الديوان » العصر العباسي » ابن زريق البغدادي » لا تعذليه فإن العذل يولعه

بصوت : عبد الفتاح الطنطاوي

عدد الابيات : 40

طباعة

لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ

قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ

جاوَزتِ فِي لومه حَداً أَضَرَّبِهِ

مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللوم يَنفَعُهُ

فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً

مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ

قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ

فَضُلِّعَتْ بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ

يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ

مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ

ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ

رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ

كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ

مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ

إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً

وَلَو إِلى السَدّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ

تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه

للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ

وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ واصِلَةً

رزقَاً وَلا دَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ

قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ

لم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ

لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى

مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ

وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت

بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ

وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه

إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ

أستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً

بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ

وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي

صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ

وكم تشفَّع فى أن لا أفارقه

وللضرورة حالٌ لا تُشَفِّعُه

وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً

وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ

لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ

عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ

إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ

بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ

رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ

وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ

وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا

شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ

اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ

كأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ

كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ

الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ

أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ

لو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ

إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفقُها

بحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ

بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ

لَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ

لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا

لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ

ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي

بِهِ وَلا أَنَّ بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ

حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ

عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ

قَد كُنتُ مِن رَيبِ دهرِي جازِعاً فَرِقاً

فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُهُ

بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَست

آثارُهُ وَعَفَت مُذ بِنتُ أَربُعُهُ

هَل الزَمانُ مَعِيدُ فِيكَ لَذَّتُنا

أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُهُ

فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ

وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ

مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ

كما لَهُ عَهدُ صِدقٍ لا أُضَيِّعُهُ 

وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُ وَإِذا

جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ

لَأَصبِرَنَّ على دهر لا يُمَتِّعُنِي

بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ

عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً

فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ

عَل اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا

جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ

وَإِن تُنلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتُهُ

فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


العَذلَ

اللوم الشديد المؤلم

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


يُولِعُهُ

يزيده تعلقاً أو يزيده شوقاً

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


أَضَرَّبِهِ

آذاه، أصابه الضرر

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


الرِفق

اللين وحسن المعاملة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


مُضطَلَعاً

عالماً أو ناهضاً به

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


يَزمَعُهُ

يجعله جاداً في السفر

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ

أرض الله الواسعة والمقصود دوام السفر والترحال

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


إِرثاً

الإرث:ما يُورث من مالٍ ونحوه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً

يشبه زوجته بالقمر

تم اضافة هذه المساهمة من العضو ابو ثابت


الرِزاقِ

الكلمة الصحيحة (الرِّزق)

تم اضافة هذه المساهمة من العضو محمد


بِيَدٍ عَسراءَ

اليد العسراء كان يضرب بها المثل في القوة ودقة التصويب ويريد الشاعر بذالك أنّ حظه لا يأتي لأن يداً عسراء قوية تمنعه ذلك هو ومعشوقته أو زوجته.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالله صباح


الغاياتِ

غاية الشيء: نهايته

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن


خِلّي

الخل: أخص الأحبة بك، وهو أخص من الصديق

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن


تُجَشّمه

يقال جشَّمه المتاعبَ: كلَّفه إيّاها وحمله عليها على كُرْهٍ ومشقَّة.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


دَرَست آثارُهُ

تقادمَ عهدهُ.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو إياس


معلومات عن ابن زريق البغدادي

avatar

ابن زريق البغدادي حساب موثق

العصر العباسي

poet-ibn-al-baghdadi-zurayk@

4

قصيدة

1

الاقتباسات

761

متابعين

أبو الحَسن علي بن زريق البغداديّ شاعرٌ عراقىّ ولد َ فى محلَّةِ الكَرْخ ببغدادَ .. وهو شاعرٌغريبٌ عجيبٌ .. بل إنَّه جعلَ الغرابة عنوانا له .. فهو غريْبٌ عن أهلِ الأدبِ ...

المزيد عن ابن زريق البغدادي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة