الديوان » العصر الاموي » ذو الرمة » أعن ترسمت من خرقاء منزلة

عدد الابيات : 85

طباعة

أَعَن تَرَسَّمتَ مِن خَرقاءَ مَنزِلَةً

ماءُ الصَبابَةِ مِن عَينَيكَ مَسجومُ

كَأَنَّها بَعدَ أَحوالٍ مَضَينَ لَها

بِالأَشيَمَينِ يَمانٍ فيهِ تَسهيمُ

أَودى بِها كُلُّ عَرّاصٍ أَلَثَّ بِها

وَجافِلٌ مِن عَجاجِ الصَيفِ مَهجومُ

وَدِمنَةً هَيَّجَت شَوقي مَعالِمُها

كَأَنَّها بِالهِدَملاتِ الرَواسيمُ

مَنازِلَ الحَيِّ إِذ لا الدَارُ نازِحَةٌ

بِالأَصفِياءِ وَإِذ لا العَيشُ مَذمومُ

كادَت بِها العَينُ تَنبوا ثُمًّ ثَبَّتَها

مَعارِفُ الدَارِ وَالجونُ اليَحاميمُ

هَل حَبلُ خَرقاءَ بَعدَ الهَجرِ مَرمومُ

أَم هَل لَها آخِرَ الأَيّامِ تَكليمُ

أَم نازِحُ الوَصلِ مِخلافٌ بِشيمَتِهِ

لَونانِ مُنقَطِعٌ مِنهُ فَمَصرومُ

لا غَيرَ أَنّا كَأَنّا مِن تَذَكُّرِها

وَطولِ ما قَد نَأَتنا نُزَّعٌ هيمُ

تَعتادُني زَفَراتٌ مِن تَذَكُّرِها

تَكادُ تَنفَضُّ مِنهُنَّ الحَيازيمُ

كَأَنَّني مِن هَوى خَرقاءَ مُطَّرَفٌ

دامي الأَظَلِّ بَعيدُ السَأوِ مَهيومُ

دانى لَهُ القَيدُ في دَيمومَةٍ قُذُفٍ

قَينَيهِ وَاِنحَسَرَت عَنهُ الأَناعيمُ

هامَ الفُؤادُ بِذِكراها وَخامَرَهُ

مِنها عَلى عُدَواءِ الدَارِ تَسقيمُ

فَما أَقولُ اِرعَوى إِلّا تَهَيَّضَهُ

حَظٌّ لَهُ مِن خَبالِ الشَوقِ مَقسومُ

كَأَنَّها أُمُّ ساجي الطَرفِ أَخدَرَها

مُستَودَعٌ خَمَرَ الوَعساءِ مَرخومُ

تَنفي الطَوارِفَ عَنهُ دِعصَتا بَقَرٍ

وَيافِعٌ مِن فِرنَدادَينِ مَلمومُ

كَأَنَّهُ بِالضُحى تَرمي الصَعيدَ بِهِ

دَبّابَةٌ في عِظامِ الرَأسِ خُرطومُ

لا يَنعَشُ الطَرفَ إِلّا ما تَخَوَّنَهُ

داعٍ يُناديهِ بِاِسمِ الماءِ مَبغومُ

كَأَنَّهُ دُملُجٌ مِن فِضَّةٍ نَبَهٌ

في مَلعَبٍ مِن عَذارى الحَيِّ مَفصومُ

أَو مُزنَةٌ فارِقٌ يَجلو غَوارِبَها

تَبَوُّجُ البَرقِ وَالظَلماءُ عُلجومُ

تِلكَ الَّتي أَشبَهَت خَرقاءَ جَلوَتُها

يَومَ النَقا بَهجَةٌ مِنها وَتَطهيمُ

تَثني النِقابَ عَلى عِرنينِ أَرنَبَةٍ

شَمّاءَ مارِنُها بِالمِسكِ مَرثومُ

كَأَنَّما خالَطَت فاهاً إِذا وَسِنَت

بَعدَ الرُقادِ فَما ضَمَّ الخَياشيمُ

مَهطولَةٌ مِن خُزامى الرَملِ حَرَّكَها

مِن نَفحِ سارِيَةٍ لَوثاءَ تَهميمُ

حَوّاءُ قَرحاءُ أَشراطِيَّةٌ وَكَفَت

فيها الذِهابُ وَحَفَّتها البَراعيمُ

أَو نَفحَةٌ مِن أَعالي حَنوَةٍ مَعَجَت

فيها الصَبا مَوهِناً وَالرّوضُ مَرهومُ

تِلكَ الَّتي تَيَّمَت قَلبي فَصارَ لَها

مِن وَدِّهِ ظاهِرٌ بادٍ وَمَكتومُ

قَد أَعسِفُ النازِحَ المَجهولَ مَعسِفَهُ

في ظِلِّ أَغضَفَ يَدعو هامَهُ البومُ

بِالصُهبِ ناصِبَةِ الأَعناقِ قَد خَشَعَت

مِن طولِ ما وَجَفَت أَشرافُها الكومُ

مَهرِيَّةٌ رَجَفَت تَحتَ الرّحالِ إِذا

شَجَّ الفَلا مِن نَجاءِ القَومِ تَصميمُ

تَنجو إِذا جَعَلَت تَدمى أَخِشَّتُها

وَاِعتَمَّ بِالزَبدِ الجَعدِ الخَراطيمُ

قَد يُترَكُ الأَرحَبِيُّ الوَهمُ أَركُبَها

كَأَنَّ غارِبَهُ يَأفوخَ مَأمومُ

بَينَ الرَجا وَالرَجا مِن جَنبِ واصِيَةٍ

يَهماءَ خابِطُها بِالخَوفِ مَكعومُ

لِلجِنِّ بِاللَيلِ في حافاتِها زَجَلٌ

كَما تَجاوَبَ يَومَ الريحِ عَيشومُ

هَنّا وَهِنّا وَمِن هُنا لَهُنَّ بِها

ذاتَ الشَمائِلِ وَالأَيمانِ هَينومُ

دَوِّيَّةٌ وَدُجى لَيلٍ كَأَنَّهُما

يَمٌّ تَراطَنَ في حافاتِهِ الرومُ

أَمرَقتُ مِن جَوزِهِ أَعناقَ ناجِيَةٍ

وَاللَيلُ مُختَلِطٌ بِالأَرضِ دَيمومُ

حَتّى اِنجَلى اللَيلُ عَنّا في مُلَمَّعَةٍ

مِثلِ الأَديمِ لَها مِن هَبوَةٍ نيمُ

كَأَنَّنا وَالقِنانَ القودَ تَحمِلُنا

مَوجُ الفُراتِ إِذا اِلتَجَّ الدِياميمُ

وَالآلُ مُنفَهِقٌ عَن كُلِّ طامِسَةٍ

قَرواءَ طائِقُها بِالآلِ مَحزومُ

كَأَنَّهُنَّ ذُرى هَديٍ مُجَوَّبَةٌ

عَنها الجِلالُ إِذا اِبيَضَّ الأَياديمُ

وَالرَكبُ تَعلو بِهِم صُهبٌ يَمانِيَةٌ

فَيفاً عَلَيهِ لِذَيلِ الريحِ نَمنيمُ

كَأَنَّ أُدمانَها وَالشَمسُ جانِحَةٌ

وَدعٌ بِأَرجائِها فَضٌّ وَمَنظومُ

يُضحي بِها الأَرقَشُ الجَونُ القَرا غَرِدا

كَأَنَّهُ زَجِلُ الأَوتارِ مَخطومُ

مِنَ الطَنابيرِ يَزهى صَوتَهُ ثَمِلٌ

في لَحنِهِ عَن لُغاتِ العُربِ تَعجيمُ

مُعرَورِياً رَمَضَ الرَضراض يَركُضُهُ

وَالشَمسُ حَيرى لَها بِالجَوِّ تَدويمُ

كَأَنَّ رِجلَيهِ رِجلاً مُقطِفٍ عَجِلٍ

إِذا تَجاوَبَ مِن بُردَيهِ تَرنيمُ

وَخافِقِ الرَأسِ فَوقَ الرَحلِ قُلتُ لَهُ

زُع بِالزِمامِ وَجَوزُ اللَيلِ مَركومُ

كَأَنَّهُ بَينَ شَرخَي رَحلِ ساهِمَةٍ

حَرفٍ إِذا ما اِستَرَقَّ اللَيلُ مَأمومُ

تَرمي بِهِ القَفرَ بَعدَ القَفرِ ناجِيَةٌ

هَوجاءُ راكِبُها وَسنانُ مَسمومُ

هَيهاتَ خَرقاءُ إِلّا أَن يُقَرِّبَها

ذو العَرشِ وَالشَعشَعاناتُ العَياهيمُ

هَل تَدنِيَنَّكَ مِن خَرقاءَ ناجِيَةٌ

وَجناءُ يَنجابُ عَنها اللَيلُ عُلكومُ

كَأَنَّ أَجلادَ حاذَيها وَقَد لَحِقَت

أَحشاؤُها مِن هَيامِ الرَملِ مَطمومُ

كَأَنَّما عَينُها مِنها وَقَد ضَمَرَت

وَاِحتَثَّها السَيرُ في بَعضِ الأَضاميمُ

يَستَرجِفُ الصِدقُ لِحيَيها إِذا جَعَلَت

أَواخِرَ المَيسِ تَغشاها المَقاديمُ

مَهرِيَّةٌ بازِلٌ سَيرُ المَطِيِّ بِها

عَشِيَّةَ الخِمسِ بِالمَوماةِ مَزمومُ

إِذ قَعقَعَ القَرَبُ البَصباصُ أَلحِيَها

وَاِستَرجَفَت هامَها الهيمُ الشَغاميمُ

يُصبِحنَ يَنهَضنَ في عِطفَي شَمَردَلَةٍ

كَأَنَّها أَسفَعُ الخَدَّينِ مَوشومُ

طاوي الحَشا قَصَرَت عَنهُ مُحَرَّجَةٌ

مُستَوفَضٌ مِن بَناتِ القَفرِ مَشهومُ

ذو سُفعَةٍ كَشِهابِ القَذفِ مُنصَلِتٌ

يَطفو إِذا ما تَلَقَّتهُ الجَراثيمُ

أَو مُخطَفُ البَطنِ لاحَتهُ نَحائِصُهُ

بِالقُنَّتَينِ كِلا لِيَتيِهِ مَكدومُ

حادي مُخَطَّطَةٍ قُمرٍ يُسَتِّرُها

بِالصَيفِ مِن ذِروَةِ الصَمّانِ خَيشومُ

جادَ الرَبيعُ لَهُ رَوضَ القِذافِ إِلى

قَوَّينِ وَاِنعَدَلت عَنهُ الأَصاريمُ

حَتّى كَسا كُلَّ مُرتادٍ لَهُ خَضِلٌ

مُستَحلَسٌ مِثلُ عَرضِ اللَيلِ يَحمومُ

وَحَفٌ كَأَنَّ النَدى وَالشَمسُ ماتِعَةٌ

إِذا تَوَقَّدَ في أَفنانِهِ التومُ

ما آنَسَت عَينُهُ عَيناً تُفَزِّعُهُ

مُذ جادَهُ المُكفَهِرَّاتُ اللَهاميمُ

حَتّى اِنجَلى البَردُ عَنهُ وَهوَ مُحتَقِرٌ

عَرضَ اللِوى زَلِقُ المَتنَينِ مَدمومُ

تَرميهِ بِالمورِ مِهيافٌ يَمانِيَةٌ

هَوجاءُ فيها لِباقي الرُطبِ تَجريمُ

ما ظَلَّ مُذ وَجَفَت في كُلِّ ظاهِرَةٍ

بِالأَشعَثِ الوَردِ إِلّا وَهوَ مَهمومُ

مِمّا تَعالَت مِنَ البُهمى ذَوائِبُها

بِالصَيفِ وَاِنضَرَجَت عَنَهُ الأَكاميمُ

حَتّى إِذا لَم يَجِد وَغلاً وَنَجنَجَها

مَخافَةَ الرَمي حَتّى كُلُّها هيمُ

ظَلَّت تَفالى فَظَلَّ الجَأبُ مُكتَئِباً

كَأَنَّهُ مِن سَرارِ الرَوضِ مَحجومُ

حَتّى إِذا حانَ مِن خُضرِ قَوادِمُهُ

ذي جُدَّتَينِ يَكُفُّ الطَرفَ تَغييمُ

خَلّى لَها سَربَ أولاها وَهَيَّجَها

مِن خَلفِها لاحِقُ الصُقلَينِ هِمهيمُ

راحَت يَشُجُّ بِها الآكامَ مُنصَلِتاً

فَالصُمُّ تُجرَحُ وَالكَذّانُ مَحطومُ

فَما اِنجَلى اللَيلُ حَتّى بَيَّتَت غَلَلاً

بَينَ الأَشاءِ تَعَلّاهُ العَلاجيمُ

وَقَد تَهَيَّأَ رامٍ عَن شَمائِلِها

مُجَرَّبٌ مِن بَني جِلّانَ مَعلومُ

كَأَنَّهُ حينَ تَدنو وِردَها طَمَعاً

بِالصَيدِ مِن خَشيَةِ الإِخطاءِ مَحمومُ

إِذا تَوَجَّسَ رِكزاً مِن سَنابِكِها

أَو كانَ صاحِبَ أَرضٍ أَو بِهِ المومُ

حَتّى إِذا اِختَلَطَت بِالماءِ أَكرُعُها

هَوى لَها طامِعٌ بِالصَيدِ مَحرومُ

وَفي الشِمالِ مِنَ الشَريانِ مُطعِمَةٌ

كَبداءُ في عَجسِها عَطفٌ وَتَقويمُ

يَؤودُ مِن مَتنِها مَتنٌ وَيَجذِبُهُ

كَأَنَّهُ في نِياطِ القَوسِ حُلقومُ

فَبَوَّأَ الرَميَ في نَزعٍ فَحُمَّ لَها

مِن ناشِباتِ أَخي جِلّانَ تَسليمُ

فَاِنصاعَتِ الحُقبُ لَم تَقصَع صَرائِرِها

وَقَد نَشَحنَ فَلا رِيٌّ وَلا هيمُ

وَباتَ يَلهَفُ مِمّا قَد أُصيبَ بِهِ

وَالحُقبُ تَرفَضُّ مِنهُنَّ الأَضاميمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ذو الرمة

avatar

ذو الرمة حساب موثق

العصر الاموي

poet-dhul-rumma@

180

قصيدة

332

متابعين

غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي، من مضر، أبو الحارث، ذو الرمة. شاعر، من فحول الطبقة الثانية في عصره. قال أبو عمرو بن العلاء: فتح الشعر بامرئ القيس وختم ...

المزيد عن ذو الرمة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة