الديوان » أحمد سالم » حياةٌ تنمو في الفراغ

1
 
 
عندما‭ ‬لا‭ ‬يعودُ‭ ‬بمقدورِ‭ ‬شيءٍ‭ ‬أن‭ ‬يستعيدني‭ ‬من‭ ‬الغياب
عندما‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬هناكَ‭ ‬كلمةٌ‭ ‬حانية‭ ‬تبشّرني
كهمسِ‭ ‬الأمّهاتِ
ولا‭ ‬يدانِ‭ ‬تبحثانِ‭ ‬عن‭ ‬عناقي
ولا‭ ‬نظرة‭ ‬تحملُ‭ ‬عنّي‭ ‬ما‭ ‬يُثقلني
أو‭ ‬ذكرى‭ ‬توقعني‭ ‬في‭ ‬شِراكها
أكون‭ ‬حينها
قد‭ ‬تورّطتُ‭ ‬بحياةٍ‭ ‬أخرى
لها‭ ‬أسبابها
وطريقتها‭ ‬الخاصة
في‭ ‬التبرير‭.‬
 
 
 
2
 
 
حياةٌ‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬التي‭ ‬عشتها
قد‭ ‬تبدأ
بكلمة‭ ‬لها‭ ‬وزنها
ولكنها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬شيئاً
قد‭ ‬تبدأ‭ ‬بتحطّمِ‭ ‬مرآةٍ‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬غُرفِ‭ ‬البيت
بذكرى‭ ‬تناضلُ‭ ‬في‭ ‬طريقِ‭ ‬الرجعةِ
لتظفرَ‭ ‬بهذه‭ ‬اللحظة‭ ‬وأنتَ‭ ‬مغمضُ‭ ‬العينين
بإدراكٍ‭ ‬مُتأخر
للأشياءِ‭ ‬الثانوية
قد‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬وقتٍ‭ ‬اخترتَ‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬تتنازلَ‭ ‬عن‭ ‬أحلامكَ
وتنثرها‭ ‬
وراءَ‭ ‬هذا‭ ‬الغبار‭.‬
 
 
 
3
 
 
مثل‭ ‬الآخرين
اعتدتُ‭ ‬سريعاً‭ ‬ونسيتُ‭ ‬عناويني‭ ‬القديمةَ
مثلُهم‭ ‬أهملتُ‭ ‬نفسي
وعشت‭ ‬وفقَ‭ ‬أهواءِ‭ ‬خيالاتي
كان‭ ‬سهلاً‭ ‬عليَّ‭ ‬ألّا‭ ‬أفكّر‭ ‬بحساسيةِ‭ ‬الأصدقاءِ
وحيرةٍ‭ ‬تؤرقهم
وألّا‭ ‬أغفو‭ ‬في‭ ‬شرودي‭ ‬على‭ ‬كتفِ‭ ‬غائبٍ
أو‭ ‬تنتهي‭ ‬خُطايَ‭ ‬دون‭ ‬دِراية‭ ‬إلى‭ ‬طريقٍ‭ ‬مألوفة
كان‭ ‬سهلاً‭ ‬على‭ ‬الأشياءِ‭ ‬
أن‭ ‬تبتلعني
أو‭ ‬تسحبني‭ ‬نحو‭ ‬مصيري‭.‬
 
 
 
 
4
 
 
حلمتُ‭ ‬بشرارةِ‭ ‬ضوءٍ
استيقظتُ
على‭ ‬حياةٍ‭ ‬انطفأتْ‭ ‬قبل‭ ‬لحظات
كأنّها‭ ‬نبوءة
كأنّها‭ ‬تلفظُ‭ ‬آخرَ‭ ‬أنفاسها
كأنّها‭ ‬تودّعني
أنا‭ ‬الذي‭ ‬مضيتُ‭ ‬وتركتها
خلفي‭.‬
 
 
 
 
 
 
5
 
 
قلتُ‭ ‬لعلَّي
انسحبتُ‭ ‬لسببٍ‭ ‬نبيل
لعلَّي‭ ‬وهبتُ‭ ‬حياتي‭ ‬فرصةَ‭ ‬أن‭ ‬تكونَ
فراغاً‭ ‬بين‭ ‬جسدينِ‭ ‬يتعانقان
أو‭ ‬ظلالاً‭ ‬لارتعاشاتِ‭ ‬اليدِ‭ ‬الخجولة
قلتُ‭ ‬لعلّها
أكثر‭ ‬هشاشةً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تنتهي
وأقلّ‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تُمحى
تركتها‭ ‬معلّقةً‭ ‬هكذا
وتلاشيت‭.‬
 
 
 
6
 
 
قبل‭ ‬أن‭ ‬أكونَ‭ ‬واحداً
من‭ ‬الذين‭ ‬تجرّحهم‭ ‬النظرةُ‭ ‬وتعتصرهمُ‭ ‬المساحاتُ‭ ‬الضيّقة
واحداً‭ ‬من‭ ‬الذينَ‭ ‬يستنزفونَ‭ ‬الشوارعَ‭ ‬الغريبة
ويعرِّفونَ‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬بكلمةٍ‭ ‬أو‭ ‬أقلّ
ويلازمهم‭ ‬إحساسٌ‭ ‬بأن‭ ‬ثمةَ‭ ‬ما‭ ‬يسقطُ‭ ‬عميقاً
في‭ ‬أعمدةِ‭ ‬الإنارةِ
في‭ ‬الضوءِ‭ ‬والظلالِ
والبيوت
وفي‭ ‬الفِخاخِ‭ ‬التي‭ ‬صنعوها‭ ‬لاصطيادِ‭ ‬من‭ ‬يُشبههم
قبل‭ ‬ذلكَ‭ ‬كله
كنتُ‭ ‬قد‭ ‬جئتُ‭ ‬من‭ ‬جذورِ‭ ‬كل‭ ‬صدعٍ
اعترضَ
حياتي‭.‬
 
 
7
 
 
للضحكاتِ‭ ‬الصفراءِ‭ ‬وهي‭ ‬تستفتحُ‭ ‬يومي
للهمومِ‭ ‬وهي‭ ‬تتجلّى‭ ‬نهايةَ‭ ‬النهار
وللنداءات‭ ‬الخفيّةِ‭ ‬تمتدُّ‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬وتلك
ولشهقةِ‭ ‬الخوف‭ ‬حين‭ ‬أقـول‭: ‬لا
وللأحلامِ‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تُمانع‭ ‬حينَ‭ ‬أستغفلها‭ ‬وأؤجلها
وللعتمةِ‭ ‬تحنو‭ ‬عليّ‭ ‬وتفتح‭ ‬يديها
ولي‭..‬
حين‭ ‬لا‭ ‬تشغلني‭ ‬فكرةٌ‭ ‬أبعد‭ ‬نظرتي‭ ‬الباردةِ‭ ‬وغير‭ ‬المُبالية
ولي‭ ‬حين‭ ‬تملّ‭ ‬الدروبُ‭ ‬ولا‭ ‬أملّ
أقول
آسف
لأنّ‭ ‬أخطائي
لا‭ ‬تُغتفر‭.‬

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد سالم

أحمد سالم

8

قصيدة

شاعر سعودي، صدر له مجموعات شعرية "أشياء تتهاوى في أبدها الرتيب" "براعة الالتهاء" "الغرق باستخدام امرأة". شارك في أمسيات شعرية وندوات ثقافية، ومشاريع تعنى في رفعة الشعر العربي وقصيدة النثر.

المزيد عن أحمد سالم

أضف شرح او معلومة