الديوان » العصر الايوبي » ابن الساعاتي » جد الغرام وزاد القال والقيل

عدد الابيات : 74

طباعة

جدَّ الغرامُ وزاد القال والقيلُ

وذو الصّبابة معذورٌ ومعذول

يا دمية الحيِّ ما حزني لفرقتكم

دعوى ولا جدوى العذريُّ منحول

ظللتُ في الدار أبكيها ويضحكها

دمعٌ على تلكم الأطلال مطلول

لا جرَّ حين خلتْ ملاعبها

ذيلُ النسيم عليها وهون مبلول

مجالسٌ أوحشتْ منهم وانديةٌ

على العويل بها للصبِ تعويل

بالحلي ما بي فكم للوشح من قلقٍ

بادٍ وكم غصَّةٍ تشكو الخلاخيل

يا واليَ القلب أهواهُ ويظلمني

وكلُّ والٍ بحكم الدهر معزول

أشكو فينصركم قلبي ويخذلني

وفي المحبة منصورٌ ومخذول

للبرق فيك إشاراتٌ لها طربي

وللنسيم حديثٌ عنك منقول

خلا من البدر طرفي وهو منزلهُ

والقلب وهو أخوهُ منهُ مأهول

يجني وفي كل جزء منه من محاسنه

عذرٌ جميلٌ إلى العشاق مقبول

لدنُ المعاطف لا تصحو شمائله

كأنما هو بالصهباء مشمول

وسنانُ أشقى بعطفيه وريقته

فآقتي عاسلٌ منهُ ومعسول

قالوا بكيت دماً والعيس سائرة

بكل خالٍ به في الحي مشغول

والومض يغمض في جفنيَّ صارمهُ

لا غرو للسيف يدمى وهو مسلول

وقفتُ والدمع جارٍ يوم بينهمِ

وكيف أمضي وحدّ الصبر مفلول

همُ المنى والأماني غير صادقة

وعداً وسؤلي همُ لو يدرك السول

عج بالمنازل وأسأل عن أوانسها

فهي المحاريب أو هنَّ التماثيل

أبكي وأندب رسميها بكاظمةٍ

وفيهما لعليل الشوق تعليل

وكم ركبتُ بهيم الليل في غرضٍ

وبدره غرةٌ والصبح تحجيل

ووردة الفجر في خدَّي مطالعهِ

كأنها أثرٌ أبقاهُ تقبيل

مضت قصارُ ليالينا وأعقبها

ليلٌ طويل وفي ليل الأسى طول

فالأنجم الزّهر في الآفاق واقفة

كأنما علقت منها قناديل

فعلّلاني وإن أبصرتما شفقاً

فذاك نضح دمٍ والصبح مقتول

يا حاسداً نال من فضلي بمنقصةٍ

عليك نفسك إن الجهل مفضول

حسبي الثلاثة بالتبريز شاهدةً

البيدُ والليلُ والعيسُ المراسيل

ومن عجائب ما تحدى الرّكاب به

صيتٌ يطير بفضلي وهو محمول

وكيف أخمل في دنيا وآخرة

ومنطقي ورسول الله مأمول

هو البشير النذير العدلُ شاهدهُ

وللشهادة تجريحٌ وتعديل

لولاه لم تكُ شمسٌ لا ولا قمرٌ

ولا الفرات وجاراها ولا النيل

ولم يجبْ آدمٌ في حال دعوته

نعم لم يكُ قابيلٌ وهابيل

مرتّلُ الوحي يتلوهُ ويدرسهُ

ولم يكن لكلام الله ترتيل

فسيّد الرسل حقاً لا خفاءَ به

وشافعٌ في جميع الناس مقبول

له تزخرف أفناء الجنان وعن

رضوانه حلَّ منها العرضُ والطول

كم برّدت غلةٌ من ماء كوثره

أذن وكم فكَّ مصفودٌ ومغلول

بثّت نبوته الأخبارُ إذ نطقت

فحدّثت عنهُ توراةٌ وأنجيل

أضاء هدياً وجنحُ الكفر معتكرٌ

ووجهَ حقٍ وسترُ الشكِّ مسدول

وكيف يصبو إلى الدنيا وزينتها

والقلبُ من دنس الأطماع مغسول

خذ فضلهُ جملةً جاء الكتاب بها

فعزَّ أن يحصر التفضيلَ تفصيل

لم يثو في أهله أهل العباء ففا

ت القومَ وحيٌ بمثواهُ وتنزيل

الخمسةُ الغرُّ لم يقضَ اجتماعهم

إلاّ وسادسهم في الجمع جبريل

فعنهمُ أخذ التنزيل أجمعهُ

في الكافرين وفي الباغين تأويل

فضيلتا شرفٍ ما ناله بشر

أولى وأخرى بهم تردى الأضاليل

يعدُّها الغمرُ إسرافاً ومنقصة

وإنما هي تتيم وتكميل

ترعرعَ الدين طفلاً بين أظهرهم

وما ألمَّ به وهنٌ وتكهيل

بيضهم فرعت عليا منابره

وفي بيوتهم الإسلام مكفول

هم ألفوا من تمادى في قطيعتهم

وأمنوا من تولَّى وهو إجفيل

جزى عن السيّئ الحسنى وعامل بالبقـ

ـيا وقد كثرت فيه الأقاويل

أقام سوقاً من المعروف زاكيةً

لاينفقُ الأفكُ فيها والأباطيل

وكلُّ عفٍّ طليقٍ في فصاحته

لسانه بحريز العقل معقول

ذو المجد مازال معروفاً فليس به

نكرٌ وفي المجد معروفٌ ومجهول

قومٌ لهم زمزمٌ لا دفعَ عنهُ ووضـ

ـعُ الركن لمّا تعاطتهُ البهاليل

والبيت نكّب عنهُ الفيل مكرمةً

لهم فلولاهمُ ما نكّب الفيل

فضيلةٌ عرفتْ من عبدِ مطّلبٍ

والقوم صرعى كعصفٍ وهو مأكول

ردَّت أعاديه في بدرٍ ويومئذ

جيادهُ القبُّ والطّيرُ الأبابيل

فالنفس والبيت أشباهٌ مطهروٌ

والآل والصحب أنجاد مفاضيل

من كل أزهر والألوان حائلة

من طينةِ الحسن والإيمان مجبول

يردي الكميَّ ويردى رمحه قصدا

فرمحهُ قاتل للقرن مقتول

ليثٌ إذا جرّ من ذيل الحديد لغـ

ـير الكبر فالجيش مكفوف ومشلول

إن صال أو قال أودى في مواقفه

مجدّل من أعاديه ومجدول

السادة القادة الحامون دينهم

بالمشرفيّة والبيض المقاويل

المبكياتُ عيون الزّغف سمرهم

دماً وإن ضوعفت منها السرابيل

سمُّ العداة وفرسان البيات فمن

فوق الأجادل منها الغاب والغيل

الموثرون وإن جلّت خصاصتهم

وهم لأمثالها ضعفاً مفاعيل

لهم تحلُّ الحبى والأرض وأجفة الحـ

ـثى ويعقد في الملك الأكاليل

تردى بساحتهم جردُ الرباط لنـ

ـصر الله أو تخدُ العوذ المطافيل

فالسرح نهبٌ ونسل الكفر أجمهُ

سبيٌ بأيديهم والعرش مثلول

والشمس رمدا بوجه اليوم بادية

فجفنها أمرةٌ بالنقع مكحول

والصفّ سطر بسمر الخط ينقط والـ

ـبيدُ الطروس والهنديّ مشكول

أسدٌ إذا نازلوا شهب إذا سفروا

لدٌ إذا جادلوا سحب إذا سيلوا

فلا مفاريحُ إن نالت رماحهم

ولا مجازيع في البأساء إن نيلوا

العالمون بأن النفسَ هالكة

يوماً وإنَّ قضاءَ الله مفعول

فما كواحدهم في فضله أحدٌ

ولا كجيلهمِ في فضله جيل

وإنَّني لا رّجي أجرَ حبّهم

في يومَ حبّهمُ أجرٌ وتنويل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الساعاتي

avatar

ابن الساعاتي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-abn-alsaati@

519

قصيدة

6

الاقتباسات

41

متابعين

ابن الساعاتي (553 هـ - رمضان 640 هـ) هو أبو الحسن على بن محمد بن رستم بن هَرذوز المعروف بابن الساعاتى، الملقب بهاء الدين، الخراساني ثم الدمشقي، كان شاعراً مشهوراً، ...

المزيد عن ابن الساعاتي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة