الديوان » العصر الأندلسي » ابن حمديس » أباد حياتي الموت إن كنت ساليا

عدد الابيات : 36

طباعة

أبادَ حياتي الموْتُ إن كنتُ ساليا

وأنتَ مقيمٌ في قيودكَ عانيا

وإنْ لمْ أُبارِ المُزْنَ قطراً بأدمعٍ

عليكَ فلا سُقّيتُ منها الغواديا

تعريتُ من قلبي الذي كان ضاحكاً

فما ألْبَسُ الأجفْانَ إلا بواكيا

وما فَرحي يْومَ المَسَرّةِ طائعاً

ولا حَزَني يْومَ المساءَةِ عاصيا

وهل أنا إلّا سائلٌ عنك سامعٌ

أحاديثَ تَبْكي بالنّجيع المعاليا

قيودُكَ صيغتْ من حديدٍ ولم تكنْ

لأهلِ الخطايا منك إلا أياديا

تعينك من غير اقتراحك نعمةٌ

فتقطعُ بالإبراقِ فينا اللياليا

كشفتَ لها ساقاً وكنتَ لكشفها

تَحزّ الهوادي أو تجزّ النواصيا

وقفْنَ ثقالاً لم تُتِحْ لك مشيةً

كأنّك لم تُجرِ الخفاف المذاكيا

قعاقعُ دُهْمٍ أسهرَتْكَ وطالما

أنامتْكَ بِيضٌ أسْمَرَتْكَ الأغانيا

وما كنتُ أخشى أن يقالَ محمدٌ

يميلُ عليه صائبُ الدهر قاسيا

حسامُ كفاحٍ باتَ في السجن مغمَداً

وأصْبَحَ من حَلْيِ الرياسةِ عاريا

وليث حروب فيه أعدوا برقِّه

وقد كان مقداماً على الليث عاديا

فيا جَبَلاً هَدّ الزمانُ هضابَهُ

أما كنتَ بالتمكين في العزّ راسيا

قُصرْتَ ولمّا تقضِ حاجتكَ التي

جرى الدهر فيها راجلاً لك حافيا

وقد يعقلُ الأبطالَ خوْفُ صيالها

ويُحكمُ تثقيفَ الأسودِ ضواريا

أقولُ وإِنّي مُهْطِعٌ خوْفَ صَيْحَةٍ

يُجيبُ بها كلٌّ إلى اللَّه داعيا

أسَيْرَ جبالٍ وانْتشارَ كواكبٍ

دنا من شرُوطِ الحشرِ ما كان آتيا

كأنّكَ لم تجعل قناكَ مَراوداً

تَشُقّ من الليل البهيم مآقيا

ولم تزد الإظلام بالنقع ظلمةً

إذا بَيّضَ الإصباحُ منه حواشيا

ولم تثن ماء البيض بالضرب آجناً

إذا صُبّ في الهيجا على الهام صافيا

ولم تُصْدِرِ الزّرقَ الإلالَ نواهلاً

إذا وَرَدَتْ ماءَ النحور صوافيا

وخيلٍ عليها كلّ رامٍ بنفسه

رضاكَ إذا ما كنتَ بالموت راضيا

وقد لبسوا الغدْرانَ وهي تموّجتْ

دروعاً وسلُّوا المرهفاتِ سواقيا

وكم من طغاةٍ قد أخذْتَ نفوسهمْ

وأبقيتَ منهم في الصدور العواليا

بمعترك بالضرب والطَّعن جُرْدهُ

تمرّ على صرْعى العوادي عواديا

مضى ذاك أيام السرور وأقبلتْ

مناقِضَةً من بعده هي ما هيا

إذِ المُلكُ يمضي فيه أمرك بالهدى

كما أعلمت يمناك في الضرب ماضيا

وإذ أنْتَ محجوبُ السرادق لم يكن

له كلماتُ الدهر إلّا تهانيا

أمرُّ بأبوابِ القصور وأغتدي

لمن بانَ عنها في الضمير مناجيا

وأنشد لا ما كنت فيهنَّ منشداً

ألا حيّ بالزُّرْق الرسوم الخواليا

وأدعو بنيها سّيداً بعد سيّدٍ

ومن بعدهم أصبحتُ همّاً مواليا

وأحداث آثار إذا ما غشيتُها

فَجَرْتُ عليها أدمعي والقوافيا

مضيتَ حميداً كالغمامةِ أقشعَتْ

وقد ألبَسَتْ وَشْيَ الربيع المغانيا

سأُدمي جفوني بالسهاد عقوبةً

إذا وقفت عنك الدموعَ الجواريا

وأمنعُ نفسي من حياةٍ هنيئةٍ

لأنَّكَ حيٌّ تستحقُّ المراثيا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حمديس

avatar

ابن حمديس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-ibn-hamdis@

366

قصيدة

1

الاقتباسات

145

متابعين

عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي، أبو محمد. شاعر مبدع. ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد، فأجزل له ...

المزيد عن ابن حمديس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة