكاسٍ‭ ‬على‭ ‬زجاجِ‭ ‬محلّاتها
يُدحرجُ‭ ‬ذكرى‭ ‬في‭ ‬الطفولةِ
وكلّ‭ ‬طيفٍ‭ ‬ينعطِفُ‭ ‬آخر‭ ‬الدربِ
رفيقٌ‭ ‬كنتُ‭ ‬سأودّعه
واختفى
وكلّ‭ ‬نغمةٍ‭ ‬سافرَت‭ ‬إليَّ‭ ‬عبر‭ ‬الهواءِ
نصيبي
من‭ ‬الشظايا‭.‬
 
 
7
 
أعودُ‭ ‬إلى‭ ‬البيتِ‭ ‬كأني‭ ‬أُكمِل‭ ‬ما‭ ‬بدأته
منذ‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً
حيثُ‭ ‬لا‭ ‬ملامحَ‭ ‬بانتظاري
سوى‭ ‬ما‭ ‬جفَّ‭ ‬على‭ ‬مراياه
ولا‭ ‬صوت‭ ‬يُهدهدني‭ ‬كما‭ ‬لحظةٍ‭ ‬صامتة
يقتطعها‭ ‬النسيمُ‭ ‬عبر‭ ‬النافذة
أعودُ‭ ‬لأُعطي‭ ‬البيت‭ ‬معناه
وأُخرِجَ‭ ‬منه‭ ‬الوحشة
ولأبدّدَ‭ ‬في‭ ‬هذياني
ضوضاءَ‭ ‬العالم‭.‬