الديوان » العصر الايوبي » ابن الساعاتي » سرت زينب والبرق مبتسم الثغر

عدد الابيات : 84

طباعة

سرتْ زينبٌ والبرقُ مبتسمُ الثّغر

كما سحبتْ كفٌّ شريطاً من التّبرِ

وقد جمهتنا شملةُ الليل والهوى

كما اشتملت أحناء صدر على سرّ

بكتْ وأرانا عقدها دهش النوى

فقلتُ لها ما أشبهَ النظمَ بالنثر

ولاحت ثرّيا شنفها فوق خدّها

ورسمُ الثريّا أنها منزل البدر

وكم خضتُ ناراً دون جنّة وجهها

حنيناً إلى ما حلَّ فيها من الجمر

وقائعُ بينٍ حيٌّ دمعي طليقها

ولكنْ قتيلُ الغمض في قبضة الهجر

وأسمرُ لدنٌ قدُّها تلغي به

وكم تلفتْ نفس بلدنٍ من السّمر

حديدة سيفِ اللحظ لولا عتابها

لساءلت عمّا بالجفون من الكسر

وبتنا فلا لثمي قلادهُ جيدها

عفافاً ولا ضمّي وشاحاً على الخصر

وكم يومِ وصل كان أبيضَ ناصعاً

ولكنه خالٌ على وجنة الدهر

لهوانا به والشمس في الدّجن تجتلي

كنظم حبابٍ فوق كأسٍ من الخمر

ورحنا وفي أفعالنا صحوة الحجى

وإن كان في ألبابنا نشوة السكر

نعفّي بأذيال المروط من الدجى

لما كتبت منها الذوائبُ في العفر

سلوها هل ارتابتْ بلحظ ضجيعها

وهلَ حط عن شمس الضحى سحب الخمر

على طول ما أبكت جفوني صبابة

وما أضحكت بالشّيب رأسي من الصبر

وحيٍّ مع الوسميّ تبني قبابهُ

ويترك ما تحمي العوالي من القطر

صحبناهم حيث الغرام مطيّةٌ

بماءِ الصبي طلقاً وزادَ من العمر

ودسنا بهم خدَّ الثرى من جيادنا

لها السمر أرواقٌ بغزلانها العفر

بكل سبوح أدهم ومضُ نعله

كمثل هلال لاح في دجية الشهر

كأنَّ قميص الليل إلاَّ ذيوله

أفيض عليه ثمَّ برقع بالفجر

وقد أسرعت زهر النجوم لغربها

كما أشرعت زرق العوالي إلى نحر

وفاض إليّ الصبح فهيَ كأنها

ثغور أقاح ظامياتٌ إلى نهر

خطوات إليها والنّصال كأنها

عقابيل ما أبقى قراهم من الجمر

وقد شفَّ من فوق الضّرام رمادها

كما ذرَّ كافورٌ سحيقٌ على تبر

وقد جعّدت غدرانهُ أنملُ الصّبا

فجاءت كما سنَّت دلاصٌ على ذمر

بكل سميع للنداء إلى النّدى

فإن كانت العوراء كان أخا وقر

ليالي ما تحوي الأكفُّ فللندى

وما حملتنا من قلوص فللعقر

كأنا سهامٌ في صدور تنائف

تفوّقنا مثلَ الحنايا من الضَّمر

مطايا بها للمحبّ من الضَّني

وإلاَّ فما أبقى السّرار من البدر

إذا أطلقت في مهمةٍ معجت به

كما أطلق العاني المسوق من الأسر

وإن خضن لج الآل مرَّت خفائفاً

فتحسبها سفناً مواخر في بحر

وإنّا لمن قومٍ مواقعُ جودهم

مواقعُ جودِ الغيث في البلد القفر

أباحوا من الأحياء كلَّ ممنَّعٍ

وطلُّوا من الأعداءِ حتّى دمَ العقر

وأبكوا عيون المال ذلاً فللأسى

وللسُّقم راحت في ملابسهم الصُّفر

تحدِّث عن شهب السنين ظباتهم

ونيرانهم عنهم بالسنةٍ حمر

عشيةَ لم تخفق ذوائبُ ومضها

وقد أمّها القصّاد إلاَّ من القرّ

وقد خضبت كفّ الثريا بردعها

ولاح هلالٌ كالقلامة من ظفر

إذا اسودَّ جنح الليل شبَّ وقودها

فيا حسنها خضراءَ في أعين السّفر

يعزُّ عليهم ليلة سمروا بها

إذا وضعتْ من قدرها ليلةُ القدر

كأنَّ ليالي النّفر حول بيوتهم

وكلَّ زمانٍ عندهم ساعة النّحر

أباحوا حريم المال في كل مغرم

فهان هوان العبد للمكرمَ الحرّ

سواء عليهم مانعٌ خيرَ ذاده

من الحيّ أو ميتٌ يزفُّ إلى القبر

غداةَ كأنَّ الجو بيضُ صحائفٍ

وقد كتبت فيها سطورٌ من الحبر

ونعمَ حماةُ الظعنِ والسيف باسم

وغيد الغواني باكيات من الذعر

وكل جوادٍ سابحٍ تحت راية

وليس هما إلاَّ عقابٌ على صقر

وفي مازن الخطّيّ منهم حميّة

أبت أن ينام المرء منهم على وتر

إذا وشجت أيدي الكماة متونه

فالله كم صدرٍ يحطم في صدر

فقد صحبتْ بيضُ السيوف أكفَّهم

طويلاً فنابت بالفلول عن الشكر

يدلُّ على الإحسان ما في وجوههم

من العتق أو ما في ظباهم من الأثر

إذا جمعتهم والأعادي بموطنٍ

وغى جمعوا بين الغنيمة والأجر

ركبنا الليالي بعد عزِّ ظهورها

جزاء بما أولتهُ لا عوزَ الظَّهر

وسرنا إلى حاجاتنا بعزائمٍ

مواطن ونعم الخطب للحاجة البكر

وخطّيّة سمرٍ وبيضٍ قواضبٍ

ومسنونة زرق وماذّية خصر

نعم ونشرنا الصبح من بعد طيّه

ونشرُ العلى في ذلك الطي والنشر

أقاموا صفا الأيام قسراً وطاعةً

وليست بأولى من أطاع على قسر

هم السابقون الأولون فإن أبى

حسود فسائل عن حنينٍ وعن بدر

مضوا ومشاهيرُ السيوف كليلةٌ

فلا فرق ما بين البواتر والبتر

بمخضرَّةٍ والنارُ حول شفارها

تجول كجري الماء في الغصن النضر

إذا ما تغّنت في القوانس والطّلي

تبسّم ثغر الفتح أو طلعة الفجر

وماست قناهم في الأسنّة عزّةً

تثنّي غصونِ الدوح في يانع الزهر

كأنَّ على أعطافهم من دروعهم

عيون الدّبا أو فوقها أرجل الذرّ

وتحسب ريش النّبل تعلو كلومهم

وقد دميت أهدابَ رمدٍ على شفر

مشوا سبقاً مشيَ البصير من العمى

وقد وضح الإيمان في حندس الكفر

همُ خطباء الحفل والخطبُ مفحمٌ

وهم أمراءُ الجمع في الحادثِ الأمر

وهم أسلموا حيث القلوب ظنينةٌ

وهم سلّموا أمر الهوى لذوي الأمر

أطاعوا عليّاً طاعة اليد أختها

وما نازعوا من قبلُ أمرَ أبي بكر

منزهةٌ في الحرب أقلامُ سموهم

عن الذّمَّ حتى ليس تكتب في ظهر

وما قصرت بي همّة عن نداهمُ

وما أنا بالواني ولا الضَّرعِ الغمر

ورثت الخراساني حلماً ونائلاً

فلا قلق البقيا ولا حرج الصّدر

فكم أثرٍ أوضحتهً عنهُ بالنُّهى

وكم خبرٍ صدَّقتهُ عنهُ بالخبر

بوصلٍ النهى يوم للتقاطع والقلى

وهجر الخنا يوم التقاذع والهجر

ونحن أناسٌ ما انتضينا يراعةً

لذي فاقةٍ إلاَّ أغرنا على الوفر

ولا شتَّ عامَ المحل شملُ سوامنا

فبتنا نرّجى رفد زيدٍ ولا عمر

إذا ما انتدى منّا امروءٌ قالت العلى

ليخلَ مكان الصدر للفارس الحبر

وما كان نظم الشعر عادةَ مثلنا

لمسألةٍ لولا الإرادة للفخر

ولولا بقايا صبوةٍ عربيّةٍ

ببيض الظُّبي والسّمر لا البيض والسّمر

وجمعيَ أيامَ الشجاعة والنّدى

كما نظمتْ كفٌّ بديداً من الدرّ

بكلِّ رَداحٍ أسهلتْ بي وعورهُ

كما انبعث الماء الزلال من الصخر

عدمتُ لها الأكفاء والمصرُ آهلٍ

فناهيك من بكر تزفُّ إلى خدر

لو شئتُ لم تفقد من الناس خاطباً

ولا قصّرت عن حقها همَّة المهر

وإن عقَّها فكري وحسبك من أبٍ

فربَّ عقوق كان أبلغَ من برّ

أرأيتُ أخاها النجم ليلة نظمها

أشفَّ بيوتاً من كواكبه الزُّهر

فلو أنَّ هاروتاً رأى حسن وجهها

تعلَّم من أجفانها صنعة السحر

فما خاب ما أحييتُ من عمر الدجى

وما طلَّ فيها للكرى من دمٍ هدر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الساعاتي

avatar

ابن الساعاتي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-abn-alsaati@

519

قصيدة

6

الاقتباسات

41

متابعين

ابن الساعاتي (553 هـ - رمضان 640 هـ) هو أبو الحسن على بن محمد بن رستم بن هَرذوز المعروف بابن الساعاتى، الملقب بهاء الدين، الخراساني ثم الدمشقي، كان شاعراً مشهوراً، ...

المزيد عن ابن الساعاتي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة