هلاَ احرقيني بمائكِ
في مدينة عراقيّة بأمريكا التي جارت على بلدي
عثرتُ عليها تحت ركام غربتي
استوقفتني في قداسِ الأحد لتسألني عن طقوس كتاباتي…
تطلعتُ إليها محدّقًا ولم أعرها اهتمامًا يذكر!
دجلةٌ هي وأنا الفراتُ
لعلّ الله خلقها لتكون قصيدة في نصوصي…
كحواءٍ بتُ أكسوها بأوراق شِعريّ
أو كوردةٍ أزينُ بها المنصات…
وهي ما درت عليّ لا مِن عسلها أو لبنها….
ولا أعلم كيف عرفت أنيّ سأعرفها
وكأنّ معرفتنا على امتداد عمرنا!
أ لكونها ضعيفة وأنا نقطة ضعها؟!
تلكَ الّتي أخفت عني إغماضتها أغمضتُ عليها جفنَّ عيني
وكأنني مكتفٍ بها…
لقد سمحتُ لها ان تخطر ببالي
مذ قالت علامَ ألقاكَ تجول في خاطري!
أنا الذي خشيت معرفة الكثير عنها
أراني كُلّما حدقتُ في عينيها وجدتها مدينة أعرف الكثير عنها!!.
أحتار الجمالُ بوصف محاسن جمالها…
أ متصابية هي أم كالصبيةِ
متقلّبةٌ ثوريّة، معارضةٌ، غيورة في وجدها
خلعتُ حذائي وأنحنيتُ لها
وكيف لا وأنا في حضرة الجمال!.
منذ سرتُ معها في دروبٍ ضريرةٍ
وأجدني كأعمى يحاول ان يتحسس الطريق بعصاه
كلّما حلّقت طائرتي بمدنها
تسقطني دفاعات ردة فعلها….
باحت لي ذات مرّة عن ما يعتريها :
خوفني عليّ مني لا منكَ.
فهي منذ تورطت بالقراءة لي
وقد تعطلت من بعدي مفاصل حياتها…
والحق أني لم اعد أملكُ منها
سوى رسالة نصيّة مليئة بإملاء أخطائها!
أتغرب عنها كبلدي كلما أطفأتني بنيرانها…
فتصرخُ بوجه الله لا للدعاء لي بل عليّ
منذ تركتُ الكتابة عنها إلا حينٍ.
كم مِن مرّة ومرّة حاولت تهجي أبجديتي وفكَ طلاسم ألغازي
فتجد نفسها تتشدق أكثر بتلابيب قصائدي
لئلا أغرد خارج منصتها!
فيا ويحي من تلكَ التي كفرت بي وبكتاباتي
فأنا لا أزال أؤمن كقارئة بها
لأنها لم تزل تقرأ لي لا عنها…
ربما لأني اكتب لها وغيري يقرأ لي عنها…
آهٍ لو تعلمون من هي؟!
أهي غربتي أم بلادي أم كتاباتي أم…
44
قصيدة