الديوان » مصر » أحمد محرم » أعدي النمل خيبر والذبابا

عدد الابيات : 90

طباعة

أعدِّي النَّملَ خَيْبَرُ والذبابا

أعدَّتْ يَثربُ الأُسْدَ الغضابا

وَمُدِّي من حُصونِكِ كلَّ عالٍ

لِيرفعَ في السماواتِ القِبابا

سَيَنزَعُ بأسُهُم حِصناً فَحِصناً

وَيَفْتَحُ عَزمُهُم باباً فبابا

أتاكِ الفاتحُ المِقدامُ يُزجِي

مع الجيشِ الدُّعاءَ المُستجابا

أتوكِ مُكبّرينَ فلا تلوذي

بغير الذُّعرِ واضطربي اضطرابا

أما والذاكرينَ اللَّهَ فرداً

لقد هَزُّوا المخارِمَ والشِّعابا

أجيبي أين جُندكِ وَاسْأليهِ

لِمَنْ جَمَعَ السِّلاحَ وكيف غابا

تَوارَوْا في الحُصُونِ وخادَعتهم

ظُنُونٌ كنَّ حُلْماً أو سَرَابا

ولو جَعلوا السَّحابَ لهم مَحَلّاً

لَطَارَ الجيشُ يَقتحِمُ السَّحابا

جُنودُ مُحمّدٍ كالموتِ يَمضِي

على قَدَرٍ صُعوداً وانصبابا

وليسوا في الحروبِ إذا تلظَّت

كمن جَهِلَ الأُمورَ أَوِ استرابا

وفي حِصْنِ النّطاةِ لسانُ صدقٍ

يُعَلِّمُ كلَّ مَن جَهِلَ الحُبَابا

رَأَى الرأيَ الذي ذاقت يَهودٌ

مَرارَتَهُ فكان لَهم عذابا

أصابتهم حُمَيَّا اليأسِ لمّا

تنحَّى الجيشُ يَلتمِسُ الصَّوابا

سَلِ البطلَ المُجَرَّبَ لو أجابا

أَيعلمُ أيَّ داهيةٍ أصابا

رَماهُ بعامرٍ قَدَرٌ إذا ما

رَمَى المهجاتِ غادرها خرابا

ولكنّ المنيّةَ أخَّرتْهُ

لِيبلغَ في غوايَتِهِ الكتابا

وخانَ السّيفُ صاحِبَهُ فأودى

شَهِيداً برَّ مَصْرَعُهُ وطابا

هنيئاً عامرٌ رضوان رَبٍّ

حَباكَ الأجرَ جَمّاً والثّوابا

بِسيفِكَ مِتَّ مَوْتَ فَتىً كريمٍ

يُحاذِرُ أن يُعيَّرَ أو يُعابا

بَرزتَ لِمرْحَبٍ بَطلاً مَهيباً

أبى أن يُتَّقَى أو أن يُهابا

ولولا نَبوْةٌ للسّيفِ طَاشَتْ

بمضربِهِ لأورده التَّبابا

تَوالَى الزّحفُ واستعَرَتْ نفوسٌ

مَضَتْ تَنسابُ في اللهِ انسيابا

لئن خاضت غِمارَ الموتِ ظَمْأَى

لقد عَرفتْ مَشاربَهُ العِذابا

سِهامُ بَواسِلٍ لاقتْ سِهاماً

يكادُ جَبانُها يخشى التُرابا

تُحدِّثُ عن مَخاوفِ باعِثيها

حَديثاً يَبعثُ العَجَبَ العُجابا

دعتهم للوغَى بِيضُ المواضِي

وصَيَّرتِ السِّهامَ لهم خطابا

ولو ملكَتْ مَسامِعَهُم فَلَبَّوا

لمَا مَلكوا الجماجمَ والرقابا

لَوَ اَنَّ الحصنَ أُوتِيَ ما تمنَّى

أبى إلا هُوِيّاً وانقلابا

رَماهُ مُحمّدٌ فألحَّ حتّى

لأوشكَ أن يقولَ كفى عِقابا

يَظلُّ الظّرْبُ يحملَ منه طوداً

طوَى الأطوادَ وانتظمَ الهضابا

وأمْسَكَ هذه الدنيا فأمستْ

وما تخشَى الزَّوالَ ولا الذَّهابا

لواءُ الفتحِ في يدهِ رَهِينٌ

بصاحِبه الذي فاقَ الصّحابا

يُشيرُ إليهِ مُحتجباً بوصفٍ

يكادُ سَناهُ يَخترقُ الحِجابا

ويذكره وبالفاروقِ حِرصٌ

على أن ليس يَعدوه انتخابا

عليٌّ للعُقابِ وما عليٌّ

سِوى البطلِ الذي يحمي العُقابا

شِهابُ الحربِ لا عَجَبٌ ولكن

عَجِبْتُ لِفَرْقَدٍ قادَ الشّهابا

رسولٌ جاءَ بالفَرَجِ المُرَجَّى

وبالنُّور الذي كشفَ الضَّبابا

تقدَّمْ يا علِيُّ رَعاكَ ربٌّ

كَفَى عَينيكَ دَاءَكَ والعِصابا

بِطبِّ مُحمَّدٍ أدركتَ ما لو

أراد الطِّبُّ أعجزه طِلابا

شَفَى الرَّمَدَ الذي آذاكَ حِيناً

وكان لِعزمِكَ الماضي قِرابا

خُذِ السَّيفَ الذي أعطاكَ واصْدَعْ

ببأسِكَ هذهِ الصُمَّ الصّلابا

حُصُونٌ كلما زِيدَتْ دُعاءً

إلى البيضاء زادتها اجتنابا

تُحِبُّ الكبرَ لا ترضَى سِواهُ

على آفاتِه خُلُقاً ودابا

تقدّمْ ما لصيدِكَ من قرارٍ

إذا لم تُؤْتهِ ظُفراً ونابا

خُذِ الذِّئبَ اللعينَ ولا تَدَعْهُ

صُدُودَ اللّيثِ يَحتقِرُ الذئابا

كفى بالحارثِ المغرورِ عِلماً

لِمن رُزِقَ الغَبَاءَ ومَنْ تَغابى

أرقتَ حَياتَهُ فأرقتَ منها

صَرِيحَ الكُفْرِ يأبى أن يُشابا

وَرُعْتَ به أَدِيمَ الأرضِ لمّا

جَعلتَ عليه من دَمِه خِضابا

تَخَيَّلَ مرْحَبٌ ما ليس حَقّاً

وَمنَّتْهُ الظُّنونُ مُنىً كِذابا

مشى يَختالُ مُرتجزاً فَلاقَى

قضاءَ اللَّهِ ينسربُ انسرابا

سَقاهُ الموتَ أبيضُ مَشْرَفيٌّ

يُذيبُ الموتَ يجعله شرابا

لَكَ الويلاتُ من مَلِكٍ غَوِيٍّ

أحيطَ بِمُلكهِ فهوى وذابا

أعدَّتْهُ اليهودُ لكلِّ خَطبٍ

فَضَلَّ رَجاؤُهم فيهِ وخابا

أما نَظروه مأخوذاً ببأسٍ

يَهُدُّ البأسَ أخْذاً واستلابا

وكلُّ مُغالبٍ فَلَهُ عليٌّ

غَداةَ الكَرِّ يأخُذه غِلابا

تَوثَّبَ ياسِرٌ فَتَلَقَّفَتْهُ

مَخالِبُ فاتكٍ ألِفَ الوِثابا

أما سمعَتْهُ خيبرُ حين يَهذِي

فَصَدَّتْ عنه تُوجِعه عتابا

ولو تَسْطِيعُ لاتَّخذَتْ حَياءً

من البيضِ الرقاقِ لها نِقابا

غُرَابُ الشُّؤْمِ يَفزِعُها نَعيباً

فيا لكِ بُومةً وَلَدتْ غُرابا

فتىً شاكي السِّلاحِ ولا سلاحٌ

لِمَنْ يَبغِي مِنَ الموتِ اقترابا

ألا إنّ الزُّبيرَ لذو بلاءٍ

وإن خَشِيَتْ صَفِيَّةُ أن يُصابا

حَوَارِيُّ الرسُولِ يَكونُ منه

بِحيثُ يُريدُ صَبراً واحتسابا

تجلَّتْ غُرّةُ الفتحِ المُرَجَّى

وأمْسَى النَّسْرُ قد طَرَد الذُّبابا

وأعولتِ النّطاةُ لِفَقْدِ حِصنٍ

يَعُمُّ يَهودَ شَجْواً وانتحابا

هو البأسُ المُدَمِّرُ يا عَلِيٌّ

فَدَعْ آطامَها العُليا يَبابا

وحِصْنُ الصَّعْبِ أذعنَ بعد كبرٍ

وأعلنَ بعد غِلظتِهِ المَتابا

وأَدَّى ما أعَدَّ القومُ فيهِ

فأمسَى بين أعْيُنِهمْ نِهابا

ورَاحَ المسلمونَ بخيرِ حالٍ

ولولا اللَّهُ ما برحوا سِغابا

أتاح لهم على الضَّرَّاءِ رِزقاً

فأمسى اليُسْرُ بعد العُسْرِ ثابا

مَغانِمُ من عَتَادِ القومِ شَتَّى

تُجاوِزُ حين تُحصِيها الحِسابا

كفى بالصّبرِ للأقوامِ عَوْناً

إذا حَدَثٌ من الأحْداثِ نابا

وما أمرُ اليهودِ إلى صلاحٍ

إذا الدّاعي إلى الهيجا أهابا

مَشَى لهمُ الحُبابُ يَجُرُّ جيشاً

شَدِيدَ البأسِ يلتهبُ التهابا

فَزلزَلَ حِصنَهم حتّى لَوَدُّوا

لوَ اَنّ لهُ إلى الطيرِ انتسابا

ولو مَلَكَ الجنَاحَ لطار يَطوي

طِباقَ الجوِّ ذُعْراً وَارْتِعَابا

تَنَادَوْا للقتالِ فبادَرْتهُم

سُيوفُ اللَّهِ شَيِّقَةً طِرابا

وليس لقومِ يُوشَعَ من بَقاءٍ

إذا طعموا الطعانَ أو الضّرابا

عُبابُ الموتِ يَملكُ جَانِبَيْهِمْ

فَنِعمَ القومُ إن مَلكوا العُبابا

تَتابعتِ الفتوحُ مُحَجَّلاتٍ

تَزيدُ يَهودَ حُزناً واكتئابا

أُصيبوا بالقوارِعِ راجفاتٍ

تَهُدُّ الشِّيبَ منهم والشَّبابا

فَتِلكَ حُصونُهم أمْسَتْ خَلاءً

كأنْ لم يَعمروا منها جَنابا

تَساقَوْا بالعَرَاءِ الذُّلَّ مُرّاً

يَوَدُّ طُغاتُهم لو كانَ صَابا

وألْقَوْا بالسِّلاحِ وما أصابوا

من الأموالِ جَمعاً واكتسابا

وضَاقُوا بالجلاءِ فأدركتْهُمْ

عَواطِفُ مُحْسِنٍ تَسَعُ الرُحابا

أصابوا من رسولِ اللهِ مَوْلىً

يَتوبُ على المُسيءِ إذا أنابا

قَضَى لهم القضاءَ فلا انتزاحاً

لَقُوا بعد المُقَامِ ولا اغترابا

ثَوَوْا في الأرضِ عُمَّالاً عليها

يُؤَدُّونَ الإتاوةَ والنِّصابا

وُلاةُ الزَّرْعِ للإسلامِ منهم

شَرِيكٌ ليس يُظلمُ أو يُحابى

هُداةُ النَّاسِ أرشدُهُمْ سَبيلاً

وأحْسَنُهمْ إذا انقلبوا مآبا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

442

قصيدة

1

الاقتباسات

686

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة