الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » يا مصر فيك الشعر مات اميره

عدد الابيات : 100

طباعة

يا مصر فيك الشعر مات اميره

وانقض يصرخ تاجه وسريره

في الصدر منه لاعج صعب على

غير الدموع ذريفة تصويره

لا يستخف بما يعالج من اسىً

الا الذي قد مات منه ضميره

يا مصر حزنك سوف يبقى لادغا

حتى يجيئ اليك منك نظيره

قد كنت يا شوقي لمصر كوكبا

يهدي بنيها للسلامة نوره

واذا تباطأ عن طلاب حقوقه

شعب فانك انت كنت تثيره

واذا تكبل لم يعز عليك في

وقت بمالك من يد تحريره

مالي اراك قد انطفأت لغير ما

سبب بليل مطبق ديجوره

واذا اراد الله امراً لم يكن

في وسع عبد عاجز تأخيره

والمرء حين يروم نقض قضائه

لا عقله كاف ولا تدبيره

للناس من شعر تركت جمال

تشدو به من بعدك الاجيال

سيقام تمثال لشخصك رائع

فيكون شعراً ذلك التمثال

بالامس كنت لعارفيك حقيقة

ملموسة واليوم انت خيال

ولانت مبق في زوالك عندهم

لك ذكريات ما لهن زوال

لو كانت الاوقات ذات ضمائر

لبكى الغدو عليك والآصال

بقيت من الاداب او شال لنا

فوددت ان لا تذهب الاوشال

ان الحياة لمشكلات كلها

اما المنون فوحده الحلال

بعد المنية وهي غير بعيدة

لا مشكل يبقى ولا اشكال

لا ويل للميت الذي انفسحت له

من كل قلب روضة محلال

الويل كل الويل للحي الذي

في نفسه قد ماتت الآمال

كثر الألى قد انبوك دفينا

والباكيات عليك والباكونا

ما كنت تسمع يوم دفنك في الثرى

الا نشيجا خانقا وانينا

اكبر بيومك انه يوم به

قد فجر الحزن العميق عيونا

يا راحلين لغير عود اننا

لا نستطيع فراقكم فخذونا

يا واردي حوض المنية قبلنا

ما اعذب الحوض الذي تردونا

سيروا خفافا ان اردتم اوقفوا

انا على آثاركم آتونا

يا بيت آمالي انهدمت وانما

قد كنت آمل ان تكون رصينا

ما كنت اعرف قدر شعرك قبلما

وفرت في تجديده التحسينا

لك في روايات نظمت فصولها

درجات فضل هن عليّونا

قد كنت تقتحم الصعاب مغامرا

حينا وتجنح للسلامة حينا

في قلب مصر وبالجزيرة ياس

كادت به تتقطع الانفاس

اهوى من الشعراء رأس شامخ

والراس فيه الفكر والاحساس

لا ويل في موت بعضو قد طحا

بل انه في ان يموت الراس

في كل شبر قد توارى فاضل

يا ويح مصر كلها ارماس

ركب الامير يجد صهوة نعشه

ودنا الرحيل ورنت الاجراس

ومشى يشيع نعشه متلهفا

من كل حزب امة اجناس

في موكب ضخم قد اشتركت معاً

فيه الملائك خشعاً والناس

وضعوا امير الشعر في ديماسه

فحنا عليه يضمه الديماس

لهفي عليه موسداً في حفرة

معزولة ما ان لها حرّاس

وعلى الذكاء فقد خبت نيرانه

اما الرماد فانه اكداس

الزهر اكبر مصرع الصيداح

فبكت عليه شقائق واقاح

في الروض للاحزان اصبح مشهداً

ما كان قبلا منه للافراح

كم اصغت الازهار فيه للحنه

في ليلة بيضاء ذات وشاح

طافت بكرمته الجميلة برهة

شعراء عن وجد بهم ملحاح

كانت علاقتهم به في ظلها

كعلاقة الاجساد بالارواح

اطلعت صبحاً من قريضك مسفراً

والصبح اعرفه من الاوضاح

قد كنت اول شاعر بثّ الهدى

للناس فيما جاء من الواح

اما يراعك فهو معزوّله

ما تم للآداب من اصلاح

يا كوكبا قد كان يمحو نوره

صدأ الدجى احسن به من ماح

لقد انطفأت وما هنالك موجب

الا نفاد الزيت في المصباح

من كل زهر قد جمعت قليلا

وجعلت منه لقبره اكليلا

اجملته في باقة خلابة

من بعد ما فصلته تفصيلا

فتظن ابيضا اشعة كوكب

وتخال احمرها دما مطلولا

كنا سيوفا للقراع ثلاثة

نحمي فكنت الثالث المفلولا

يا نفس اورى من اساك ذبالة

فاخاف ليلك ان يكون طويلا

حملوه من قصر له فخم الا

ملحودة ما اعظم المحمولا

ولقد شجت خلف الضعائن نسوة

يملأن اجواز الفضاء عويلا

يا دافن السيف المذّرب انني

لأراك عما جئته مسؤولا

ماذا ليوم الروع عنه اعتضته

لما غمدت الصارم المصقولا

لا والذي اعطى القليل شجاعة

ما كنت خوارا ولا اجفيلا

ما الروض بعد البلبل المترنم

للناظرين اليه بالمتبسم

فكأنما نسرينه وشقيقه

وخزامه وعراره في مأتم

ان الحياة وغى وليس بظافر

في خوضها غير الكمى المعلم

اني لقد طاشت سهامي كلها

فرميت قوسي من يدى واسهمي

الموت ينظرني ويبسم كاشرا

عن نابه كالمارد المتهكم

واذا نظرت الى القبور وجدتها

كفلول جيش في العراء مخيم

راسل ذويها لو اجابوا سائلا

واجعل مدادك يا يراعي من دمى

سلهم أهم في سلوة من عيشهم

ام انهم في ضجرة المتبرم

اسعد بارواح نجون من الردى

فطلعن في عرض السماء كانجم

علمت نواميس الحياة جميعها

اما الحياة فانها لم تعلم

قد سرت بين نواظر ودموع

تجتاز ينبوعا الى ينبوع

كانت احايين الفراق شديدة

واشد منها ساعة التوديع

والشعب خلف النعش يمشي صامتا

في رعشة تنتابه وخشوع

فيد على عين له ذرافةذ

ويد على قلب له مصدوع

اما الكلام فكان همسا كله

لا شيء فيهم منه بالمسموع

من كان منهم قد تأخر خطوه

سبقته ادمعه الى التشييع

سيظل قلبي في الجوانح مزعجي

حتى تسيل مع الركاب دموعي

رجع الألى قد شيعوه كلهم

الا دموع الثاكل المفجوع

لم ادر ساعة لي نعاه نعيه

ماذا اصاب القلب تحت ضلوعي

القلب يأمر يا عيوني بالبكى

من بعد كل عشية فاطيعي

ابكي بليل حف بالظلمات

مستعبراً والليل للعبرات

ابكي اذا استذكرت شعرك مجهشا

بعد الهدوء ووقفة الحركات

ابكي حياتك آسفا لذهابها

قبلي وابكي من بقاء حياتي

قد سار قبلك حافظ فتبعته

وبقيت وحدي اليوم للنكبات

يا صاحبي قفا قليلا انني

عما قريب فانظراني آت

ان مت تحزن في العراق احبتي

حينا وتفرح في العراق عداتي

واود لو راموا انتقادي ميتا

ان لا يكون من العداة قضاتي

لم يبق من جيل تقضى عهده

الا بقايا اعظم نخرات

يا قبر شوقي انني من ادمعي

مهد اليك قصائداً عطرات

من ذا يسد على الرياض انيقة

عند الصباح منافذ النسمات

خرت لعزة شعرك الشعراء

فكأنهم ارض وانت سماء

ما كنت الا كوكبا متوقدا

قد خر منحدراً له ضوضاء

كنا نرى ما كان ضوءك فاعلا

فلننتظر ماتفعل الظلماء

من بعد در كنت تنظم عقده

برزت تريد لتلمع الحصباء

لفظ جميل فيه معنى رائع

هو في المعاني وحده العذراء

اليوم باق للقريض بحوضه

ماء واخشى ان يجف الماء

ولقد خفيت على ظهورك مدة

عن اعيني ومن الظهور خفاء

جلل مصابك انه اهتزت له

اعلام مصر وماجت الدأماء

عجلت في الترحال يا شوقي وقد

بقيت هنالك لم تقل اشياء

قالوا سينغ عبقري مثله

قلنا بلى لو انجب الآباء

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

138

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة