1
 
 
كالغبارِ
اقتربتُ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيءٍ‭ ‬ولم‭ ‬ألمس‭ ‬شيئاً
تنقّلتُ‭ ‬من‭ ‬منزِلة‭ ‬لأخرى
وحشرتُ‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬الممرّاتِ‭ ‬الضيّقةِ‭ ‬وخزائنِ‭ ‬الوحيدين
في‭ ‬ذكرياتٍ
يُهيّجُ‭ ‬غبارُها‭ ‬دموعي
وفي‭ ‬صورٍ‭ ‬تكتمُ‭ ‬النَفَس
وكالغبارِ
سُرعان‭ ‬ما‭ ‬أُمحى
ويختفي‭ ‬أثري‭.‬
 
 
 
 
 
 
2
 
 
لو‭ ‬أزلتُ‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الغبار‭ ‬
والشجن
سأرى‭ ‬ظلّاً‭ ‬يلمعُ‭ ‬على‭ ‬صفحةِ‭ ‬حياتي‭.‬
 
 
 
 
 
3
 
 
أعلّقُ‭ ‬آمالي‭ ‬على‭ ‬حبسِ‭ ‬الأنفاس
كل‭ ‬شهقةٍ‭ ‬بمثابةِ‭ ‬إبعاد
وكلّ‭ ‬تنهيدةٍ‭ ‬دويٌّ‭ ‬دائمٌ‭ ‬وريحٌ‭ ‬تهبُّ‭ ‬وروحٌ‭ ‬تتساقط
أخافُ‭ ‬من‭ ‬وقتٍ‭ ‬أريدُ‭ ‬فيه‭ ‬
أن‭ ‬أرى‭ ‬الأشياءَ‭ ‬بوضوح
الأشياء‭ ‬التي‭ ‬حرصتُ‭ ‬دوماً
على‭ ‬تركها
بعيدةً‭ ‬وضبابية‭.‬
 
 
 
 
 
4
 
 
الغُبارُ
مكيدةُ‭ ‬المكانِ‭ ‬الذي‭ ‬استرحنا‭ ‬فيه
وتجاوزنا‭ ‬حدودنا
حيلةُ‭ ‬اللحظةِ‭ ‬وأنا‭ ‬أحملها‭ ‬بين‭ ‬يديَّ‭ ‬
غير‭ ‬خائفٍ‭ ‬من‭ ‬شوكِها‭ ‬وجرأتها‭ ‬على‭ ‬فضحي
هدوءٌ‭ ‬ساحرٌ
على‭ ‬وشكِ‭ ‬أن‭ ‬ينفجرَ
في‭ ‬وجهي
كمفاجأة‭.‬
 
 
 
 
 
 
5
 
 
لبرهنَةِ‭ ‬صورةٍ‭ ‬في‭ ‬الذاكرةِ
وإنقاذها‭ ‬من‭ ‬الشكّ
كأنه‭ ‬استدعاءٌ‭ ‬من‭ ‬نومها‭ ‬الطويلِ‭ ‬لتشكيلِ‭ ‬أطرافها
يعصفُ‭ ‬الغبار
يبدأ‭ ‬من‭ ‬الأماكنِ‭ ‬غير‭ ‬المتوقّعةِ
من‭ ‬رائحة‭ ‬عطرٍ‭ ‬سخيّة
من‭ ‬همهماتِ‭ ‬الغُرباءِ‭ ‬في‭ ‬الأماكنِ‭ ‬العامّة
ممّا‭ ‬يُغرس‭ ‬فجأة‭ ‬في‭ ‬القلب
وعلى‭ ‬شفاهي‭ ‬يحطُّ‭..‬
حيثُ‭ ‬كلّ‭ ‬كلمةٍ‭ ‬سأقولها‭ ‬بعد‭ ‬ذاك
لن‭ ‬تكفي‭.‬
 
 
 
 
 
6
 
 
يبقى‭ ‬أثرٌ‭ ‬طفيف‭ ‬منّا‭ ‬في‭ ‬الغُرَفِ‭ ‬التي‭ ‬نغادرها
في‭ ‬الهواجسِ‭ ‬التي‭ ‬ندخلها‭ ‬مغمضي‭ ‬الأعين
الممرّاتِ‭ ‬حين‭ ‬نحتكُّ‭ ‬فيها‭ ‬بغريب
انعكاساتِنا‭ ‬على‭ ‬المرايا
وصخبِ‭ ‬الأغنياتِ‭ ‬واليأس
أيّامنا‭ ‬الخاصةِ‭ ‬التي‭ ‬احتفلنا‭ ‬بها
واحتفلنا
لأننا‭ ‬خرجنا‭ ‬منها‭.‬
 
 
 
 
 
 
7
 
 
خلفَ‭ ‬هذه‭ ‬العاصفةِ
أيدٍ‭ ‬كثيرة‭ ‬تسلّلت‭ ‬من‭ ‬غفوتها‭ ‬لتلوّحَ‭ ‬مودّعة
أشجارٌ‭ ‬طويلة‭ ‬اختارت‭ ‬لحظةَ‭ ‬موتها
وجوهٌ،‭ ‬حكايا،‭ ‬قناديل‭ ‬انطفأتْ
أصدقاء‭ ‬غادروا‭ ‬مُبكّراً
وناجٍ‭ ‬وحيد
وراءَ‭ ‬هذه‭ ‬العاصفةِ
مثل‭ ‬الذي‭ ‬وراءَ
روحي‭.‬