الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » حال بيني وبين شكري التراب

عدد الابيات : 42

طباعة

حال بيني وبين شكري التراب

إذ قضى نحبه فجل المصاب

مات شكري فلا تحف بشكري

بعد هذا رفاقه والصحاب

مات شكري فأنت إن تدعه اليوم

لأمر لم يأت منه جواب

مات شكري فما لشكري على الأرض

كما كان جيئته وذهاب

جر شكري من بين أهل وصحب

قدر من داء به غلاب

فاض قبل الوداع أوان نراه

مثلما في النهار يهوى شهاب

قد بكته الأقلام منكسرات

وبكته الأخلاق والآداب

لا أرى في جو الحياة صفاء

أعلى وجهه الجميل ضباب

قد أتاني نعيه باغتا فان

تَفضت في جثماني الأعصاب

فكأني هناك قد صعقني

كهرباء أو مزقتني حراب

اشرب الدمع بعده من لهابي

ثم ما أن يزول عني اللهاب

تتدانى من جو نفسي هموم

عند ذكراه ثم لا تنجاب

لم يكن ما أصوبه بدموع

إنها حزن في عيوني مذاب

أيها الموت قد أسأت ولكن

أيها الموت ما عليك عتاب

رحب القبر في الغداة بشكري

وعسى أن يسره الترحاب

ما انتفاع الأديب في الشرق يحيا

من حياة جميعها أتعاب

حملوه وبعد أن حملوه

دفنوه في حضرة ثم آبوا

أخذوا يحثون التراب عليه

أعلى ذلك الوجه يحثى التراب

لم أعب منه خلة في حياتي

ولقد قل صاحب لا يعاب

ليس ناس في الأرض طابوا فماتوا

مثل ناس في الأرض ماتوا فطابوا

أترى من فات المحاريب سبقا

كبطيء يفوته المحراب

ولقد كان كاتبا عبقريا

وأديبا مصرحا لا يهاب

آخذا في الشعر التجدد دينا

وهو فيما يدين لا يرتاب

كم له في نصر الجديد من

الشعر براهين دونهن الحراب

ضرب الصبح الليل والليل عات

بحسام فانشق منه الأهاب

إن للشعر في العراق لأذنا

با طوالا لو تبتر الأذناب

وإذا الشعر لم يمارسه ناس

نبغوا لا يكون فيه انقلاب

إنما هذه الحياة كنهر

صاخب في طريقه ينساب

فإذا ما البحر خالط يوما

فهو لا سائب ولا صخاب

وكأن الزمان بحر خضم

وكأن الإنسان فيه حباب

وسيبقى سر الزمان خفيا

عن بنيها حق يحاط الحجاب

ولها أسباب تقيها المنايا

فإذا اختلت تقتل الأسباب

إنما هذه الطبيعة سفر

تتهجى عنوانه الألباب

لا تثق بالعباب قد فاض يرغى

فإذا غاض البحر غاض العباب

ليس في العيش ما أسبح بال

حمد له غير أنه خلاب

ليس بعد الحياة إلا بوار

ليس بعد العمران إلا الخراب

ليست الأرض غير مقبرة

للناس منها بدوا وفيها غابوا

تدرك الشيوخ المنايا

مات فيهم فابنوه الشباب

لست أدري إذا قضى الدهر فينا

أثواب فيه الردى أم عتاب

ترى أنها وليدة أجادلنا

مكتوب عليها التباب

أم تراها تطير في الموت عنا

مثل أسراب خلفها أسراب

ولها في انطلاقها طائرات

سبل في هذا الفضاء رحاب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

138

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة