الديوان » أحمد سالم » اليدُ، كلّ هذه الفكرة

1

 

 

يديَ‭ ‬المنسيّةُ‭ ‬خارجَ‭ ‬النافذة‭ ‬في‭ ‬ميْلها‭ ‬استجابةٌ‭ ‬للحنين‭ ‬

وفي‭ ‬انتصابها‭ ‬رغبةٌ‭ ‬ملحّة‭ ‬في‭ ‬العناد

كلما‭ ‬أثقلَتْها‭ ‬ارتباكةٌ

خفّفَ‭ ‬عنها‭ ‬أنها‭ ‬وحيدةٌ‭ ‬حرّةٌ‭ ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الغيابِ‭ ‬العريض

ومتى‭ ‬جمّدَ‭ ‬أطرافها‭ ‬بردُ‭ ‬الحنايا

صار‭ ‬مستحيلاً‭ ‬

أن‭ ‬يجري‭ ‬الدمُ‭ ‬في‭ ‬عروقها

إلا‭ ‬بمصافحةِ‭ ‬عابرٍ

أو‭ ‬تحسّس‭ ‬وجهِ‭ ‬غائب‭.‬

 

 

 

2

 

 

أفلتُّ‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أصابعي

غصنَ‭ ‬شجرةٍ‭ ‬كانت‭ ‬تذكّرني‭ ‬بطفولتي

اِستعدتُ‭ ‬يديَ‭ ‬من‭ ‬خدَرِها

وحرمتها‭ ‬من‭ ‬الطيران

سحبتها‭ ‬

من‭ ‬كل‭ ‬نوايا‭ ‬الانشغالِ‭ ‬والاهتمامِ‭ ‬والمصافحات

ومن‭ ‬طمأنينتها‭ ‬تحتَ‭ ‬وسادتي

دفنتُها

بين‭ ‬دفّتي‭ ‬كتابٍ‭ ‬ورحتُ‭ ‬أتأملُ‭ ‬بحنانٍ

عبارةً‭ ‬لخّصت‭ ‬للتوّ‭ ‬

حياتي‭.‬

 

 

 

3

 

 

يدك‭ ‬المضيئة

مثل‭ ‬ملاذ‭ ‬الهائمين

المُصرّة‭ ‬في‭ ‬لغتها‭ ‬على‭ ‬التطمينِ‭ ‬والبشرى

يدك‭ ‬

المكان‭ ‬الذي‭ ‬عدتُ‭ ‬منه‭ ‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬يدعوني‭ ‬في‭ ‬كلِّ‭ ‬يد‭.‬

 

 

 

4

 

 

وحينَ‭ ‬أغرقُ‭ ‬في‭ ‬المسافةِ‭ ‬بين‭ ‬حلمٍ‭ ‬وآخر

حين‭ ‬أصيرُ‭ ‬ضحيةَ‭ ‬تخبّطي‭ ‬

وفجأةً

يذوب‭ ‬جسدي‭ ‬كأنه‭ ‬يتخلّى‭ ‬عنّي

وتُكمِّمُ‭ ‬فمي‭ ‬مونولوجاتُ‭ ‬العِتاب

أو‭ ‬موجاتُ‭ ‬اليأس

وأُصدِّقُ‭ ‬أني‭ ‬اكتفيتُ

ترتفعُ‭ ‬يديَ‭ ‬

الناجيةُ

ترتفعُ‭ ‬عالياً‭ ‬

لتؤمّلني‭ ‬بالبقاء‭.‬

 

 

 

 

 

5

 

 

لليد‭ ‬وهواجسها‭ ‬الغريبة

لعنقودِ‭ ‬أصابعها‭ ‬الكسولةِ‭ ‬

لفزَعِها‭ ‬العبثيّ‭ ‬وإطراقها‭ ‬القديم

لظلالِها‭ ‬الرطبةِ‭ ‬وباقاتها‭ ‬الخَجْلى

لموسيقاها‭ ‬المفتونةِ‭ ‬بالتيه

وانهيارِها‭ ‬الناعمِ

مثل‭ ‬

بتلةٍ‭ ‬على‭ ‬أرضِ‭ ‬الحُلم‭.‬

 

 

 

 

6

 

 

لماذا‭ ‬أتخيّلُ‭ ‬وراءَ‭ ‬كلّ‭ ‬بابٍ‭ ‬أطرقه

صورةَ‭ ‬اليدِ‭ ‬التي‭ ‬ستخنقني

لماذا‭ ‬تلومني‭ ‬

كلّما‭ ‬أنقذتُها‭ ‬من‭ ‬تأرجُحِها‭ ‬الأبديّ‭ ‬وثبّتها‭ ‬تحت‭ ‬ذقني‭ ‬مُتأملاً

الحياةَ‭ ‬التي‭ ‬سأفقدها‭ ‬بعد‭ ‬لحظاتٍ

لماذا‭ ‬أتألمُ

كلما‭ ‬اعتصرتُ‭ ‬بها‭ ‬الفراغَ

وأكزُّ‭ ‬

على‭ ‬أسناني‭.‬

 

 

 

7

 

 

يدي‭ ‬الباحثةُ‭ ‬دوماً‭ ‬عن‭ ‬طريقها

التي‭ ‬تتبصّرُ‭ ‬في‭ ‬العتمةِ‭ ‬خرائطها‭ ‬

وتعودُ‭ ‬بعطرٍ‭ ‬

أو‭ ‬بندبة

كلّما‭ ‬غفتْ‭ ‬في‭ ‬حضنِ‭ ‬يدٍ‭ ‬أحبّها

كلما‭ ‬تاهت‭ ‬في‭ ‬ضيائها‭ ‬التام

يروقُ‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تخلدَ‭ ‬وتفقدَ

الوجهة‭.‬

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد سالم

أحمد سالم

8

قصيدة

شاعر سعودي، صدر له مجموعات شعرية "أشياء تتهاوى في أبدها الرتيب" "براعة الالتهاء" "الغرق باستخدام امرأة". شارك في أمسيات شعرية وندوات ثقافية، ومشاريع تعنى في رفعة الشعر العربي وقصيدة النثر.

المزيد عن أحمد سالم

أضف شرح او معلومة