الديوان » العصر الايوبي » ابن الساعاتي » ألمت سليمى والنسيم عليل

عدد الابيات : 81

طباعة

ألمّت سليمى والنسيمُ عليلُ

فخيل لي أن الشمال شمولُ

كأنَّ الخزامى صفقت منهُ قرقفاً

فالمسكر أعناق المطيّ تميل

تلاقت جفون ما تلاقى قصيرةٌ

وليل مشوقٍ بالغرام طويل

شديد إلى باب البريد حنينه

وليس إلى باب البريد سبيل

منازل أما ماؤها فمصفقٌ

زلال وأما ظلها فظليل

تجلت وما قولي نحلت تعجباً

هل الحب إلاّ لوعة ونحول

وبي فاترُ الألحاظ نشوى جفونه

أحمُّ سقيم المقتلين كحيل

تمنيتهُ والبعد بيني وبينهُ

وللعيس وخد في الفلا وزميل

فأخفيت قولاً كاد يبدو لحاسد

فيا ليت أنّا نلتقي فأقول

أسارت بنا عنه الحمول ولم أمت

به كمداً إني إذاً لحمول

فجسمي على الخصر السقيم سقامه

ودمعي على الخد الأسيل يسيل

ومن عجب إني أروم بضمّه

شفاء نحولي منه وهو نحيل

بيلتُ بعطف لا يميل لعاشق

كئيب وعطف كالقضيب يميل

فوجدي وسلواني مقيم وظاعن

وحزني ولهوي جائد وبخيل

ولم أر مثل العام يقصر إن دنا

ولا اليوم ينأى شخصه فيطول

ولا مثل دمع العين أمّا بوجنتي

فماءٌ وأمّا في الحشى فغليل

وما كان ظنّي أن قلبي قلّبٌ

ولا إن حالي في هواه يحول

فلي وله حزنٌ وحسنٌ ممنّع

ومنه ومنّي قاتل وقتيل

إليكَ أمير المؤمنين رحلتها

نواحلَ في مثل النطاق تجول

تطلّبينَ ورد الجود حتى أصبنهُ

وقد ذاب منها كاهلٌ وتليل

هنالك لا البيض الرقاق كليلة

ولا أنجمُ السمرِ الدقاقِ أفول

بحيث منيعات العطايا مباحة

وحيث حزون المكرمات سهول

إذا أوحشت خوف الأعادي

دعتك فلبتها قناً ونصول

مواضٍ تخوض النقع والهامَ والطُّلا

وهنَّ صقالٌ مت بهنَّ فلول

وما هالني لما انتجعتك سبسبٌ

ودوّية لا تمتطي وهجول

تهبُّ بها الأرواح وهي مريضة

ويغمد سيف البرق وهو كليل

وليل خلعت الجنح ثم لبستهُ

وقد جرُّ منهُ في البلاد ذيول

تدرّعتهُ في عنفوان شبابه

إلى أن علاه للمشيب نصول

ونامت دراريه وطرفي ساهر

رجاءَ كرى عذب إليه يؤول

لزدتُ به عاماً تعفّى جماله

وما يتساوى عالمُ وجهول

فلم يصفُ لي إلاّ عليك مديحه

ولم يصف لي إلاّ إليك رحيل

بوجناءَ يكبو لاحقٌ عن لحاقها

ويقصر عنه شدقمٌ وجديل

فلم يغنها عن ربع بغداد مربع

ولم يثنها ماءٌ به ونزيل

وكل مكان أنت ساقي دهاسه

خصيبٌ له ريفٌ يزار ونيل

فمن مبلغ الحسّاد عني ألوكة

بأنَّ بياض الصبح ليس يحول

وإني عانٍ كنت لا يستميلني

دنيٌّ ولا يسمو إليَّ مثيل

إذا ما العيون الشّوس أخفى مكانتي

عليها حقودٌ في الحثى وذحول

أزلتُ عماها من سناني بأثمدٍ

له أكعبَ اللَّدنِ المثقَّفِ ميل

أبعدَ مقامي ذا مقام أنالهُ

يقصر عنهُ لو بغاه ذهول

وذادك عني في الخلائق موقف

مخوفٍ كحدّ المشرفيّ زليل

ولا تنكرنْ إني أمامٌ جلالهُ

لعمر القوافي إنّهُ ليهول

لقد خلف المبعوثَ خيرُ خليفة

قؤولٌ لما يرضي الإله فعول

تذلُّ له الأيام وهي عزيزة

وتصغر حيث الخطب وهو جليل

إذا سار سدَّ الأفق والأفق واسع

رماحٌ وبيضٌ عصبةٌ وخيول

تجود لها صمُّ الصخور مخافةً

وشمُّ الجبال الراسيات تزول

صقور جيادٍ والمواضي مخالبٌ

لها وأسودٌ والذوابل غيل

كبت دونه الأبصار وهي حسيرة

وخابت نفوس عندها وعقول

ومن كان نور الوحي فوق جبينه

ثنى كلّ طرف عنه وهو كليل

فروع إلى العبَّاس تنمى أصولها

وما خير فرع أسلمته أصول

هو النسبُ الزاكي أناف بفضله

وصيٌّ سبق العلا ورسول

ترى اليوم طلقاً حين يذكر جعفر

ويسمى إليه حمزةٌ وعقيل

صفا صفو ماءِ المزن يبسم دجنهُ

وقد قبّلتهُ شمالٌ وقبول

له شرف البيت العتيق وزمزمٍ

وما ساقهُ حادٍ إليه عجول

وفضل الذبيحين الذي ما لفظه

نظيرٌ وهل للنيّرين عديل

هم القوم أمّا عرضهم فهو وافر

مصون وأمّا وفرهم فهزيل

رموا جمرات الجاهليّة بالقنا

خفافاً ولكنزْ وقعهنَّ ثقيل

وكلّ طويل باعه وقناته

وما كلُّ باع للقناةِ طويل

كبدرٍ ويا طوبى لبدرٍ وأختها

ويومُ حنينٍ والكماةُ تصول

ولولا نجوم السمهرية أحجمت

حماةُ وغى ما شأنهنَّ نكول

وكان صهيل الخيل شدواً فلم يزل

بها الضرب حتى عاد وهو عويل

بهم قرَّ حكم الله في مستقرّهِ

وآض عزيز الشرك وهو ذليل

فيا لك يوماً صافياً كان غيمه

عجاجَ المذاكي والدماءُ وحول

لقد كان يوم الفتح للدهر غرَّةً

ومنه شياةٌ جمَّة وحجول

حلفتُ بها هوجاً قواطع للمدى

تجاوبُ أنساعٌ لها وحمول

وما حملت من كلّ أشعث وجهه

إلى الله يرجو أن يكون قبول

وبالمشعرات القود تهدى إلى منى

مقلّدة حيثُ الدماء همول

لقد شدَّ حبل المجد بعد انفصامه

وأبرم حبل الله وهو سحيل

وأضرم نار المشرفية بعدما

علاها خمود دائم وخمول

جدير بميراث النبوّة قائم

هو السيف ماضي الشفرتين صقيل

كفيل بردّ الحق من مستعيره

له الله في كلّ الأمور كفيل

وقد يتداعى الظلم بعد انتشاره

ويعظم أمر الحقّ وهو ضئيل

محبُّ الندى يمضي على غلوائه

ولو لجَّ فيه لائم وعذول

عزيز التشكي لا يخاف ملالةً

وربَّ محب عاد وهو ملول

أناصرَ دين الله بالسيف آخراً

وناصرهُ كالأوّلينَ قليل

أعدتَ شعاب الدين وهي أواهل

كأن لم يكن دهرٌ وهنَّ طلول

علاه على السبع الشداد محلّه

ومجدٌ قديم لا يرام أثيل

ففي كلّ يوم للملائكة العلى

طوافٌ على أبياتكم ونزول

لقد صدقوا أنَّ اللهى تفتح اللّها

مقاليَ جزل والنوال جزيل

وما لبنات الفكر تهدى حسانها

كأفهامكم في العالمين بعول

عليكم سلام الله فالشعر عاجزٌ

على أنه فيمن عداك غلول

وهبني نظمت الأنجم الزهر مدحةً

وكنتُ مطيعاً ما عساي أقول

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الساعاتي

avatar

ابن الساعاتي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-abn-alsaati@

519

قصيدة

6

الاقتباسات

41

متابعين

ابن الساعاتي (553 هـ - رمضان 640 هـ) هو أبو الحسن على بن محمد بن رستم بن هَرذوز المعروف بابن الساعاتى، الملقب بهاء الدين، الخراساني ثم الدمشقي، كان شاعراً مشهوراً، ...

المزيد عن ابن الساعاتي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة