1
 
 
أيُّ‭ ‬عنايةٍ‭ ‬تلكَ‭ ‬حين‭ ‬يختارُ‭ ‬لي‭ ‬الليلُ‭ ‬الدربَ‭. ‬يبسُطُ‭ ‬أسرارَها‭ ‬ويفضحُ‭ ‬خبايا‭ ‬نواحيها‭. ‬يجلو‭ ‬مداها‭ ‬مثل‭ ‬لؤلؤةٍ،‭ ‬ويغمر‭ ‬هواءها‭ ‬بالنسيمِ‭ ‬وسكينتها‭ ‬بحفيفِ‭ ‬الأشجار‭. ‬يسحبني‭ ‬كالهائمِ‭ ‬في‭ ‬تيهِهِ‭ ‬المؤقتِ‭ ‬ثمّ‭ ‬يوقفني‭ ‬على‭ ‬مشهدٍ‭ ‬كالحلمِ‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يبقى‭ ‬من‭ ‬آثارِهِ‭ ‬في‭ ‬العيونِ‭ ‬الناعسة‭.‬
 
 
 
2
 
 
لحظةٌ‭ ‬مكرورة‭ ‬كموجة‭. ‬زرقةٌ‭ ‬تسكبُ‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬مَهَلٍ‭ ‬في‭ ‬الأُفق‭. ‬حنينٌ‭ ‬قبل‭ ‬أوانِهِ‭ ‬ومطرٌ‭ ‬خفيف‭ ‬يتأنّى‭ ‬في‭ ‬هطولِهِ‭. ‬وها‭ ‬هيَ‭ ‬رأسي‭ ‬ترتفعُ‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬وتصوّب‭ ‬نظرتها‭ ‬نحوَ‭ ‬السماء‭ ‬شاعرةً‭ ‬بامتنانٍ‭ ‬يصعبُ‭ ‬إغفالُه‭.‬
 
 
 
 
 
 
 
3
 
 
تصطفيكَ‭ ‬طريقٌ‭ ‬بلا‭ ‬نهاية
لا‭ ‬إيقاع‭ ‬يحكمُ‭ ‬انعطافاتها
ولا‭ ‬وهن‭ ‬في‭ ‬عروقها‭..‬
يُسيِّركَ‭ ‬هوًى‭ ‬غريب
وتستقبلكَ‭ ‬في‭ ‬البعيدِ‭ ‬جهةٌ‭ ‬لا‭ ‬اسمَ‭ ‬لها‭ ‬بعدُ
ها‭ ‬أنتَ‭ ‬تصلُ‭ ‬مراراً‭ ‬ولا‭ ‬أحد
وها‭ ‬حدسكَ‭ ‬الغامض
يرشح‭ ‬من‭ ‬عيونكَ
الحائرة‭.‬
 
 
 
4
 
 
شيءٌ‭ ‬من‭ ‬خدَرِ‭ ‬أيّامكَ‭ ‬القديمةِ
من‭ ‬حنانِ‭ ‬اليدِ‭ ‬التي‭ ‬تروي‭ ‬صحراءَ‭ ‬المخيّلةِ
من‭ ‬صورةِ‭ ‬الطفلِ‭ ‬التائقِ‭ ‬إلى‭ ‬دليل
من‭ ‬صباحاتكَ‭ ‬الطافحةِ‭ ‬بأسماءِ‭ ‬الغُيّابِ‭ ‬وخيالاتِهِم
وموسيقاكَ‭ ‬التي‭ ‬توقّفتْ‭ ‬فجأةً
لأنك‭ ‬حِدتَ‭ ‬عن‭ ‬المسارِ
وضيّعتَ‭ ‬الوجهة‭.‬
 
 
 
 
5
 
 
من‭ ‬غيرِ‭ ‬أغنيةٍ‭ ‬بطيئةِ‭ ‬التدفُّقِ
ولا‭ ‬حُلمٍ‭ ‬تروى‭ ‬تفاصيله‭ ‬بحذر
أو‭ ‬شُرفةٍ‭ ‬مفتوحةٍ‭ ‬على‭ ‬فائضِ‭ ‬الحكايا
من‭ ‬غيرِ‭ ‬بهجةٍ‭ ‬ممسوحةِ‭ ‬المعالمِ
واحتفاءٍ‭ ‬ساخرٍ‭ ‬بشيء‭ ‬فاتَ‭ ‬أوانُهُ
أُصغي‭...‬
إلى‭ ‬شَدْوٍ‭ ‬يُبلّل‭ ‬الخيالَ‭ ‬ويشرّعُ
شُبّاكَ‭ ‬
التناهيد‭.‬
 
 
 
 
6
 
 
تلكَ‭ ‬النسمةُ‭ ‬الناعمة
المباركةُ‭ ‬التي‭ ‬تحيا‭ ‬لأجلها
يدٌ‭ ‬من‭ ‬نور‭ ‬تدفعكَ‭ ‬في‭ ‬نهر
رهافةٌ‭ ‬في‭ ‬لغةِ‭ ‬الهواء‭ ‬وسِرٌّ‭ ‬يخفق
همسٌ‭ ‬طارئ‭ ‬في‭ ‬الأذنِ‭ ‬لم‭ ‬تتبيّنه
فلا‭ ‬تسألْ‭...‬
واحلُم‭.‬
 
 
 
 
7
 
 
لعلّ‭ ‬ما‭ ‬ينقصني‭ ‬لأنتبهَ
من‭ ‬هذا‭ ‬الطفوِ‭ ‬المبهمِ‭ ‬وجسارةِ‭ ‬الحواسْ
لأطردَ‭ ‬هذه‭ ‬الصرخة‭ ‬التي‭ ‬تلاحقني
لأستبشرَ‭ ‬بجيرةِ‭ ‬غمامةٍ‭ ‬أو‭ ‬تحليقِ‭ ‬فراشةٍ‭ ‬تائهة
خطوةٌ‭ ‬أخيرةٌ
في‭ ‬ممرِّ‭ ‬الحُلمِ
الضيّق‭.‬