الديوان » العصر الأندلسي » ظافر الحداد » لمن الشموس غربن في الأحداج

عدد الابيات : 48

طباعة

لمنِ الشموسُ غَرَبْنَ في الأَحْداجِ

وَطَلَعْن بين الوَشْي والدّيباجِ

من كلِّ رائِقة الجمال كدُمْيةٍ

في مَرْمرٍ أو صورةٍ من عاج

حَفَّت بهن ذوابلٌ ومَناصلٌ

ومشَتْ بهن رَواتكٌ وَنَواج

تطفو وترسُب في السرابِ كأنها

سُفنٌ مشرَّعة على أَمواج

ساروا ولم أْوذَن بوَشْكِ فراقِهم

إلا إشارةَ ناعبٍ شَحّاج

فيهنّ هَيْفاء القَوامِ كأنها

غصنٌ ترنَّح في نَقاً رَجْراج

تَجْلو الظلامَ ببارقٍ من ثَغْرها

فكأنما فَرَتِ الدُّجَى بسِراج

وينمُّ ما ألقتْ عليه نِقَابَها

كالخمر راقَت في صَفاءِ زُجاج

بدرٌ يدوم مع النهارِ ضِياؤه

شمسٌ تَنُور مع الظلامِ الدّاجي

لجمالِها خبرُ النساءِ ويوسفٍ

ولمُقْلتَيْها سيرةُ الحَجّاج

ولخدّها لونُ السُّلافِ وفِعْلُها

ونَسيمُها لكنْ بغيرِ مِزاج

ولقَدِّها طولُ الرماحِ ولينُها

وفعالُها بلَهاذمٍ وزِجاج

مالي وللعُذّالِ في كَلَفي بها

قد دام فيه لَجاجُهم ولَجاجي

ألِفوا المَلامَ كما أَلِفتُ خِلافَهم

جُهْدي فصار مزاجَهم ومِزاجي

ولقد وهبتهمُ السلوَّ فليتَهم

لزِموه في عَذْلي وفي إزْعاجي

لو أنصفوني في الغرامِ أجبتُهم

عنه ببعضِ أدلَّتي وحِجاجي

ما باخْتياري كان بدءُ دخولِه

قلبي فأُلزَم فيه بالإخراج

لي في فنونِ الحبِّ أعجبُ قصةٍ

جاءَتْ مفصَّلةً على اسْتِدْراج

أَبصرتُ ثم هَوِيتُ ثم كتمتُ ما

ألقَى ولم يَعلمْ بذاك مُناج

ووصلتُ ثم قدرتُ ثم عَفَفتُ معْ

شوقٍ تَناهَى بي إلى الإنضاج

حتى رأيت البينَ جَدَّ وأَعْرَبَتْ

نَغمُ الحُداةِ بهم عن الإدلاج

فوَشتْ بيَ العَبَراتُ والزَّفَراتُ لل

واشي ودائِمُ لفظىَ اللَّجْلاج

خانوا ودمتُ على الوفاء ولم أَحُل

في ذاك عن خلقي ولا منهاجي

خلق تقهقرَ عن طريق مَذلّةٍ

وتلوح أسبابُ العُلى فيُفاجي

حتى مدحتُ أجلَّ من وَطِىء الحصى

فأفادني أضعافَ ما أنا راج

الأفضلَ الملكَ الذي فاق العُلى

شَرفا فأَخْمصُه لها كالتاج

ملكٌ تَفيَّأتِ الملوكُ ظِلاله

في حَرِّ كلِّ مُلِمةٍ وهّاج

وتَنافسَ الفَلكُ الأَثير وخيلُه

في السَّبقِ للإِلْجام والإسْراج

راض الزمانَ سياسةً فبِقَصْدِه

تجري الكواكبُ في ذُرا الأبراج

ويعوق صرفَ الحاثاتِ بلفظه

حتى يَمُنَّ عليه بالإفراج

ذو هيبةٍ يَثْنِى الجَحافلَ ذِكْرُها

فتعودُ ناكصةً على الأَدْراج

صَحِبتْ مخافُته العِدَا حتى اغْتَدتْ

رِمَما مُذ انْتُبِذَتْ من الأَمْشاج

يَقْفُو الرَّدى في كل هَوْلٍ سيفه

فهو الدليلُ له بكل عَجاج

ويَرُوعه حتى يودِّعَ نفسَه

ويَقينُه أنْ ليس منه بناج

فلَكَمْ أعاد البحرَ برّا بالعِدا

والبرَّ بحرا من دمِ الأَوْداج

ولَسوف يرشُف عن قريبٍ فَضْلةً

بقيَتْ له من أَنفُسِ الأَعلاج

يا من يُرجِّى مَكُرماتِ يَميِنه

ليفوزَ منها بالثَّناءِ الراجي

رِفْقا على الدنيا فإنّ جبالَها

غرِقتْ بفَيْضِ نوالِكَ الثَّجّاج

أغربتَ في استنباطِ كلِّ فضيلةٍ

تعيى الوَرى بأقلِّها وتحاجى

أخملتَ ذِكْرَ السابقين ببعِضها

فَمديحُهم مهما ذكرتَ أَهاج

أنتَ ابنُ من نَصر الخلافةَ عزمُه

بالسيف بين مُنافق ومُداج

وأصاب فيها الرأيَ والألبابُ لم

تظفرَ برأيٍ قبلُ غيرِ خِدَاج

وورثتَ هذا المُلكَ عنه لسَعْدِه

فأَتاك وهْو إليك أفقرُ راج

فتَهنَّ هذا العيدَ فهْو مهنَّأُ

بوُرود زاخرِ فَضْلِك العَجّاج

لولا لقاؤُك ما تَحمَّل كُلْفةً

في السيرِ بين مَهامِه وفِجاج

لينالَ في عَرفاتِ وجِهك وَقْفةً

يغدو بها من جُمْلة الحُجّاج

فلَنا بوجهِك كلَّ يومٍ مثلُه

عيدان عند تَوجُّهٍ ومَعاج

لا تَعدمِ الأيامُ ظلَّك إنه

عَوْنُ اللَّهيفِ وملجأ المحتاج

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ظافر الحداد

avatar

ظافر الحداد حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-dhafer-al-haddad@

317

قصيدة

3

الاقتباسات

118

متابعين

ظافر بن القاسم بن منصور الجذامي أبو نصر الحداد. شاعر، من أهل الإسكندرية، كان حداداً. له (ديوان شعر - ط)، ومنه في الفاتيكان (1771 عربي) نسخة جميلة متقنة وفي خزانة ...

المزيد عن ظافر الحداد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة