الديوان » مصر » أحمد محرم » إيه بني مصر من صم وعميان

عدد الابيات : 90

طباعة

إيهٍ بَني مِصرَ مِن صُمٍّ وَعُميانِ

ضَجَّ اللَهيفُ وَهَبَّت صَيحَةُ العاني

أَتَصدِفونَ بِأَبصارٍ وَأَفئِدَةٍ

وَتَجمَحونَ بِأَسماعٍ وَأَذهانِ

فُضَّ الكِتابُ فَسالَت مِن صَحائِفِهِ

مَآتِمُ النيلِ تَجري بِالدَمِ القاني

إيماءَةُ المَوتِ في عُنوانِهِ وَضَحَت

وَالمَوتُ أَبلَغُ مَن يُومي بِعُنوانِ

زِنوا الأُمورَ فَإِنَّ الظُلمَ مَهلَكَةٌ

وَأَعدَلُ الناسِ مَن يَقضي بِميزانِ

ماذا تُريدونَ بَعدَ اليَومِ فَاِنتَبِهوا

لا يَقبَل اللَهُ عُذراً بَعدَ تِبيانِ

أَتُؤمِنونَ بِرَبٍّ لا شَريكَ لَهُ

أَم تُؤمِنونَ بِأَصنامٍ وَأَوثانِ

دينٌ مِنَ العارِ لَم تُرفَع قَواعِدُهُ

إِلّا عَلى طاعَةٍ مِنكُم وَإِذعانِ

لا تَعبُدوا الهُبَلَ الأَعلى وَشيعَتَهُ

شَرُّ البَلِيَّةِ كُفرٌ بَعدَ إيمانِ

لا بارَكَ اللَهُ مِنكُم كُلَّ ذي سَفَهٍ

وَلا رَعى اللَهُ مِنهُم كُلَّ خَوّانِ

صَبّوا الرِياءَ عَلى أَخلاقِهِم فَطَغى

حَتّى رَموا قَومَهُم مِنهُ بِطوفانِ

ثُمَّ اِرعَوَت ضَجَّةُ الآذيِّ وَاِنحَسَرَت

بَقِيَّةُ السَيلِ مِن زورٍ وَبُهتانِ

فَاليَومَ هُم كُلُّ ضاحي الكَيدِ مُنجَرِدٍ

بادي الشَناءَةِ وَالبَغضاءِ عُريانِ

لا يَعصِبُ الرَأسَ لِلشَنعاءِ يَفعَلُها

وَلا يُقَنِّعُ يَوماً وَجهَ خِزيانِ

يا صادِقَ العَهدِ فيما تَدَّعي فِئَةٌ

الذِئبُ أَصدَقُ عَهداً مِنكَ لِلضانِ

ما كانَ أَكبَرَ ما أوتيتَ مِن عِظَمٍ

لَو لَم يَغُرَّكَ هَذا الزائِلُ الفاني

مُلكٌ مِنَ الجاهِ لَم يُرفَع لِذي خَطَرٍ

مِنَ المُلوكِ وَلَم يُجمَع لِخاقانِ

وَطاعَةٌ جاوَزَت أولى طَلائِعِها

أَقصى القَرارَةِ مِن روحٍ وَجُثمانِ

عَمياءُ ما خَفَضَت مِصرُ الجَناحَ لَها

مِن بَطشِ فِرعَونَ أَو مِن بَأسِ هامانِ

لَو كُنتَ غَيرَكَ لَم تَقنَع بِمَنزِلَةٍ

لِأُمَّةٍ آمَنتَ مِن غَيرِ بُرهانِ

أَومَأتَ فَاِستَنفَرَت تُدلي بِبَيعَتِها

وَاِستَرسَلَت مِن زُرافاتٍ وَوحدانِ

في جامِحٍ مِن خُطوبِ الدَهرِ ذي حَرَدٍ

صَعبِ المَقادَةِ لا يُلقي بِأَرسانِ

لَوى الشَكائِمَ وَاِستَشرى لِغايَتِهِ

لا بِالذَلولِ وَلا بِالرَيِّثِ الواني

أَيّامَ تَنساكَ أَخّاذاً بِحُجزَتِها

وَبِالمُخَنَّقِ مِن بَغيٍ وَعُدوانِ

يَطَغى عُرامُكَ في جاهِ اِمرِئٍ صَلِفٍ

يُؤذي الأُباةَ وَيَرمي كُلَّ ذي شانِ

كَذي الطَرائِدِ يَرميها إِذا اِنجَفَلَت

بِكُلِّ ضارٍ هَريتِ الشَدقِ طَيّانِ

مَرحى فَتى النيلِ لا ظُلمٌ وَلا جَنَفٌ

جازَيتَ قَومَكَ نِسياناً بِنِسيانِ

ضَجَّت بِلادُكَ تَشكو ما صَنَعتَ بِها

دَعها تَضِجُّ وَتَشكو غَيرَ أَسوانِ

ماذا يُضيرُكَ إِن باتَت مُرَوَّعَةً

وَلهى وَبِتَّ بِلَيلِ الناعِمِ الهاني

إِن كُنتَ جازَيتَ بِالكُفرانِ نِعمَتَها

فَقَد رَمَت كُلَّ ذي نُعمى بِكُفرانِ

لا يَغضَبِ المَجدُ إِنَّ الحُرَّ يَفدَحُهُ

ظُلمُ البَريءِ وَنَصرُ الجارِمِ الجاني

يا سَعدُ إِنَّكَ ذو عِلمٍ وَتَجرِبَةٍ

فَاربَأ بِنَفسِكَ عَن خِزىً وَخُسرانِ

أَسرَفتُ في النُصحِ حَتّى مَلَّني قَلَمٌ

أَرعاهُ في الأَدَبِ العالي وَيَرعاني

يَأبى الضَراعَةَ إِلّا أَن يَدينَ بِها

لِواحِدٍ قاهِرِ السُلطانِ ديَّانِ

خدنُ المروءة لم تُقدَر مراتبه

في حبِّ مصرَ لأترابٍ وَأَخدانِ

حُرُّ المَواقِفِ في الأَقلامِ كابِرُها

عَفُّ الصَحائِفِ في سِرٍّ وَإِعلانِ

لا يَعرِفُ القَومُ هَل يَرمي بِذي شُعَلٍ

مِن مارِجِ الشِعرِ أَم يَرمي بِبُركانِ

يا زاجِرَ الطَيرِ أَمسِك عَن بَوارِحِها

ماذا تَهيجُ سِوى تَنعابِ غِربانِ

لا مَنطِقُ الطَيرِ مِن وَحيِ القَريضِ وَلا

عِندي بَقِيَّةُ عِلمٍ مِن سُلَيمانِ

لَكِنَّ لي نَظَراتٍ ما تُخادِعُني

أَرمي الأُمورَ بِها عَن قَلبِ لُقمانِ

شَمِّر إِزارَكَ إِنَّ الأَمرَ مُنتَظِرُ

وَالدَهرُ وَيحَكَ ذو رَيبٍ وَحِدثانِ

لَتَشرَبَنَّ الأَذى مَلأى مَناقِعُهُ

وَالشَربُ حَولَكَ مِن مُودٍ وَنَشوانِ

لا يُفلِحُ القَومُ تَستَعصي عَمايَتُهُم

عَلى الهُداةِ وَلَو جاءوا بِفُرقانِ

إيهٍ بَني مِصرَ جازَ الأَمرُ غايَتَهُ

وَذاعَ سِرُّ اللَيالي بَعدَ كِتمانِ

دَعوا اللجاجَ وَسُدّوا كُلَّ مُنفَرِجٍ

وَأَجمَعوا الرَأيَ مِن شِيبٍ وَشُبّانِ

هَل تَحمِلونَ لِمِصرٍ في جَوانِحِكُم

إِلّا بَراكينَ أَحقادٍ وَأَضغانِ

يَطغى السِبابُ حَوالَيها لِيُطفِئَها

وَما يَزيدُ لَظاها غَيرَ طُغيانِ

يا قَومَنا هَل رَأَيتُم قَبلَ مِحنَتِكُم

مَن قامَ يُطفِئُ نيراناً بِنيرانِ

مَن لي بِكُلِّ حَثيثِ المَدِّ مُطَّرِدٍ

وَكُلِّ مُندَفِقِ الشُؤبوبِ هَتّانِ

لَو عَظَّموا حُرُماتِ النيلِ ما اِضطَرَمَت

أَحقادُ قَلبٍ بِماءِ النيلِ رَيّانِ

لا مَطلَبَ اليَومَ إِلّا الحَقُّ نُكبِرُهُ

عَن أَن يَهونَ وَأَن يُرمى بِنُقصانِ

قالوا خُذوهُ نُجوماً فَهوَ مُدَّخَرٌ

في مَخلَبِ اللَيثِ يَحميهِ لِإِبّانِ

اللَهُ أَكبَرُ جَدَّ اللاعِبونَ بِنا

وَأَعمَلَ الذَمَّ فينا كُلُّ طَعّانِ

أَما يَرَونَ بَوادينا سِوى نَعَمٍ

وَلا يُصيبونَ مِنّا غَيرَ قِطعانِ

سَيَكشِفُ الجِدُّ عَنهُم كُلَّ غاشِيَةٍ

وَيوقِظُ الحَقُّ مِنهُم كُلَّ وَسنانِ

ضُمّوا القُلوبَ شَبابَ النيلِ وَاِعتَزِموا

لا يَشمِتَنَّ بِكُم ذو البِغضَةِ الشاني

ظَنَّ الظُنونَ بِكُم مَن لَيسَ يَعرِفُكُم

وَالأَمرُ ذو صُوَرٍ شَتّى وَأَلوانِ

أَينَ العُقولُ بِنورِ اللَهِ مُشرِقَةً

أَينَ الذَخائِرُ مِن عِلمٍ وَعِرفانِ

أَينَ الضَمائِرُ وَالأَخلاقُ طاهِرَةً

أَينَ المَواقِفُ تَشفي كُلَّ حَرّانِ

مِصرُ الفَتِيَّةُ إِن هاجَت حَمِيَّتَكُم

كُنتُم لَها خَيرَ أَنصارٍ وَأَعوانِ

الهادِمونَ كَثيرٌ بَينَ أَظهُرِكُم

شُدّوا البِناءَ وَصونوا حُرمَةَ الباني

أَما تَسيلُ نُفوسٌ ريعَ جانِبُها

عَلى جَوانِبَ تَبكيهِ وَأَركانِ

مَدَّ اليَمينَ إِلَيكُم يَستَغيثُ بِكُم

هُبّوا سِراعاً وَمُدّوهُ بِأَيمانِ

أَإِن طَوى العَيشَ آثَرتُم لِأَنفُسِكُم

ما آثَرَ اليَومَ مِن قَبرٍ وَأَكفانِ

أُعيذُكُم مِن وَفاءٍ راحَ يُنكِرُهُ

ما في الجَوانِحِ مِن صَبرٍ وَسَلوانِ

خُذوا السَبيلَ إِلى العَلياءِ وَاِستَبقوا

لِلمَجدِ في كُلِّ مُستَنٍّ وَمَيدانِ

أَدَعوَةُ الحَقِّ أَولى أَن يُصاخَ لَها

أَم دَعوَةٌ خَرَجَت مِن جَوفِ شَيطانِ

اليَومَ آذَنَ بِالآياتِ مُرسِلُها

ماذا تُرَجّونَ مِنهُ بَعدَ إيذانِ

إِن تَعلِقِ اليَومَ بِالأَعناقِ بَيعَتُهُ

يَعلَق بِكُلِّ وَريدٍ نابُ ثُعبانِ

لَو كُنتُ حاشايَ مِمَّن راحَ يَحمِلُها

طارَت بِها الريحُ فَوضَى مُنذُ أَزمانِ

تِربُ الإِساءَةِ لَم يَحمِل لِأُمَّتِهِ

غَيرَ العُقوقِ وَلَم يَهمِم بِإِحسانِ

جَمُّ الأَراجيحِ لِلأَقوامِ يَنصِبُها

يَظُنُّ أَحلامَهُم أَحلامَ صِبيانِ

مَن يَغلِبُ اللَهَ أَو يَرمي خَلائِفَهُ

في العالَمينَ بِكَيدٍ أَو بِخِذلانِ

الرافِعينَ لِواءَ الحَقِّ مُذ عُرِفوا

مِن كُلِّ راضٍ لِوَجهِ اللَهِ غَضبانِ

المانِعينَ حِمى مِصرٍ إِذا فَزِعَت

وَاِستَصرَخَت مِن بَنيها كُلَّ غَيرانِ

مِن كُلِّ مُتلِفِ مالٍ غَيرَ ذي أَسَفٍ

وَكُلِّ باذِلِ نَفسٍ غَيرَ مَنّانِ

عَزَّت بِهِم أُمَّةٌ عَزَّت بِما مَلَكَت

في قُوَّةِ الحَقِّ مِن عِزٍّ وَسُلطانِ

نَأبى المَناصِبَ إِلّا في جَوانِحِها

يَنُصُّها كُلُّ ذي لُبٍّ وَوِجدانِ

ونزدري المالَ إلا أن تفيض به

دقَّاتُ قلبٍ بنجوى الحبِّ رنَّانِ

قَياصِرُ الحَقِّ نَستَولي عَلى سُرُرٍ

مِنَ الجَلالِ وَنَستَعلي بِتيجانِ

لا نَبتَغي غَيرَ دُنيا الأَنبِياءِ وَلا

نَرضى سِوى اللَهِ مِن رَبٍّ لَنا ثانِ

لَنا عَلى كُلِّ قَومٍ يوزَنونَ بِنا

مِلءُ المَوازينِ مِن فَضلٍ وَرُجحانِ

لَم يُؤثِرِ الخُطَّةَ المُثلى طَواعِيَةً

لِلَهِ مَن راحَ يرمينا بِعِصيانِ

رُدّوا المُغيرَ حُماةَ الحَيِّ وَاِحتَرِسوا

إِنَّ السَراحينَ تَخشى كُلَّ يَقظانِ

وَكُلُّ ضَيعَةِ غالٍ حادِثٌ جَلَلٌ

وَلا كَضَيعَةِ أَقوامٍ وَأَوطانِ

جِدّوا إِلى الغايَةِ القُصوى وَلا تَهنوا

إِنَّ الرِجالَ أولو جِدٍّ وَإِمعانِ

دَعوا المَضاجِعَ إِنَّ الرابِضينَ لَكُم

مِلءُ المَراصِدِ مِن إِنسٍ وَجِنّانِ

لا يَسكُنونَ إِذا نَفسُ اِمرِئٍ سَكَنَت

وَلا يَمُرُّ الكَرى مِنهُم بِأَجفانِ

إِن يُبصِروا غِرَّةً لا يُجدِكُم فَزَعٌ

هَل يَرجِعُ الأَمرُ أَعيا بَعدَ إِمكانِ

اللَهُ مِن حَولِكُم يَحمي جَوانِبَكُم

فَجاهِدوا لا تَخافوا كَيدَ إِنسانِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

442

قصيدة

1

الاقتباسات

684

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة