الديوان » العصر العثماني » ابن معصوم » يا حادي الظعن إن جزت المواقيتا

عدد الابيات : 55

طباعة

يا حاديَ الظعنِ إِن جُزتَ المواقيتا

فحيّ مَن بِمنىً والخَيفِ حُيِّيتا

وَسَل بجمعٍ أَجمعُ الشَملِ مؤتَلِفٌ

أَم غالَه الدَهرُ تفريقاً وتَشتيتا

واِلثِم ثَرى ذَلِكَ الوادي وَحُطَّ بِهِ

عَن الرِحال تَنل يا سَعدُ ما شيتا

عَهدي به وَثَراهُ بالشذا عَبِقٌ

كالمِسكِ فتَّتهُ الداريُّ تَفتيتا

والدرُّ ما زالَ من حَصبائِهِ خجِلاً

كأَنَّ حصباءَه كانَت يواقيتا

يؤمُّه الوَفدُ من عُربٍ ومن عَجمٍ

وَيسبرونَ له البيدَ السَباريتا

يَطوونَ عَرضَ الفَيافي طولَ ليلهمُ

لا يَهتَدون بغيرِ النجم خرِّيتا

من كُلّش مُنخرقِ السِربال تحسَبُه

إذا تسربلَ بالظَلماءِ عِفريتا

لا يَطعَم الماءَ إلّا بلَّ غلَّتِه

ولا يَذوق سِوى سَدِّ الطَوى قوتا

يَفري جُيوبَ الفَلا في كُلِّ هاجِرَةٍ

يُماثِلُ الضَبُّ في رَمضائِها الحوتا

تَرى الحَصى جَمَراتٍ من تَلهُّبِها

كأَنَّما أوقِدَت في القَفر كبريتا

أَجابَ دَعوةَ داعٍ لا مَرَدَّ لَها

قَضى على الناس حَجَّ البَيت تَوقيتا

يَرجو النَجاةَ بِيَومٍ قد أَهابَ به

في مَوقِفٍ يَدَع المنطيقَ سِكِّيتا

فَسارَ وَالعَزمُ يَطويه وَينشرُهُ

يُنازِلُ البينَ تَصبيحاً وتَبييتا

حَتىّ أَناخَ عل أُمِّ القُرى سَحَراً

وَقَد نَضا الصُبحُ للظَلماءِ إِصليتا

فَقامَ يَقرَعُ بابَ العَفوِ مُبتَهِلاً

لَم يَخشَ غَيرَ عِتابِ اللَه تَبكيتا

وَطافَ بالبَيتِ سَبعاً واِنثَنى عَجِلاً

إِلى الصَفا حاذِراً لِلوَقتِ تَفويتا

وَراحَ مُلتَمِساً نيلَ المُنى بِمِنىً

وَلَم يَخَف حينَ حَلَّ الخَيفَ تَعنيتا

وَقامَ في عَرفاتٍ عارِفاً ودَعا

ربّاً عوارِفُهُ عمَّتهُ تَربيتا

وَعادَ منها مُفيضاً وَهو مُزدَلِفٌ

يَرجو من اللَهِ تَمكيناً وتَثبيتا

وَباتَ للجَمَراتِ الرُقش مُلتَقِطاً

كأَنَّه لاقِطٌ دُرّاً وَياقوتا

وَحين أَصبَحَ يَومَ النَحرِ قامَ ضُحىً

يوفي مناسِكَه رَمياً وتَسبيتا

وقرَّب الهَديَ تَهديهِ شَرائعُهُ

إِلى الهُدى ذاكِراً لِلَّه تَسميتا

وَملّأتهُ لَيالي الخَيفِ بَهجَتها

فحجَّ للدين والدُنيا مواقيتا

حَتّى إِذا كانَ يَومُ النَفر نفَّرَهُ

وَجدٌ ينكِّتُ في الأَحشاءِ تَنكيتا

ثُمَّ اِغتَدى قاضياً من حجِّه تَفَثاً

يَرجو لتزكيةِ الأَعمالِ تَزكيتا

وودَّع البيتَ يَرجو العَودَ ثانيَةً

وليتَه عنه طولَ الدَهرِ ما ليتا

وأَمَّ طيبةَ مَثوى الطَيِّبين وقد

ثَنى له الشَوقُ نَحو المُصطَفى ليتا

فَواصَلَ السَيرَ لا يَلوي على سَكَنٍ

أَزادَ حُبّاً له أَم زاد تَمقيتا

حتّى رأَى القبَّةَ الخَضراءَ حاكيةً

قَصراً من الفَلَك العُلويِّ مَنحوتا

فقبَّل الأَرضَ من أَعتابِ ساحَتِها

وَعفَّر الخدَّ تَعظيماً وتَشميتا

حيث النُبوَّةُ مَمدودٌ سُرادِقُها

وَالمَجدُ أَنبته الرَحمَنُ تَنبيتا

مَقامُ قُدسٍ يَحار الواصفونَ له

وَيَرجِعُ العقلُ عن عَلياه مَبهوتا

لَو فاخَرَته الطِباقُ السَبعُ لاِنتكسَت

وَعادَ كوكبُها الدُريُّ مَكبوتا

تَستَوقِفُ السَمعَ والأَبصارَ بهجَته

وَيَجمَعُ الفَضلَ مَشهوداً ومَنعوتا

يَقولُ زائرُهُ هاتِ الحَديثَ لنا

عن زَوره لا عَن الزوراء أَو هيتا

وصِف لنا نورَه لا نارَ عاديَةٍ

باتَت تُشبُّ على أَيدي مَصاليتا

مثوى أَجلِّ الوَرى قَدراً وأَرحَبِهم

صَدراً وأَرفعهم يَومَ الثَنا صيتا

نَبيُّ صِدقٍ هَدَت أَنوارُ غُرَّته

بَعد العَمى للهُدى من كانَ عِمِّيتا

وأَصبحت سُبُلُ الدين الحَنيفِ بِهِ

عَوامِراً بعدَ أَن كانَت أَماريتا

أَحيا به اللَه قَوماً قام سعدُهمُ

كَما أَماتَ به قَوماً طواغيتا

لَولاه ما خاطَبَ الرَحمنُ من بشرٍ

ولا أَبان لهم ديناً ولاهوتا

له يَدٌ لا نُرجّي غيرَ نائِلها

وَقاصدُ البحر لا يَرجو الهراميتا

فَلو حَوَت ما حوته السُحبُ مِن كَرَمٍ

لما سَمِعتَ بها للرعد تَصويتا

فَقُل لمن صَدَّه عنه غوايَتُه

لَو اِهتَدَيتَ إِلى سُبل الهُدى جيتا

ما رامَ حصرَ معانيه أَخو لسنٍ

إِلّا وأَصبح بادي العيّ صِمِّيتا

يا أَشرَفَ الرُسلِ والأَملاكِ قاطبةً

ومن به شَرَّف اللَهُ النواسيتا

سَمعاً لدعوة ناءٍ عنك مُكتئِبٍ

فَكَم أَغثتَ كئيباً حينَ نوديتا

يَرجوكَ في الدينِ والدُنيا لمقصدِهِ

حاشا لِراجيكَ من يأسٍ وحوشيتا

أَضحى أَسيراً بأَرضِ الهِند مُغتَرِباً

لَم يَرجُ مخلصَه إلّا إذا شيتا

فنَجِّني يا فدتكَ النَفسُ من بَلَدٍ

أَضحت لِقاحُ العُلى فيهِ مَقاليتا

وَقَد خَدَمتُك من شِعري بِقافيَةٍ

نَبَّتُّ فيها بديعَ القَولِ تَنبيتا

وزانَها الفِكرُ من سِحر البيان بما

أَعيا ببابلَ هاروتاً وماروتا

جلَّت بمدحِكَ عن مِثلٍ يُقاسُ بها

ومن يَقيسُ بنَشر المسكِ حِلتيتا

عَلَيكَ مِن صَلوات اللَه أَشرَفُها

وآلك الغُرِّ ما حُيّوا وحُيّيتا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن معصوم

avatar

ابن معصوم حساب موثق

العصر العثماني

poet-ibn-masum@

307

قصيدة

1

الاقتباسات

49

متابعين

علي بن أحمد بن محمد معصوم الحسني الحسيني، المعروف بعلي خان بن ميرزا أحمد، الشهير بابن معصوم. عالم بالأدب والشعر والتراجم. شيرازي الأصل. ولد بمكة، وأقام مدة بالهند، وتوفي بشيراز. من ...

المزيد عن ابن معصوم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة